حينما تطالع جدول ترتيب الاوسمة في نهاية المشوار الاسيوي المختتم مؤخرا في مدنية انجون الكورية الجنوبية، تقف حائرا مذهولا من هذا الفارق الفني الكبير، بين ما تحقق من اوسمة لدول الصين واليابان وكوريا، وما حققته الدول العربية مجتمعة. صحيح ان بعض الدول كالبحرين وقطر حققت تقدما ملحوظا في بعض الالعاب وكذا على صعيد الاوسمة، الا ان الحصيلة العامة لمجموع الدول العربية يكاد يكون معدوما او مخجلا، لا سيما اذا ما قورنت مع الاموال الضخمة المخصصة خلال سنوات خلت، فضلا عن الدعم الحكومي المتدفق والحشد والطموح الجماهيري والاعلام غير المنقطع، فاننا سنقف حائرين مندهشين بين ما وصله وحققه الاخرون، وما زلنا نتخبط في تيهه حتى الان.. في مقارنة بسيطة لاي دولة عربية من المشاركين والمتبجحين بالانتصارات والاوسمة والرياضة والتاريخ، مع ما حققته الصين او كوريا اواليابان سنجد ان الفارق يكاد يكون مخزيا، اذ انه سيكون كنسبة النملة للفيل، عند ذلك لا يسع الاعلام والمتابعين واهل الشان، الا ان يطرحوا اسئلة حبلى محيرة، لماذا هذا التخلف ومن المسؤول عنه، هلا حقا كما يقول الاخرون، اننا امة عقيمة متخلفة لا تستطيع قهر الزمن وكسر قيود التخلف والالتحاق بالمستوى الحضاري الذي بلغه الاخرون، خصوصا بعد ان اصبحت الرياضة رسالة محبة وسلام وانفتاح وتواصل ودلالة قوة وحضور وتميز وثقافة تضاهي بها الآخرين وتنابزهم في التقدم والفن والعلم وكل اسباب الحياة التي جادت بها العلوم والمعارف والثقافات وما بلغته خلال قمة الالفية الثالثة.. ينبغي ان تقف المؤسسات المسؤولة عن الرياضة العربية بمختلف تسمياتها وقفة مسؤولة جادة، لمساءلة الاتحادات عن اسباب التخلف والتأخر والبحث عن حلول ناجعة وخطط استراتيجية يشترك بها اهل الخبرة والاختصاصات حصرا، لا مجال للطارئين والمتطفلين لهم بينهم، من اجل فتح باب المصارحة الى اعلى قمم الشفافية فيه، حتى نستطيع تحديد الخلل اولا ومن ثم نشرع بالمتطلبات من اوسع ابوابها ونستفيد من طاقات الاوطان وهي كثيرة عديدة، كما ان الدعم الحكومي - ما شاء الله - اكثر ومتيسر والمسؤولون العرب اكثرهم وباغلب البلدان العربية ممن يتحلون بالروح الرياضية ولا يقلون همة ومطالبة بتحقيق الافضل، الا ان العلة التي نعانيها في اغلب بلداننا العربية هي تسلط وتطفل الطارئين ممن يعتقدون انهم يعرفون ويعلمون... وفي الحقيقية هم لا يجيدون غير خنق الموهبة وابعاد اهل الرأي السديد والعقول المتمكنة.. اليوم تعد الصين انموذجا وقدوة ينبغي ان نتحرك للتعلم من تجربتها، فقد قال نبينا الكريم محمد عليه افضل الصلاة والسلام وعلى اهل بيته واصحابه ومن اتبعه باحسان الى يوم الدين: (اطلب العلم ولو كان بالصين)، والتجربة الصينية بثلاثمائة وسام - على الماشي - تستحق منا التحرك والغيرة والهمة والحرص اولا ومن ثم التطلع، ان كنا نمتلك عقولا بها قابلية التحفيز والقدرة على التعلم وتلك القدرة التي اوصانا بها الاسلام اولا... منذ مئات السنين والله يحب المحسنين.. ان كنا جديرين بذلك العلم وتلك الوصايا الخالدة..