أدان خطباء صلاة الجمعة في مصر اليوم ظاهرة التحرش الجنسي وسط تصاعد الغضب الشعبي إزاء عمليات العنف الجنسي التي وقعت فى ميدان التحرير مؤخرا خلال الاحتفال بتنصيب السيسي رئيسا لمصر. وتعرضت آنذاك بعض النساء والفتيات للتحرش العنيف أو للاغتصاب.
وخصصت وزارة الأوقاف المصرية الجزء الثاني من خطبة اليوم الجمعة لتناول ظاهرة التحرش الجنسي في أعقاب الواقعة التي نشرت بالفيديو على بعض مواقع الإنترنت، والتي تعرضت فيها امرأة مصرية لتجريدها من ملابسها ولاعتداء جنسي وبدني عنيف في ميدان التحرير.
يأتي ذلك في إطار جهود الدولة لمكافحة تلك الظاهرة الاجتماعية التي أصبحت من اخطر المسائل تهديدا للنساء والفتيات، بحسب بعض المنظمات المدافعة عن حقوق المرأة.
وتطالب بعض الشخصيات العامة وجمعيات حقوق المرأة بتغليظ العقوبة ضد المتحرشين لتصل إلى الإعدام.
وأوصت وزارة الأوقاف في بيان لها الخميس الأئمة والخطباء بتناول الموضوع في خطبهم يوم الجمعة.
ونقلت القنوات الحكومية المحلية شعائر صلاة الجمعة من أحد المساجد في محافظة المنوفية شمال القاهرة وألقى الخطبة الشيخ عبد الحكم صالح سلامة، الأستاذ بجامعة الأزهر.
وقال سلامة في خطبته: "إن وطننا منذ فجر التاريخ مصدر إشعاع للقيم الخلقية. ومن قديم الأزل، ومصر يعد الرجال فيها حصونا ودروعا للنساء. ولم تعرف إطلاقا تلك الحيوانية أو البهيمية... أو الجوع الشهواني بصورة خارج إطار ما أنزل الله."
ودعا سلامة إلى الالتزام بالتعاليم الإسلامية والأخلاقية مستشهدا بآيات من القرآن تحث الرجال والنساء على غض البصر.
تكثف مؤسسات الدولة جهودها في محاولة للحد من ظاهرة التحرش الجنسي التي تعد الأخطر في الشارع المصري
دعوة للتكاتف وتعد مشكلة التحرش الجنسي أحد أبرز مشاكل الشارع المصري الاجتماعية في الفترة الأخيرة.
وأشارت دراسة صدرت عام 2008 عن المركز المصري لحقوق المرأة أن 83 في المئة من المصريات تعرضن للتحرش، البدني أو اللفظي، وأكثر من نصفهن تعرضن له يوميا، وأن 98 في المئة من الأجنبيات قلن إنهن تعرضن للتحرش خلال زيارتهن لمصر. وأن 62 في المئة من الذكور اعترفوا بالتحرش بالفتيات.
وناشد سلامة جميع أفراد الشعب ومؤسسات الدولة من "شرطة وجيش وإعلام وتعليم ودعوة" بالتكاتف لمواجهة هذه الظاهرة، مطالبا بدراسة "واعية مستفيضة" عن أسبابها وسبل مقاومتها.
وكان الفيديو الذي نشر على موقع يوتيوب الأسبوع الماضي ويظهر سيدة عارية مصابة بجروح، وسط حشد من الرجال يتوجهون بها نحو سيارة إسعاف في ميدان التحرير أثناء الاحتفالات بفوز عبد الفتاح السيسي بالرئاسة، قد أثار موجة من الاستياء وجدلا واسعا في مصر.
ومن غير الواضح بدقة توقيت وقوع الحادث بالضبط، لكن عدة تقارير إعلامية محلية تؤكد أن نحو خمس حوادث عنف جنسي وقعت في ذلك الوقت.
يعد الرئيس السيسي بإتخاذ اجراءات صارمة، بينما تقول منظمات نسائية إن القوانين الأخيرة ليست كافية.
وأعلنت وزارة الداخلية عن القبض على عدد من المشتبه في تورطهم في هذه الواقعة، وقام السيسي بزيارة ضحية للاعتداء الجنسي ترقد في أحد المستشفيات، وقدم لها اعتذارا وباقة من الورود.
وأكد السيسي خلال زيارته على أن الدولة ستتعامل بحسم مع هذه الظاهرة.
كان رئيس الجمهورية المؤقت السابق عدلي منصور قد أصدر قانونا، قبل أيام من مغادرة منصبه، ينص على معاقبة المدانين بالتحرش بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، وغرامة مالية تصل إلى 50 ألف جنيه مصري (نحو 7000 دولار أمريكي).
وقالت منظمات نسائية إن القانون الجديد ليس كافيا. وأصدر عشرات من المجموعات الحقوقية بيانا الاثنين يتهم الحكومة بالتقصير في معالجة المشكلة.
وقال البيان إنه جرى توثيق أكثر من 250 حادث اعتداء جنسي من نوفمبر/ تشرين الثاني 2012 وحتى يناير/ كانون الثاني 2014.
ودعا البيان إلى "استراتيجية وطنية شاملة" لوقف العنف.
كان بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي قد سخروا من زيارة السيسي للسيدة التي تعرضت للتحرش في المستشفى ويقولون إنه تجاهل هو حكومته أوضاع العشرات من النساء في السجون المصرية، وخاصة المعارضات له.
ويقول ناشطون محليون في مجال حقوق الإنسان إن النساء المعتقلات، وخاصة من مؤيدات الرئيس المعزول محمد مرسي، يتعرضن للتحرش الجنسي والتعذيب في السجون المصرية. لكن الحكومة تنفي هذه الاتهامات.
وانتقدت منظمات دولية مؤخرا سوء الأوضاع الإنسانية للمعتقلين في مصر عموما، وما أسمته "الانتهاكات التي يتعرض لها النساء والأطفال داخل السجون ومقار الاحتجاز".