غيل بن يمين وادي الإرهاب الخفي وملاذ للجماعات المتمردة والإرهابية    ناشطون: الموساد يُدير معركة حضرموت    احتجاجات واسعة في مقديشو تنديدًا باعتراف العدو الصهيوني بإقليم أرض الصومال    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    الشرعية حين تتحول من مبدأ قانوني إلى أداة تعطيل    لسنا بنادق للإيجار.. كاتب جنوبي يؤكد الشراكة مع التحالف ويحذر من استهداف قضية الجنوب    أكد موقف اليمن الثابت مع الصومال ضد العدو الاسرائيلي .. قائد الثورة: أي تواجد إسرائيلي في إقليم أرض الصومال سيكون هدفاً عسكرياً لقواتنا المسلحة    نائب وزير العدل يتفقد تجهيز مقرات المحاكم الابتدائية المنشأة حديثًا بأمانة العاصمة    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    حمداً لله على السلامة    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    صحيفة بريطانية: توترات حضرموت تنذر بانفجار صراع جديد يهدد مسار التهدئة في اليمن    المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ينفذ عمليات واسعة لإتلاف مخلفات العدوان بمحافظة الجوف    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    فلسطين الوطن البشارة    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    بيان مليونية سيئون يجدد التفويض للرئيس الزُبيدي لإعلان دولة الجنوب العربي    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    هروب    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خفايا التقارب الإيراني الأمريكي في المنطقة وتداعياته على دول الجوار
نشر في عدن الغد يوم 07 - 01 - 2015

لعل أبرز الملفات العالقة في منطقة الشرق الأوسط هو التوصل لاتفاق نهائي بشأن برنامج إيران النووي المتعثر منذ سنوات، بفعل السياسات الخارجية لقوى الإقليم، والانعكاسات المحتملة إن تم حسم الملف في المرحلة المقبلة.
إيران التي تتعرض لعقوبات بين الفينة والأخرى بسبب “تعنتها” في تقديم تنازلات فيما يخص برنامجها النووي، وتعثر المفاوضات مؤخرًا، تقترب شيئًا فشيئًا من الولايات المتحدة الأمريكية، رغم حالة العداء المعلنة بينهما في ملفات كثيرة.
ارتفاع وتيرة الاقتراب بين الدولتين في الوقت الحالي، يرجع لجملة المتغيرات التي طرأت مؤخرًا على المنطقة العربية والإقليمية، واتخاذ مواقف حولها، خاصة فيما يجري بدول اليمن والعراق وسوريا، والعلاقات المتداخلة لأمريكا وإيران فيها.
في التقرير التالي، تطرح “ساسة بوست” جملة من التساؤلات حول طبيعة التقارب الإيراني الأمريكي، وتأثيراته على دول الجوار، فضلاً عن الدوافع الكامنة لدى البلدين إزاء ذلك.
ما هي جذور العلاقة بين الدولتين؟
منذ أن توصلت إيران مع وزراء خارجية دول مجموعة 5 1 “الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا، وألمانيا”، إلى اتفاق في عام 2014، وتعثره العام الماضي؛ اشتعلت المنطقة بالتكهنات والتحليلات لتحديد طبيعة العلاقة بينهما.
وبموجب الاتفاق آنذاك تخفف العقوبات الاقتصادية على إيران تدريجيًّا، ويفرج عن جزء من أموالها المجمدة لدى أمريكا وبعض الدول، وتحصل على عائدات تبلغ 1.5 مليار دولار من التجارة بالذهب والمعادن النفيسة وغيرها.
وتتفق كل من إيران والغرب بصفة عامة، وأمريكا بصفة خاصة، على أن العدو المشترك بينهما هو الجماعات السنية المسلحة، وقد تعاونا من قبل ضد هذه الجماعات، ولعل القادم سيحمل مزيدًا من التعاون بينهما لمواجهة الحركات الجهادية في المنطقة، حسب مراقبين.
لكن المتابع والمدقق والمتفحص لطبيعة العلاقة بين الغرب بصفة عامة وأمريكا بصفة خاصة، مع إيران؛ يعرف أن العلاقات بينهما لم تنقطع على مدار التاريخ، من صراع نفوذ إلى توافق في الأهداف والطموحات والتوسع.
