عظيمة تلك المليونيات التي قامت في كل الميادين الجنوبية وقد بذلت الجماهير كل ما تستطيعه وستقدم المزيد, ولكن ماذا قدمت المكونات من القادة الذين نعتبرهم تاريخيين . ماذا قدم هؤلاء القادة ؟ .. هؤلاء من يسمون بالقادة لم يقدموا للشعب الجنوبي الصامد سوى الإحباط واليأس، لم تنتج إلا التشرذم والتفرق ومزيداً من الصراعات والأحقاد التي انعكست مساوئها على شعب الجنوب في ساحات وميادين النضال السلمي .. هؤلاء القادة لم يرتقوا بحجم الوطن في الجنوب .. كل واحد منهم يريد أن يصادر رأي الآخرين ويفرض عليهم رأيه، وأن يختزل الجنوب وشعبه في شخصه وفي مكونه . يا قادة الجنوب، شعبنا الجنوبي سئم تصريحاتكم الغوغائية، ويريد منكم ربط الأقوال بالأفعال .. كفى شجب واستنكار .. إحدى عشر مليون لم يلتفت إليها ل العالم ولا الإقليم، هل لأن العالم أجمع مصاب بعمى الألوان أم إننا كشعب أو قيادة مصابون نحن بعمى الألوان .. الشارع الجنوبي صامد في الساحات والميادين، وعليه أن يتحرر من تبعية فلان من القادة أو علان، إذا مرت السنون وهو – محلك راوح – لم يتحرك نضاله السلمي خطوة واحدة إلى الأمام .. فشعب الجنوب يجب أن يعرف أن سبب تأخره وسبب تجاهل المجتمع الدولي لقضيته، هو العلة في قياداته التي شاخت وهي على ما شبّت عليه من أفكار ورؤى .. العالم تغير وأصبحت معطيات الواقع ليست هي معطياته في أواخر القرن المنصرم .. يجب أن نتكيف مع المتغيرات المتسارعة في العالم أجمع، الحزب الواحد والرأي الواحد والصوت الواحد لم يعد له مكان في واقع اليوم .. قيادات الجنوب في الداخل وعلى الأخص في الخارج لم ترتق بعد إلى مستوى المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها .. لم تفكر إلا في الأعداد والتحضر لخطاب سياسي من مناسبة لأخرى حتى أصبح النضال السلمي في نظر هؤلاء القادة، ليس إلا ظاهرة سياسية تفتقد إلى العمل السياسي . لم يعد لقياداتنا أي دور ملموس في التأثير على مواقع القرار الإقليمي والدولي، وكأن الجنوب ودولة الجنوب ستأتي «طواعية» ودون أي جهود يبذلها القادة، حتى إعلامنا الجنوبي صار ضعيفاً وتقزم أمام الإعلام الرسمي .. أتذكر مع بزوغ فجر الحراك السلمي في منتصف العام 2007م أن الساحات والميادين كانت مكتظة بالحشود، ليس في المدن، بل وحتى في المناطق والقرى النائية، واليوم نرى ساحات وميادين الحرية تكاد تخلو من تلك الحشود المكتظة بالملايين، لا بد أن هناك أسباب لهذا العزوف عن الميادين، وأولها الإحباط الذي أصاب شعبنا الجنوبي الصامد جراء الانقسامات والاختلافات بين القيادات، والتي عكست نفسها على الحشود في الساحات سلباً، بداية الانقسامات كان من نتائجها انقسام المجلس الأعلى إلى شقين، كل منهما يريد الزعامة .. هذه الزعامة التي كانت وبالاً على شعبنا الجنوبي الصامد .. تيار البيض، تيار باعوم، وتيار الفيدرالية وتيار كذا وكذا ...