ظاهرة الغش هي ابرز ما تتميز به بعض المحافظات في موسم الامتحانات النهائية للمرحلتين الاساسية والثانوية , ولأن الغش أصبح عنوان هذا الموسم فقد أصبح من الصعب اليوم منعه أو محاولة ذلك لان الغالبية من طلاب هذه المراحل يدخلون الامتحان وهم يدركون كيفية ادارة الامور بالغش ف باتت مع هذا الروتين ان صح التعبير الوزارة والدولة عاجزتين عن ضبط الامور واعاده العملية الامتحانية المفقودة الى نصابها الصحيح بمنع الغش لان الطالب يدرك ملياً ان كل تهديدات الوزارة لن تجدي نفعاً وان الغش مستمر في حصد العقول والجهد لدى البعض , الدولة اليوم مطالبة بخطوة نوعية من خلال منع الغش وانزال مراقبين معتمدين الى المراكز الامتحانية في كل مديرية وضاحية للتأكد من سلامة العملية الامتحانية ولو ان هذا سيقابل بالكثير من العنف ولا ابالغ في كلمة " العنف " لأننا كما اسلفت فالغش اصبح سمة ضرورية مهما هددت وتوعدت الدولة بعكس ذلك وبالتالي اي ضبط مفاجئ للعملية سيترتب عليه عنف ورسوب معظم الطلاب . من المعروف ان الغش قبل سنوات قريبة كان يعتمد بدرجة اساسية على " البراشيم" الاوراق صغيرة الحجم وكذلك الهمس والغمز من الطالب الى زميله وهذا هو الغش الذي كان من الممكن تفاديه في وقته وكانت الوزارة حينها قادرة على ضبط هذا النوع من الغش لان الطالب يدرك جيداً انه يبذل جهد كبير في الحصول على الاجابة بطريقة مخالفة وان المراقب قادر على منعه بالتالي هنا لا يصبح الغش سمة بقدر ما هو محاولة خديعة غير شرعية . اما اليوم فالغش بات يمارس على نطاق واسع واصبح مصطلح الغش اليوم هزيلاً وركيكاً امام ما يمارس من عملية فقدان السيطرة من قبل الوزارة على العملية الامتحانية , فلا استطيع بعد اليوم أن اصف ما يحدث بالغش المعروف والغير قانوني , فالغش وان تم فهو بالأخير يمثل خديعة يمكن ضبطها ولكن ان تصبح الامتحانات خارج حسابات الوزارة ويخرج ويدخل الطالب وبيده ملف الامتحان من داخل اسوار المدرسة أو خارجها ويذهب الى السوق ويبحث عن الغش في الشوارع والاحياء وعند بعض المدرسيين الانتهازيين الغائب عنهم الضمير والشعور بالمسؤولية اضف الى هذا ان هناك الكثير من الطلاب يقومون بنقل الاجابات المباشرة وهم في منازلهم أو في المقاهي والشوارع العامة فهذا كله يدل على ان ما آلت اليه الاوضاع التعليمية لم يعد مجرد غش بل تجاوز مراحل الغش ليصل الى درجة فقدان السيطرة من قبل الوزارة وبالتالي لم يعد للامتحان الوزاري المهم اي اهمية واي شرعية , لان الامتحان حتى يكون امتحاناً مستكملاً لمقوماته فيجب ان يكون تحت اشراف ومراقبة الوزارة التعليمية وفي حدود الصف او المركز الامتحاني وان حدثت تجاوزات فأنها لا تشكل فارق كبير طالما الرقابة موجودة وقادرة على الضبط والوعيد . الحلول قليلة جداً لوقف هذا الفيضان وجميعها حلول صعبة في بدايتها وقد تؤدي الى نتائج عكسية في بدايتها ايضاً وربما تؤدي الى العنف ولكنها ضرورية جداً حتى يعود للعلم قدسيته وللوزارة هيبتها باعتبارها وزارة للتربية اولاً وقبل كل شئ فما بالكم ترون التربية تنعدم والتعليم يداس في عصر " فقدان السيطرة" والذي يلي بمراحل عصر الغش !