إنه أمر مستغرب بالتأكيد في ظل الحرب العالمية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، أن نسمع صوتاً قادماً من الغرب، ومن الولاياتالمتحدةالأمريكية تحديداً، يقول: شكراً داعش! ديفيد هورويتز، وهو أحد مؤسسي اليسار الجديد في الستينيات، ورئيس تحرير أكبر مجلة للحزب، وهي رامبارتس، كتب مقالاً على صفحات مجلة فرونت بيج الأمريكية، تحت عنوان: “شكراً داعش”. وفي هذا المقال، يقدم هورويتز شكره لهذا التنظيم لما قدمه من فائدة للغرب، وخصوصاً للمجتمع الأمريكي، من خلال قيامه بقطع رؤوس الأبرياء من البشر. الكاتب، والذي يعد واحداً من المحافظين الجدد الأكثر عدائيةً للإسلام في الولاياتالمتحدة، يؤكد في مقاله على أن تصرفات داعش منحت خطابه نوعاً من الشرعية، حيث حذر لسنوات من خطر رغبة معتنقي الدين الإسلامي بالهيمنة على العالم دون أن يصغي إليه الكثيرون في الغرب، واصفين إياه بالعنصرية، وبكره الإسلام. واليوم، يجد الكاتب أن تصرفات داعش أكدت مخاوفه، وهو يشكر التنظيم لقيامه بهذه التصرفات، وإيقاظه للوعي العام الغربي حول خطورة ما يسميه الكاتب ب “همجية الحرب الإسلامية ضد الغرب”. وهنا مقتطفات من نص مقال هورويتز: “إن قطع رؤوس الأبرياء من البشر هو عمل وحشي بشكل لا يوصف، ويعكس همجية “الحرب المقدسة” الإسلامية ضد الغرب، ضدنا. ولكن، وعلى الرغم من نوايا مرتكبي هذا العمل، إلا أنه كان ذا فائدة غير متوقعة. حيث إن هذه الصور البشعة دخلت غرف معيشة ووعي الأمريكيين العاديين، وأفاقتهم من سباتهم”. “وحشية الحركة الإسلامية من آجل الهيمنة على العالم كانت واضحة لعقود في الواقع. كانت واضحة في التفجير الانتحاري في مجمع البحرية في لبنان في عام 1982؛ في تفجير مركز التجارة العالمي في عام 1993؛ في الهجمات الانتحارية على اليهود؛ في هجمات 9/11 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في عام 2001؛ وفي قطع الرؤوس الذي ارتكب في العراق من قبل تنظيم القاعدة بقيادة أبي مصعب الزرقاوي”. “وللأسف، كان الرد على هؤلاء الوحوش من جانب الحزب الديمقراطي، والنخب الليبرالية، هو إدانة وتهميش أي أحد يصفهم بالبربرية. وفي نظرهم، استخدام كلمة “بربرية” لوصف أعمال أي شعب في العالم الثالث هي نوع من العنصرية. والربط بين الإسلام والإسلاميين كان يعد كرهاً للإسلام. والرئيس أوباما ما زال محاصراً بهذه الدوامة، نافياً في كلمات كثيرة جداً أن أفعال “الدولة الإسلامية” هي إسلامية. وحتى سلف أوباما، جورج دبليو بوش، لم يصف العدو على أنه إسلامي. واستقر على “الحرب على الإرهاب” كمصطلح وصفي للالتفاف حول حقيقة أن الوحشية لم تكن بدافع من العدمية، ولكن من الإيمان الإسلامي. وذهب الديمقراطيون بقيادة أوباما إلى أعمق من ذلك، من خلال استبعاد مصطلح “الحرب على الإرهاب” من مفردات الحكومة، واستبداله ب “عمليات الطوارئ في الخارج”. “ولأكثر من عقد من الزمان، حاولت حفنة من المحافظين، وكنت واحداً منهم، أن تدق ناقوس الخطر حول التهديد الإسلامي. ولقيامنا بهذا الجهد، كنا نتعرض للسخرية، ونوصف بالمتعصبين، ونهمش باعتبارنا نكره الإسلام. وفي عام 2004، نشرت كتاباً بعنوان: “التحالف غير المقدس”، حول الحركة الإسلامية والدعم الذي كانت تتلقاه من اليسار الأمريكي. ورد علي حينها الأستاذ في جامعة هارفارد والخبير في الإسلام، نوح فيلدمان، واصفاً اياي ب “بقايا الجثة” في صحيفة نيويورك تايمز. وكانت تلك آخر مرة تقوم بها الصحيفة المذكورة بمراجعة واحد من كتبي”. “ثم جاءت داعش. الصور المروعة لقطع الرؤوس، وتقارير المذابح الجماعية، والتهديدات للوطن الأمريكي، أنجزت ما كانت مجموعتنا الصغيرة من المحافظين المحاصرين غير قادرة أبداً على تحقيقه. لقد جلبوا هذه الصور من وحشية المتعصبين الإسلاميين إلى غرف معيشة الرأي العام الأمريكي، وفجأةً بدأت اللغة المقبولة لوصف العدو تتغير. أوصاف مثل: الهمج، والبرابرة، بدأت تنتشر على ألسنة المراقبين والمحللين والمعلقين في نشرات الأخبار المسائية، وهم الذين لم يحلموا يوماً بأن يستطيعوا عبور هذا الخط، خوفاً من إغضاب الرأي العام السياسي. تقريباً كل منظمة إسلامية كبرى في أمريكا هي ذراع لجماعة الإخوان المسلمين، ومنبع للإرهاب الإسلامي”.