لقد ولى عام 2014 م بحلوة ومرة بإنجازاته وإخفاقاته وماسية ومسراته وقد تعددت فيه الاحداث والتطورات على المستوى العام في البلد حيث وقد شهد العام المنصرم تغيرات كبيرة وهامة أبرزها ما قامت به الثورة الشعبية في 21 سبتمبر 2014م عندما أطاحت بأكثر رموز الفساد التي تحكمت بمستقبل وأمن وثورات البلاد لعشرات السنين . لقد علقنا آمال كبيرة على هذه الثورة الشعبية بأن تحدث تغيير جذري في بنية الدولة كونها حركة شعبية كبيرة يساندها دعم جماهيري واسع وتمتلك جناح عسكري مسلح قادر على حماية الثورة والضغط لتنفيذ أهدافها لكن للأسف قد أشرف علينا بداية عامنا الجديد 2015 م ولم تحقق هذه الثورة الاهداف المرجوة بالكامل خاصاً بعد اعلان حكومة الكفاءات التي باشرت أعمالها منذُ فترة وجيزة فلا يبدو لنا أن هذه الحكومة تستطيع فعل تغيير حقيقي وملموس حتى الان بسبب عدم توفر الارادة الحقيقية والنوايا الصادقة عند بعض أصحاب القرار فيها وحتى الان لن تأتي هذه الحكومة بأي جديد وخير دليل ما نراه ونلمسه من تفشي أعمال الارهاب والقتل الجماعي للأبرياء من المدنيين والعسكريين ولا نرى تحرك جدي وقوي من قبل الدولة وعدم استغلال لدعم الشعبي والثوري الرافض للإرهاب كي يساعد الجيش والأمن للخلاص من هذه الافة الخطير التي حرمها الدين والشرع . بالرغم من أن الدولة تعلم أن أنتشار الارهاب وتوسعة يهدد حياة مواطنيها ويقتل في جيشها وأفراد أمنها ويمنع تطور الاستثمار والسياحة ويهدد السكينة العامة ولكن الدولة للأسف لا تقوم بأي أجراء مناسب يساوي ما يقوم به الارهابيين من بطش في حياة الابرياء . أما القوى والاحزاب التي نفتها الثورة الشعبية فقد عملت كل ما في وسعها لعرقلة مسار الثورة التصحيحي وحاولت قوى الفساد المنحلة الباس الثورة الشعبية ثوب الطائفية لكي تقلل من زخمها الشعبي وتكبح قدرتها على التغيير الجاد والكامل وتعمل قوى الفساد على إيهام الشعب ودول الاقليم والعالم أن ما جرى ويجري في اليمن هو صراع طائفي ومذهبي وليس ثورة ضد الفساد والظلم بحكم امتلاكها الآلة الاعلامية الكبيرة والخبرة القديمة على قلب الحقائق والالتفاف على الثورات كما عملت مع ثورات الحراك الجنوبي منذُ 2007 م حيث كانت تعمل على تضليل العالم أن ما يجري في الساحة الجنوبية ليس ثورة وما يقوم به الحراك ليس نضالاً حقيقاً من أجل التحرر وتعتم على قيام المليونيات وتقلل من شأنها وكما اجهضت ثورة 11 فبراير بمبادرة التقاسم الخليجية وغيرها من الالتفافات والتظليل على ما يجري في الجنوب وفي الوطن عامة لكن نحن لازلنا نأمل من الله ومن ثورة الشعب التغييرية خاصتاً أذا أستمرت بالعمل الجاد على فعل تغيير حقيقي يخدم مصلحة الشعب ويأسس لبناء دولة النظام والقانون ويحافظ على ممتلكات وثروات الشعب . أما حكومة الكفاءات الجديدة لن نلمس منها أي تغيير حتى الآن بل تحاول أبقا الفاسدين في مواقعهم وكأن البلد خالية من الكوادر الكفؤة والنزيهة ، يجب علينا كشعب أن نستعين بالله والقوى الحية وندعمها كي تستطيع مواصلة ثورتها في الجنوب والشمال لكي تتمكن هذه القوى الشعبية بأذن الله وإرادة الشعب أن تبني دولة قادرة على حماية مصالحها وبناء مستقبل أجيالها من خلال نظام وقانون وعدالة ومساواة بين أفراد المجتمع في كل أرجاء الوطن وأيضاً يفترض على قوى الثورة في الجنوب أن تعمل على استعادة الدولة التي يسودها النظام والقانون والعدالة والمساواة في الجنوب ، فقط في هذه الحالة نقدر نتفاءل بأننا يمكننا أن نعيش كما تعيش بقية شعوب العالم . وأهم من كل هذا هو كيف تستطيع الشعوب على الحفاظ على استمرارية الثورة وانجازاتها وتطويرها وتطبيق أهدافها على كل أفراد المجتمع بدون تمييز . ونحن في الجنوب بعد عام 1990 م قد تعرضنا إلى كل أشكال الاضطهاد والتنكيل والالغاء ومنذُ 1994 م وحتى اليوم ونحن نعيش غرباء في وطننا لا نشعر بأن لنا وطن ولنا الحق أن نعيش فيه وننعم بخيراته ونعلم أولادنا في كلياته كما يريدون وأن نشارك في بنائه وحمايته وان نكون مسؤولين عن بناء وطننا ومستقبلة ، وحياتنا ومستقبل أجيالنا كون حياتنا ومستقبل أجيالنا ليس بيدنا ولا نحن من نقرره بل من يقرره ناس آخرون فهل الوحدة التي سعى لتحقيقها شعب الجنوب لعشرات السنين هي هذه ؟ التي صادرت إرادته وهويته ومستقبل أجياله وأفقدته القرار بالتصرف بمستقبل أجياله ووطنه . لقد مر الجنوبيون في سنوات ما قبل الوحدة بصراعات عديدة بين حكامهم وبين الفصائل الثورية بين بعضها البعض وكانت هذه الصراعات تنشئ بسبب توجهات ومبادئ سياسية لكن لم تمس نظام الدولة ودستورها وقوانينها مهما كانت هذه الصراعات دموية لم تستهدف المال العام للدولة وثرواتها لمصلحة طرف ولم تحاول الفئة المنتصرة أن تعبث بممتلكات الدولة وأموال الشعب ولن تتنازل عن النظام والقانون ولا تقليل من هيبة الدولة لصلح حزب او قبيلة ولا تعمل على أضعاف أمنها وجيشها بل تستمر هذه الفئة المنتصرة بالحفاظ على كل ممتلكات الدولة ومؤسساتها وتعمل على تطويرها مما يعني أن الصراعات التي كانت تحصل هي صراعات سياسية حول توجهات ومبادئ وليس صراع مصالح فيجب علينا كشعب وكمثقفين أن نقارن وندرس الصراعات والمشاكل والتباينات التي مرت علينا ولازالت تمر تحصل في كل الشطرين ونستفيد منها لتصحيح المستقبل ونجعل أخطاء الماضي هي اللبنات لبناء المستقبل القادم ونعمل كما قال سيدنا لقمان الحكيم عندما سألوه الناس من أمين تعلمت الحكمة ؟ فأجاب أرى اخطاء الاخرين وأتعلم منها فأرجو أن نتعلم من أخطائنا السابقة ولا نكررها لكي نتمكن من بناء وطننا وبناء مستقبل جيد لشعبنا وبلادنا .