معركة التحرير الثانية    ماذا وراء إسقاط حضرموت والمهرة    رسالة لحزب الإصلاح من صنعاء في أول تعليق على خسارته هضبة حضرموت    عاجل: العمالقة الجنوبية تقتحم تحصينات اللواء 23 وتبدأ السيطرة على العبر    عاجل: النخبة الحضرمية تفرض سيطرتها الكاملة على بترومسيلة والمنشآت النفطية فجر اليوم    فيضانات غير مسبوقة بدول آسيوية والخسائر لا تحصى    5 شهداء بينهم طفلان في قصف صهيوني استهدف خيام النازحين بمواصي خان يونس    ريال مدريد يُنهي سلسلة التعادلات بثلاثية في شباك بيلباو    وكيل وزارة الكهرباء يلتقي فريق التوعية ومتابعة تفعيل الخط المجاني بهيئة مكافحة الفساد    عاجل: مرتزقة الإصلاح يرافقون أسرى الشرعية الذين أفرج عنهم بن الوزير يعودون لمهاجمة معسكر عارين(صور)    مدير فرع الأحوال المدنية بذمار: نحرص على تقديم النموذج الأرقى في خدمة المواطنين    الخارجية العُمانية تكشف عن إبرام صفقة مع سلطة صنعاء    قراءة تحليلية لنص "سوق الخميس والمجنون" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة تحليلية لنص "سوق الخميس والمجنون" ل"أحمد سيف حاشد"    الكثيري: وجهنا بتأمين المنشآت والمؤسسات وحماية المصالح العامة والخاصة بوادي حضرموت    الرئيس الزُبيدي يُعزي بوفاة القاضي صالح محسن باشافعي    هدوء حذر في وادي حضرموت بعد السيطرة على قيادة المنطقة العسكرية الأولى    تقديرات أمريكية بتوجه صيني للسيطرة على تايوان بحلول 2027    اختتام الدورة التدريبية الخاصة بأمناء المخازن وموزعي الادوية في الشركات    مأرب.. تدشين مشروع توزيع كفالات الأيتام ل561 يتيماً ويتيمة من 10 محافظات    صنعاء.. إصدار التعزيزات المالية بنصف مرتب أكتوبر 2025    وزير المالية يلتقي مصنعي وتجار الرخام والجرانيت    "خيرات باجل".. مهرجان زراعي يعزز مكانة المديرية كنموذج إنتاجي واعد    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    دراسة حديثة تكشف دور الشتاء في مضاعفة خطر النوبات القلبية    تأخير الهاتف الذكي يقلل المخاطر الصحية لدى المراهقين    قرار حكومي بمنع اصطياد وتسويق السلاحف البحرية لحمايتها من الانقراض    وفاة رئيس اتحاد الأدباء في إب عبد الإله البعداني    عن الطالبانية الجامعية وفضيحة "حمّام الطواشي"    النفط يتراجع وسط ترقب لنتائج محادثات السلام في أوكرانيا    إدارة ترامب توقف رسمياً إجراءات الهجرة والتجنيس للقادمين بعد 2021 من 19 دولة بينها اليمن    عاجل: استشهاد أول أبطال القوات المسلحة الجنوبية في معركة تحرير وادي حضرموت    مباراة الأهداف التسعة.. مانشستر سيتي ينجو من ريمونتادا مجنونة أمام فولهام    قناة آي 24 نيوز: عدن .. أزمة خانقة وشلل اقتصادي وغياب تام للدولة    برشلونة يعاقب أتلتيكو في كامب نو    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    الذهب ينخفض مع جني الأرباح والنفط يرتفع بفعل الأخطار الجيوسياسية    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الممثل هيرتيك روشان و رحمة الموت (1-2)
نشر في عدن الغد يوم 07 - 09 - 2014

الحياة والموت نقيضان، لا يجتمعان معاً في جسد واحد، فإما أن يكون الإنسان حياً أو ميتاً، ومن هذه الحقيقة يولد سؤال مصيري: من منا يجرؤ على الذهاب بنفسه إلى لحظة اللا رجوع؟ حتى الذين يعشقون المغامرات في جميع جوانب الحياة، يكابرون ويظهرون شجاعة اللا اكتراث البقاء على قيد الحياة، والاقتراب أكثر من الموت، وعندما يصلون حد تلك اللحظة، تجتاحهم رغبة كبرى بالرجوع إلى الحياة؛ والتشبث بها بكل قوة، والإصرار على الاستمرار فيها إلى موعد قدوم لحظة اللا رجوع الإلهية، حينها لا يعلق الخيار بين الحياة أو الموت، وما على الإنسان سوى تسليم حياته طواعيةً لملك الموت.

قد تكشف التقارير الطبية عن وجود أمل بشفاء المريض أو حتى تقدم حالته الصحية نحو الأحسن قليلاً، وأمام كثير من الحالات الميئوس من شفائها - تبدو أقرب ما يكون للموت - تصير التقارير الطبية الأخيرة تشبه بعضها حد التطابق، وقراءتها تعيد نفسها، ولا تشير إلا إلى أن لا رجاء من استعادة الحياة؛ فيعجز الطبيب، ولا يجرؤ حتى بعد أن تجاوز رعشة ضميره على مد يده المرتعشة أيضاً لإيقاف الأجهزة الاصطناعية لإطالة حياة المريض، ويبقى الجميع في حالة انتظار القدر؛ ليقول كلمته الفصل، ويأخذ أمانته، ويشطب اسم المريض من كشوف العالقين بين الحياة والموت.

