اذا كانت المسألة مجرد اختلافات سياسية ومحاصصة فأن مايتم الان في صنعاء مقبول وله مايبرره ولكن الشيء الذي ينبغي استيعابه بشكل جيد من الرعاة الدوليين و (رئيس المبادرة) والمنفعلين او المتمصلحين من ابناء الجنوب في صنعاء وابطال اللحظة الانفعالية بلامنهج ولادليل والناشطين السياسيين ورجال الحكم في الشمال السياسي ( ج ع ي ) هو ان القضية الجنوبية تتعلق بإرادة شعب وهي ليست مجرد قضية سياسية او اجتماعية عادية ولكنها قضية استحوذت على عقول وقلوب عموم افراد الشعب الجنوبي العظيم فتحولت الى ثقافة وسلوك ينعكس في الهوية الخاصة بالمنتمين جغرافياً الى حدود الجنوب العربي او ماكان يسمى ( ج ي د ش ) - ولم يتجاوزهم - هذه الثقافة والسلوك اصبح يمارس بشكل يومي على كل المستويات وليس من الحكمة تجاهل ذلك من المنظور الاستراتيجي لوضع الاستقرار في المنطقة . ان تجاهل كون الشعب الجنوبي شعب حر مستقل تم اقرار منحه السيادة على ارضه بعد نضال طويل ضد الاستعمار البريطاني تتوج بالاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م وهذه السيادة انما هي ملك لهذا الشعب وهي غير قابلة للتصرف او التنازل ولاتلغيها القرارات السياسية على الاطلاق ومحاولة الاستمرار في وضع مقاربات غير دقيقة لقضية الشعب الجنوبي تعد مغامرة حقيقية وقد تؤدي الى تفاقم الأزمة وجعلها اكثر تركيباً وتعقيداً في هذه البقعة الخطيرة من العالم وحينها فأن الضرر لن يكون حصرياً على الجنوب ولكنه سيلحق بالجميع دون استثناء .
كما ان الاصرار على اعتبار ان ذلك المشروع الوحدوي الهزيل الذي اعلن في 22 مايو 1990م انجازاً تأريخياً يعتبر معول هدم للفكر الوحدوي ومشروعه الذي لم يرى النور بعد وامعاناً في القضاء على فكرة الحلم العربي الكبير . وختاماً فأن من بيده القدرة على اتخاذ القرار ربما يحقق بعض الانجازات او الخطوات التي ربما تكون مشجعة للمضي في بعض التسويات ولكن ينبغي ان يكون ذلك وفق منهج مدروس بما لايتعارض مع ارادة الشعب على المدى الطويل .