لذلك، التنسيق بين الأمريكان وإيران لم ينقطع يومًا ما، واستمرت العلاقات السرية مع أمريكا بعد موت الخميني، في عهد رفسنجاني، حيث تم التنسيق بينهما خلال حرب الخليج الثانية، وكانت الفرصة مواتية للقضاء على العراق العدو اللدود لإيران.
والسر في هذه العلاقة أن أمريكا تتفق مع الشيعة في أن عدوها الرئيس هو الحركات الإسلامية السنية، التي تقف في وجه الإمبريالية الأمريكية في العالم الإسلامي بأسره، خاصة في أفغانستان والعراق وسوريا ومصر، وغيرها.
ما أبرز ملفات المنطقة المتفق عليها بين الجانبين؟

قضايا المنطقة الملتهبة بين فترة وأخرى، تحمل في طياتها تعاونًا كبيرًا بين الجانبين، فمنذ أحداث أيلول/ سبتمبر عام 2001، وبعد احتلال العراق أيضًا، أعطت أمريكا الضوء الأخضر لضرب الإسلام السني والحركات الإسلامية السنية في العراق وسوريا، وتحقيق إيران حلمها بتصدير الثورة وأمة الحزام الشيعي، ومحاصرة العالم الإسلامي السني.
وبناءً على ما ذكرته مجلة “البيان” من أن أمريكا لم تدخل مع إيران في صراع حقيقي، فبمجرد محاولة العراق إنشاء مفاعل نووي تم ضرب منشآته في 1981م، وهذا ما لم يحدث مع إيران، وغاية ما في الأمر أن العلاقات السرية بين البلدين تحولت للعلن، حتى تتم الاتفاقيات على مسمع ومرأى من العالم.
أما فيما يتعلق بالصراع الجاري في سوريا، رأت المجلة أنه مع وصول الصراع في سوريا لذروته وتدخّل إيران التي لم يكفها مؤازرة النظام السوري سياسيًّا، بل تقف معه عسكريًّا وليس بالسلاح فقط بل بالرجال أيضًا، وهي تهدد التدخل الأمريكي والضربات الأمريكية، وأوقفت بمساعدة روسيا سعي أمريكا لإنجاز ضربة عسكرية للنظام السوري بعد استخدامه الكيماوي.
مع كل المقدمات السابقة وصل الصراع السياسي بين إيران وأمريكا إلى مرحلة جديدة يبدو فيها أن تجديد العرض الإيراني بامتلاك السلاح النووي مع تقديم التنازلات الاستراتيجية لأمريكا؛ هو الخيار وسيد الموقف.
أيضًا، هناك تنسيق كبير، وتحديدًا فيما يجري في اليمن، حيث ينبغي الاهتمام بمشاكل اليمن، وهي جزء أصيل في الصراع مع إيران، وبالتالي إهمال اليمن سيجعله الثغرة التي ستنفذ منها إيران لدول المنطقة، فالحوثيون في شمال اليمن يراد لهم لعب نفس دور حزب الله في جنوب لبنان، وترك مشاكل اليمن وعدم الحسم العسكري مع الحوثيين سيجعلهم خنجرًا مسمومًا في ظهر دول الخليج.
لماذا يحرص البلدان على التقارب في الوقت الحالي؟
على الرغم من أن العلاقات بين الدولتين قديمة تعود إلى أواخر القرن الثامن عشر, وشهدت حينها توترات، خاصة مع بداية تعاون أمريكا مع شاه رضا بهلوي، وفي فترة الثورة الإيرانية عام 1979، إلا أن خفايا العلاقات الحميمة تبقى حاضرة بينهما، وإن كانت غير معلنة.
قد يسأل سائل حول السر في تمسك أمريكا بالعلاقة مع إيران، أو العكس، ليتضح بعد ذلك، أن المصالح المتزايدة في المنطقة، وبالتزامن مع الأزمات المتلاحقة هي من تفرض قوة العلاقة، ومصيرها.
ثمة من يرى أن أمريكا تريد أن تجعل إيران أداة لمكافحة “الإرهاب”، وهو الهاجس الأمني لدى الغرب عمومًا، وقدرتها – أي إيران- على منع الطيف السني خليجيًّا وباكستانيًّا وأفغانيًّا، حيث تشكل مفتاح حل أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من صراعات من شأنها أن تهدد أمنه واستقراره.