إن من أصعب اللحظات التي يواجهها الطبيب أن يخلص أحد مرضاه من معاناته مع آلامه إلى الأبد - ليس القصد صرف وصفة علاج(دواء) له أو إعطائه حقنة مسكنة للألم – وإنما التخليص في لحظة استدلاله بعلامات لا تمد المريض بصلة للحياة، منذ لم تعد أجهزة التنفس والإنعاش الاصطناعي تفلح إلا في إطالة مظاهر بقائه على قيد الحياة، يظهر ذلك واضحاً على شاشة جانبية تعرض إشارات تترجم الدقات المتباعدة الصادرة عن قلب المريض، الذي يقترب من الموت.

في الذكرى الرابعة عشر للحادثة التي أردته مشلولاً، عاجزاً عن الحركة، بسبب إصابة في عموده الفقري أثناء تأديته أحد عروضه الساحرة، يقرر أعظم ساحر ولاعب خفة في العالم آنذاك السيد/إيثان ماسكارينهاس، الذي قام بدوره الممثل/هيرتيك روشان في الفيلم الهندي Guzaarish(أمنية/رجاء) للمخرج الهندي/سانجاي ليلا بنسهالي إنهاء حياته، وذلك بتقديم طلب التماس لإحدى المحاكم الهندية - رغم كل ذلك الرفض من جميع المحيطين به في قصة كتبها المخرج. بعد 14 عاماً يغادر قصره للمرة الأولى؛ ليضع حداً لحياته، فأعضاء جسده الداخلية في تداعٍ مستمر، وتتدرج تناقصياً بأداء وظائفها الحيوية نحو التوقف تماماً، فالساحر الذي أبهر العالم بألعابه وحيله، كان فيما مضى يستطيع محلقاً إيجاد مسافة بينه والسماء والأرض، وفجأة يجد نفسه طريح الفراش، رأس بلا جسد، ملتصقاً بكل ما يساعده على الحركة، ملامساً للأرض دون رحيل إلى السماء، عدا روحه التي بقيت في صراع مع حياته اليائسة، وتتوق التحليق، وتتمنى الموت قبل اقترابه منها، فإصابته حالت دون تحركه بحرية، وأنهت حياته المهنية، التي شغل بها المعجبين حول العالم، وأثارت ضغائن منافسيه من السحرة.

إن أول دولة في العالم أقرت قانوناً يجيز الموت الرحيم في الحالات المستعصية "هولندا"، وذلك في عام 2001م، فقد شُرع الموت الرحيم بموجب قانون صادر عن مجلس النواب ومجلس الشيوخ مجتمعين، ويتضمن القانون شروطاً قاسية لتطبيقه، أهمها توافق رأي طبيبين على أنه لا أمل في شفاء المريض مع معاناته آلاماً مبرحة وعذاب لا مبرر له، وطلبه مراراً بإنهاء حياته، وضرورة خضوع الأطباء لإشراف لجان إقليمية مؤلفة من قضاة وأطباء، مكلفة بالسهر على احترام الشروط القانونية، والتأكد من توافرها، وتعتبر تلك المرة الأولى في تاريخ البشرية، التي ينظم فيها الموت الرحيم على الأصعدة المدنية والاجتماعية والقانونية، فبعد 30 سنة من الجدل والاستفتاءات والنقاش، صدر أول تقنين في العالم للموت الرحيم، ويعده عملاً مشروعاً وفقاً لشروط دقيقة حددها المشرع، غير أن معارضي القانون اتهموا الحكومة الهولندية بأنها وافقت على القانون، وأصدرته رسمياً؛ لتخفيف مصاريف المعالجة الطبية والأدوية لمواطنيها.

أجمعت الديانات السماوية على اعتبار أن قتل الإنسان أياً كانت حالته الطبية سواءً المريض الميئوس من شفائه أو المسن العاجز عن تأدية أبسط الحركات الحياتية ليس قراراً متاحاً من الناحية الشرعية للطبيب أو لأسرة المريض أو للمريض نفسه، لأن حياة الإنسان أمانة يجب الحفاظ عليها من قبل الجميع، وليس على أو لأحد أن يوصلها إلى لحظة اللا رجوع، باستثناء بعض الفتاوى لعدد من العلماء حول العالم، التي نصت على أنه يجوز رفع أجهزة الإنعاش والتنفس الاصطناعي التي رُكبت على جسد المريض إذا تعطلت نهائياً جميع وظائف قشرة وجذع دماغه، وإن كان القلب والتنفس لا يزالان يعملان آلياً بفعلها، ولا يُحكم بموته شرعاً إلا إذا توقف التنفس والقلب تماماً بعد رفعها ورفع الحياة معها. حول الموت الرحيم تختلط مختلف الأوراق، ويرتبك الجميع نظراً لحساسية الموضوع، ويتصدر المواضيع الخلافية والإشكالية على مستوى منابر ومنتديات العالم، سواءً لشرعيته أو محاولة تبريره أخلاقياً أو دينياً أو قانونياً؛ لأن الحق بالحياة مقدس في كل الأديان، ويقوم على تكريم الإنسان، وقد اتفقت الديانات السماوية على أن الحياة هبة من الخالق، لا يحق لأحد غيره التصرف بها، في مقابل الاعتبارات الإنسانية، التي قد تصل إلى حد اعتبار الموت رحمة وخلاصاً من عذاب لا يُحتمل آلامه.

بقلم : عاد نعمان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.