المتابع للحركة الحوثية في الفترة الاخيرة يستنتج ان الحركة ترسم خططها السياسية حسب النظرية التي تقول " قوانين الطبيعة تقتضي بان الحق هو القوة " وهذا الاستنتاج في رايي الشخصي منطقي وملائم لطبيعة الحركة التي ولدت من رحم الحروب وبالتالي فانه لا يجد المتابع اي استغراب من تهديدات الحوثي وخطاباته النارية . ولكن للاسف ،، بعض الاقلام الجنوبية تاثرت بسياسة الحوثي فعندما تكتب عن الثورة نجدها تحث في كتاباتها على التخلي عن السلمية وتطالب ان تخطي الثورة على خطى حركة الحوثي التي فرضت نفسها وحققت نتائج على ارض الواقع , باعتبار ان نظام الاحتلال وكذلك المجتمع الدولي لا يعترف الا بلغة السلاح وان الجنوب من وجهة نظرهم لن يتحرر الا اذا حمل ابناءه السلاح في وجه نظام الاحتلال الهمجي البربري ويعتقدون ايضاً ان المجتمع الدولي سيسعى لحلحلت القضية الجنوبية . كل ما قيل في هذا الجانب هو اقرب للحقيقة , فالثورة او الحركة المسلحة تفرض نفسها اذا كانت تسير حسب خطط مدروسة وتتعامل مع الظروف المحيطة بها بكل عقلانية وبالتالي فانه لا يكون امام المجتمع الدولي الا ان يلبي مطالبها او على اقل تقدير التفاوض معها بطريقة مباشرة او غير مباشرة ، اما اذا كانت غير ذلك فانها لن تقوم لها قائمة بل ستزيد من تخبطها وستتعثر وكلما حاولت النهوض ستسقط . ولكي تكون الصورة في ذهن القارئ اكثر وضوحاً ساضع مقارنة بين حركة الحوثي المسلحة والحراك الجنوبي السلمي . فحركة الحوثي كما اسلفنا في البداية ولدت من رحم الحروب ولذلك استفادت كثيراً من التجارب التي مرت بها وعايشتها حتى اصبحت لا تتحرك الا وفق خطط مرسومة لها بدعم ايراني سخي لارساء قواعد واسس لها في اليمن ولربما سيعتبرني البعض ابالغ في كلامي اذا قلت ان الحوثي باستطاعته السيطرة على مفاصل الدولة في صنعاء وما حولها وامساك زمام امورها وتسييرها كيفما يشاء لان سياسته في القضاء على خصومه تدريجية والدليل هو تحالفه الغير مباشر مع حزب المؤتمر العفاشي الذي قتل مؤسس الحركة وهذا لا يدل على تسامح الحوثي ولكن بعد ان يقضي على خصومه الاخرين سيقوم بلا شك بالقضاء على حزب عفاش وسينتقم منه شر انتقام . بينما الحراك الجنوبي منشغلاً بصراعاته الداخلية ولن يستطيع السيطرة على الجنوب في ظل هذا الظروف التي نمر بها في حال اعلن الكفاح المسلح لان ليس لديه اي تحالفات خارجية ولا وسائل تمكنه من بلوغ غايته المنشودة وستكون العواقب وخيمة اذا تخلى عن سلميته في هذه المرحلة الحرجة وقد يصل الامر بالجنوب الى ما لا يحمد عقباه . كذلك السيد عبدالملك الحوثي نختلف ام نتفق معه سياسياً فقد اثبت انه ليس بالرجل الغبي كما يصفه البعض بل يعتبر كابتن الملعبة السياسية والمتصدر حالياً على من يلعبون معه في نفس الملعبة بعكس قيادات الجنوب المرتبكة والمتخاذلة التي لم تعد تجيد اللعب في ملعب السياسة فهي لا تسعى لاحراز اهداف في مرمى الاحتلال بقدر ما يريد كل لاعب منها ان يكون في التشكيلة الجديدة " راس حربة " وبالرغم ان اعمارهم تجاوزت مرحلة الاعتزال وتعدتها منذ زمن الا انها تمتلك قاعدة جماهيرية من المشجعين . من المؤلم جداً والمحزن ان نلاحظ الامية والسياسة العاطفية تسيطر على الثورة الجنوبية ، والنشاط السياسي للاسف لا يزال اعمى والسبب اننا نمر على سطح الاشياء دون ان نصل الى مكنونها .