الخ . انقسامات شرذمت وحدة الصف الجنوبي وتحديداً الشارع الجنوبي الذي يكاد أن يصاب بالإحباط .. نريد التوعية الإيجابية للشارع الجنوبي بواسطة المثقفين وخطباء المساجد والساحات ووسائل الإعلام المختلفة .. كفى يكفي لقد طفح الإناء .. نريد الشارع الجنوبي أن يقف في وجه القيادات التي شاخت ولم تعد قادرة على الاستمرار والتطور وإيصال قضية الجنوب إلى بر الأمان .. مليونيات ومظاهرات صاخبة لن تجد نفعاً إذا لم تكن مسنودة بحامل سياسي قادر على إخراج تلك الملايين إلى بر الأمان .. فالثورات كما أثبتت تجارب الشعوب يتطلب نجاحها بوجود عاملين، عامل داخلي شعبي وعامل خارجي لضمان نجاحها . إلا أن العامل الخارجي ليساً معك البتة، فقياداتنا فقدت صوابها وصارت لا تبحث إلا عن الشهرة والمجد وشهوة التسلط الأبدي .. لم تستطع التعامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية ولم تقتنص الفرص في حينها .. كفانا ظاهرة صوتية، وكفانا شجباً وتنديداً، وكفانا «لا يعنينا» وبالتالي كان مصيرنا في خبر «كان» . نحن بحاجة إلى تغيير إستراتيجياتنا وفق الممكن، لأن السياسة هي فن الممكن كما يقولون .. نحن بحاجة إلى أن نكون أحرار في طرح أفكارنا ورؤانا بقوة .. لا نريد أن نكرر سيناريو الماضي العقيم بمآسيه وويلاته، وأن نقول لقياداتنا «لقد سئمنا من مناكفاتكم وصراعاتكم، سئمنا من الإحباط الذي أصابنا من الإقصاء والتخوين، وعليكم أن تتركوا الفرصة لغيركم من الطاقات الشبابية القادرة على العطاء- ولكن ليس القيادات الغوغائية وقيادة شعب الجنوب الصامد إلى بر الأمان، ليحقق إرادته وتطلعاته المنشودة إن كنتم فاشلين» .. هل تقدم الشعب عليكم بخطوات تقاس مسافاتها بالسنين الضوئية، فيما خطوات المكونات والقادة في الفعل السياسي المحلي والإقليمي والدولي لم تصل حتى إلى سرعة السلحفاة ؟!!. الشعب قدم كل ما عنده , فلماذا المكونات والقيادات تصر على أن تبخس وتنثر كل جهود الشعب المكافح الصابر الصامد ؟ ولماذا تصر بمناوراتها وأمراضها السابقة على أن تنثرها في العراء وفي يوم رياحه لا تتوقف ؟ هل هي تدرك ما تقوم به ؟ أم إنها تجهل العمل السياسي ولا تعرف حتى أبجدياته البسيطة . أم أنها والله اعلم ؟ المليونيات قامت بكل شيء تقريباً , قدمت الضحايا على مذبح البحث عن الحرية والكرامة , وقدمت المال وقدمت الدماء والأنفس , وعرفت القاصي والداني بالقضية حتى أصبح الكون يعلم بأن هناك حراك شعبي جنوبياً عظيماً !! , لكن وآه من لكن للأسف العالم في نفس الوقت عرف أنه لا توجد قيادة سياسية ذكية تعرف تقرأ الواقع وتستشرف المستقبل وكما يقال ( تعرف من أين تؤكل الكتف ) !! والعالم والإقليم عرفا أن محامي القضية والحراك الشعبي فاشلون ولا يمتلكون المقدرة على الأبرار بها إلى شاطئ النهاية السعيدة «شاطئ الأمان « . مهما دبجنا الكلمات المعبرة لنعطي هذا الشعب حقه , فأننا نظل مقصرين , ومهما انتقدنا القيادات فأننا والله أعلم، نغني بجانب أصم وأبكم والعياذ بالله . القيادات المحنطة والتي تعتمد أسلوب البروباجندا التي مضى زمنها, مطالبة اليوم بأن تتعامل بالسياسة وليس بالضرورة اعتبار أو الإقرار بما يتحقق اليوم وإن اختلفنا معه من حيث عدم استيعابه لكل مطالبنا , فعلى الأقل التأسيس مع عدم الاستكانة بأن هذا هو نهاية النضال بل هو البداية فقط , ومن حقنا أن نستمر في الوصول إلى آخر هدف في مطالبنا واتباع سياسة الخطوة خطوة , المهم أن ندرك الحقيقة ونفهم الواقع حتى لايكون الندم بعد فوات الأوان .. ولحديث صله