تمثل واقعة اللقاء بين الرئيس "عبدربه منصور هادي" والقيادي البارز في الحراك الجنوبي "ناصر النوبة" نقطة هامة في تاريخ الحركة الاحتجاجية في جنوباليمن التي نادت منذ العام 2007 باستقلال الجنوب عن الشمال . بابتسامة عريضة وأيادي متصافحة ظهر الرجلان "هادي" والنوبة" في صورة وزعت لوسائل الإعلام المحلية وباتت الصورة الأكثر تداولا وإثارة للجدل خلال ساعات فقط على صفحات مواقع التواصل الاجتماعية .
منذ الإطاحة بحكم الرئيس اليمني السابق "علي صالح" في العام 2011 بدأ الرئيس "عبدربه منصور هادي" الذي ينحدر من الجنوب بالتقرب إلى قطاعات واسعة في الجنوب حيث هناك حيث ظلم السكان لعقود طويلة من حكم الرئيس اليمني السابق "علي صالح".
يؤكد هادي مرارا على ضرورة معالجة مظالم الجنوبيين ويقول انه يسعى لحل هذه المظالم ولأول مرة منذ عقود وفي حكم هادي فقط اعترفت الحكومة اليمنية بارتكاب مظالم كثيرة في الجنوب .
على خلاف "الرئيس اليمني السابق علي صالح" تمكن الرئيس هادي من تحقيق الكثير من المكاسب السياسية في صفوف الحراك الجنوبي واصبح الرجل يملك الكثير من المؤيدي في صفوف قيادات ونشطاء الحراك الجنوبي على خلاف "صالح" الذي لايتمتع باي قبول في صفوف الجنوبيين . يرى كثيرون ان عدد من الاصلاحات التي انتهجها "هادي" وافساحه المجال لجنوبيين ذوي قرار للصعود في سلم الحكومة والمناصب القيادية هو الأمر الذي مكنه من نيل ثقة قطاع واسع من الجنوبيين لكن هذه الثقة لاتزال في بداياتها الأولى وبحاجة إلى تعزيز اكبر يتمثل بضمانات حقيقية بايجاد حل عادل وحقيقي لقضية الجنوب .
تمثل قضية الجنوب حيث تقع معظم حقول النفط في اليمن واحد اهم الممرات البحرية في العالم حجر الزواية بخصوص إي جهد سياسي يهدف إلى انهاء اضطرابات تمتد منذ العام 2007 ولا تزال تتعاظم حتى اليوم .
قد يتمكن الرئيس "هادي" من احتواء الكثير من قيادات الحراك الجنوبي حيث تتعاظم حالة التذمر في صفوف الحركة الوطنية الجنوبية من عدم التوصل الحركة وبعد سبع سنوات من انطلاقتها إلى الاتفاق على قيادة موحدة لكن مكاسب الرئيس "هادي" تظل مرهونة بتحقيق مكاسب حقيقية للناس في الجنوب .
يمثل إيجاد حل عادل وحقيقي لمظالم الجنوب هو المعيار الاساسي لأي تحرك سياسي يمكن للرئيس "هادي" ان يقوم به أو أيا من القيادات أو الحكومات اليمنية المتعاقبة . على خلاف عشرات الثورات في مناطق عدة في العالم كانت الاحتجاجات التي اندلعت في جنوباليمن في العام 2007 لاتستند إلى كاريزما أيا من القيادات أو حضورها أو قدرتها على التحكم بمجريات هذه الاحتجاجات لكنا كانت تعتمد على حجم المظالم التي عانى منها الجنوبيين منذ العام 1994 . في العام 2007 قاد "ناصر النوبة" حركة الاحتجاجات في الجنوب في مهدها وخلال أسابيع فقط من انطلاقتها جاهر الرجل بنيته بالسعي لاستقلال الجنوب الأمر الذي دفع السلطات اليمنية لاعتقاله والزج به في احد المعتقلات لاشهر . في العام 2008 تراجع دور "ناصر النوبة" وتعاظم حضور قيادي أخر هو "حسن باعوم" الذي قاد حركة الاحتجاجات مع تراجع النوبة لكن الرجل غاب هو الأخر بسبب اعتقال السلطات له في العام 2008 حيث استمر الاعتقال قرابة العام . اعتقلت الحكومة اليمنية يومها عدد من ابرز قيادات الحراك الجنوبي بهدف القضاء على حركة الاحتجاجات لكن هذه المحاولات بأت بالفشل. في العام 2009 أعلن الرئيس الجنوبي السابق "علي سالم البيض" دعمه لحركة الاحتجاجات في الجنوب لكن دعم البيض وتأييده لها لم يكن السبب الرئيسي في تعاظمها حيث كانت قد اندلعت قبل ذلك بوقت طويل .
في العام 2009 أيضا أعلن الشيخ "طارق الفضلي" انضمامه إلى الحراك الجنوبي وكان انضمام الرجل نقطة تحول في تاريخ الثورة السلمية في الجنوب ، بشهادة كثيرين تمكن الرجل من القفز بحركة الاحتجاجات في الجنوب قدما ومنحها قوة لم تكن تملكها لسنوات . كان انضمام الفضلي نقطة تحول هامة في تاريخ الحراك الجنوبي ، وتمكن خلال أشهر قليلة من اشعال الاحتجاجات في عموم مدن الجنوب وقاد الرجل وتمكن من تكليل جهود توحيد قيادات في الحراك . بعد عام واحد فقط من إعلان "الفضلي" انضمامه للحراك الجنوبي شنت الحكومة اليمنية حملة ضده تسببت باضعافه .
شكل خفوت صوت "الفضلي " صدمة للكثير من متابعيه وظن كثيرون ان حركة الاحتجاجات في الجنوب يمكن ان تذوي مع تراجع قوة الحراك في زنجبار لكن الأمر كان خلاف كل ذلك . تمكنت حركة الاحتجاجات في الجنوب من النهوض مجددا بعد أشهر فقط من خفوت صوت الفضلي .
تعاقبت الكثير من القيادات الجنوبية على تقدم صفوف الحراك الجنوبي ومع سقوط كثير منها وتراجعها أو انزوائها إلا ان حركة الاحتجاجات ظلت مستمرة منذ العام 2007 . يكمن جوهر الاحتجاجات في الجنوب في إيجاد حل عادل لقضية الجنوب وليس اجتذاب أيا من القيادات إلى صف أيا من الأطراف السياسية المتنازعة في اليمن . هذا التحليل قدمه القسم السياسي بصحيفة "عدن الغد" .