الإقرار السعودي ب "الواقع" اليمني الجديد، عبر المسارعة بإرسال السفير إلى صنعاء، برغم سيطرة الحوثيين عليها، يوحي ضمنيا بقدر من المرونة، خصوصًا ان الأنباء الأولية تتحدث عن ترتيب إيراني سعودي أمريكي بحضور سلطنة عمان، إنتهى إليه المشهد الأخير في اليمن. الإقرار السعودي بالواقع يربطه مراقبون بسعي الرياض للتخلص من بصمات الاخوان المسلمين في الواقع اليمني بالحضن الجنوبي لمملكتهم. الاعتراف الإقليمي الجماعي بقوة وصلابة وسيطرة الحوثيين كلاعب أساسي، نتج عن تلك الاتصالات التشاورية التي سبقت "العرب اليوم" في الحديث عنها بين السعودية والرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي تقول تقارير خاصة بأن مجموعته النافذة في الدولة العميقة ومؤسسات الأمن والجيش، ساهمت في إخلاء مقرات سيادية لكي يسيطر عليها الحوثيون من دون مقاومة تذكر، في الوقت الذي حشر فيه الرئيس عبد ربه هادي في أضيق زاوية ممكنة خضع فيها للقوى الجديدة بترتيب إقليمي. تفاصيل الصفقة الحقيقية لا زالت "غامضة" والتوقعات الأولية تتحدث عن احتمالية بروز الرئيس علي عبدالله صالح مجددا، ولكن عبر رافعة "إيرانية" هذه المرة ، إلا أن رائحة صالح منتشرة في كل تفاصيل المشهد اليمني المستجد، الذي اعاد ترتيب أرواق لعبة الشارع والثورة التي أطاحت نظامه سابقا. برغم ذلك سارع الحوثيون للإعلان بان سياسة "اليمن الجديد" المفعم بنكهتهم وسيطرتهم لن ترتهن أو تتقيد بتنفيذ أجندات أية دولة إقليمية بعينها في المنطقة، وانما ستلتزم فقط بما يحقق مصلحة أهل اليمن أنفسهم. ونفى محمد عبد السلام الناطق باسم الحوثيين ما يتردد من أحاديث حول مساندة دول إقليمية لجماعته للقيام بثورة مضادة أو انقلاب ضد نظام الحكم القائم بالبلاد، الذي كان الإخوان المسلمون يشكلون به قوى بارزة بالساحة السياسية، مشددا القول: نحن لم ولن ننفذ أجندات أية دولة.. ولم يكن هناك أي تآمر أو تلاق في الأهداف مع أية دولة فيما يخص مواجهة الإخوان المسلمين على الإطلاق. وتابع: الإخوان هم من أخطأوا في حق أنفسهم ليس في اليمن فقط، لكن في المنطقة ككل.. الإخوان مارسوا لدينا حالة كبيرة جدا من الاقصاء وسعوا إلى أخونة مؤسسات الدولة بما فيها المدارس بشكل غير طبيعي، ما يؤكد أنهم ليسوا رجال دولة وليسوا قادرين على احتواء الآخرين، وأضاف قائلا: الحديث عن دول إقليمية بعينها ساندتنا للتخلص من الإخوان غير صحيح.. نحن بالأساس تحركنا وسط مد شعبي واسع تحرك باليمن للمطالبة بحقوق عادلة ومشروعة.