تبذل الإمارات العربية المتحدة، وساطة بين المملكة السعودية و"أنصار الله" (الحوثيين)، للتقريب بين الطرفين، وإزالة القضايا العالقة في علاقاتهما المتوترة منذ العام 2007، حين تواجها في حرب عسكرية. وكشفت مصادر سياسية مطلعة ل"الأولى" أن الإمارات بدأت جهودها باستقبال علي البخيتي كموفد رسمي ل"أنصار الله"، والذي عاد إلى صنعاء قبل يومين، بعد زيارة لأبوظبي استغرقت 3 أيام. وأجرى مسؤولون إماراتيون مباحثات مع البخيتي، حول موضوع علاقة جماعته بالمملكة العربية السعودية. وينتشر الحوثيون في مناطق على حدود طويلة بين اليمن والمملكة، وشهدت الحدود حالة هدوء دائمة منذ وضعت الحرب السعودية ضد الحوثيين أوزارها، حيث يحكم مقاتلو الجماعة قبضتهم على الشريط الحدودي على الجانب اليمني والمناطق المحاذية له، واستطاعوا خلال السنوات الماضية الحد من حركة تهريب المخدرات والسلاح التي كانت نشطة في تلك المناطق. وحاولت "الأولى" الحصول على تفاصيل أكثر بشأن الوساطة الإمارتية، ونتائج زيارة البخيتي إلى أبوظبي، إلا أن الجماعة وموفدها رفضا الإدلاء بأي تعليق على ذلك، ولكنهما لم ينفيا صحة الخبر. الحوثيون يقدمون أنفسهم كحركة قادرة على تحمل مسؤولية علاقات حسن الجوار مع المملكة، بما يشمل عدم السماح بأي أنشطة تمس الحدود الجنوبية للسعودية. ويقولون في خطابهم الإعلامي إن سنوات تواجدهم في المناطق المجاورة لم تشهد أي خرق أمني لحدود المملكة، لا من قبلهم ولا من قبل أي تنظيمات أخرى، خصوصا تنظيم القاعدة، وهو عكس ما يحدث في أماكن أخرى من الشريط الحدودي. وتخشى الرياض نتائج فكي الكماشة اللذين تقع وسطهما: من الشمال تنظيم "داعش" الذي ينتشر على حدودها من العراق، ومن الجنوب تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي ينتشر في اليمن، ونفذ مؤخرا عملية استهدفت مركزا حدوديا، إضافة لمخاوفها التقليدية ناحية الحوثيين الذين تتهمهم بالارتباط بخصمها الإقليمي: إيران، لكن الحوثيين تبنوا خلال العامين الأخيرين سياسات متزنة تجاه الرياض، حيث لم يصعدوا معها أية نبرة عدائية، رغم النتائج الكارثية للحرب السعودية ضدهم، وهي النتائج التي لا تزال ماثلة حتى الآن، وبرغم أيضا مرور العلاقات الصراعية بين الرياض وطهران، خلال هذه الأعوام، بمنعطفات بلغ الصراع فيها أحيانا ذروته، خصوصا بسبب الأزمة في سوريا. وأدرجت المملكة السعودية، قبل شهرين، حركة الحوثيين ضمن قائمة "الإرهاب" التي أصدرتها وزارة داخليتها، وشملت حركات أخرى على رأسها جماعة "الإخوان المسلمين". واكتفى عبدالملك الحوثي، زعيم "أنصار الله"، بتوجيه خطاب بدا أقرب إلى العتاب، ردا على الخطوة السعودية، وتساءل عما إذا كانت هذه الخطوة تأتي بدافع تلافي "الإحراج" الذي كان سيتسبب به للمملكة قيامها بتصنيف حركات سنية في قائمة الإرهاب، وعدم تصنيف حركات أخرى شيعية. يشار إلى أن مساعي الوساطة الإماراتية تأتي في ظل تصاعد الأزمة على الطرف المقابل بين أبوظبي وجماعة الإخوان المسلمين، وهي نفس علاقة التوتر القائمة بين الرياض و"الإخوان" بشكل عام، لكنه توتر يخف بالنسبة لعلاقة السعودية مع "إخوان" اليمن بشكل خاص، حيث يرتبط الطرفان بتاريخ من العلاقات الخاصة، بحكم أن إخوان اليمن على قربٍ جغرافي لصيق بالمملكة، وبحكم عوامل أخرى. بينما الحوثيون، من جهتهم، يعيشون حالة حرب مع "الإخوان"، وهي حرب تتنقل في أكثر من منطقة، وفيما انتهت إحدى جولاتها أخيرا بإسقاط محافظة ومدينة عمران في أيدي الحوثيين، فقد انتقلت حاليا الى محافظة الجوف المتاخمة أيضا للحدود السعودية. يشار أيضا إلى أن الرياض تبذل حاليا مساعي لإجبار الأطراف اليمنية في صنعاء على إجراء مصالحة وطنية، بعد 4 سنوات من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.