وزادت الحاجة لها في الوقت الحالي بعدما أدركت أمريكا عدم قدرتها على مواجهة تنظيم الدولة وحدها، الأمر الذي دفعها لإنشاء تحالف دولي وضم دول إقليمية إليه، ولكن عدم وجود إيران في هذا التحالف يحدث فجوة استراتيجية قد تؤدي إلى فشل الجهود الرامية إلى “ردع” تنظيم الدولة، كما يرى المراقبون.
أما بالنسبة للأسباب الكامنة وراء سعي إيران للتقارب مع أمريكا، فهي تندرج تحت تخطي أزمة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب عليها قبل سنوات عدة، والتي نتج عنها التضخم المتسارع الناجم عن العقوبات المصرفية والنفطية المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي. ومن الأسباب أيضًا التقليل من حالة الاحتقان السياسي والمتزامنة مع الأزمات المتلاحقة في المنطقة، فضلاً عن إقناع الغرب لاستعادة دورها التقليدي في الخليج، وهو ما كانت تمارسه قبل قرابة نصف القرن أيام الفترة “البهلوية”.
ما انعكاسات التقارب الإيراني الأمريكي على دول الخليج؟
دول مجلس التعاون الخليجي
يجعل التحرك الإيراني الأمريكي، والمكثف خلال الفترة الأخيرة دول الخليج العربي في حالة من التوتر، فبمجرد الحديث عن قرب أي اتفاق بشأن برنامج إيران النووي يسري الخوف داخل هذه الدول، لاعتقادها أن الاتفاق سيغير في السلوك السياسي الإيراني بالمنطقة، لا سيما سوريا ولبنان والعراق واليمن، والأكثر أهمية بالنسبة لدول التعاون هو التدخل في الشؤون البحرينية.
وحسب متابعين فإن الهاجس الخليجي مبني على إمكانية ظهور “مباحثات سرية” بين واشنطن وطهران قد تفضي إلى تنازلات أمريكية على حساب تلك المصالح، على أن يكون قصب السبق في ذلك هو للمصالح الأمريكية- الإسرائيلية.
والجدير ذكره، أن دول الخليج لها مشكلات ونزاعات متعددة مع إيران تعود أسبابها إلى عوامل الجوار الجغرافي، أو التنافس الاستراتيجي، أو الاختلاف المذهبي، وبالتالي أي اتفاق مع أمريكا سيكون حسب الحقوق الخليجية، خاصة وأن المفاوضات الأمريكية الإيرانية غالبًا ما تتم بشكل سري.
وفي حال تحول التقارب الحذر بين إيران والولايات المتحدة لاتفاق منعقد وموثوق به، ستحدث حالة إعادة اصطفاف إقليمي، فبينما تقترب إيران من الغرب رغم رفض إسرائيل لذلك، فقد تركز دول الخليج العربية على تطوير علاقاتها مع الصين الحليفة لإيران.
هل سيتأثر التحالف الأمريكي الخليجي فور الإعلان عن تقارب مع إيران؟
لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية لها علاقات وارتباطات وثيقة مع دول الخليج العربي، فإعلانها الاتفاق مع إيران، وإنهاء فرض العقوبات مع حل جذري لبرنامجها النووي يعني فك الارتباط مع هذه الدول، وستضطر دول الخليج للاعتماد على حلفائها الأوروبيين في حماية الممرات البحرية تحديدًا، كما يرى متابعون.
لذلك، هذا التحالف سيجعل الدول العربية الخليجية معرضة لمواجهة خيارات صعبة، فهي إما أن تقبل بالتقارب مع إيران، وإما أن ترفض خيار التقارب، وعندها ستكون مطالبة بامتلاك بدائل وسياسات قادرة على المنافسة والصراع.
وبالتالي، فإن خيار المواجهة والتحدي هو صعوبة المحافظة على موقف خليجي جماعي متماسك في ظل ظهور نوايا لدى أربع دول من أعضاء المجلس للتقارب مع إيران، إذ لم يبق غير السعودية والبحرين فقط خارج نطاق هذا التقارب، كما أن هذا الخيار في حاجة إلى منظومة تحالفات جديدة.
يطرح المراقبون ثلاث قوى إقليمية للتحالف مع الدول الخليجية منفردة أو مجتمعة في حال تم التوافق مع إيران وأمريكا، وهي تركيا وإسرائيل ومصر، بيد أن كل واحدة منها لها حساباتها الخاصة.
فتركيا حريصة على أن تعيد تقاربها مع إيران، رغم أنها تريد أن تكون حليفًا لما يسمى ب”الدول السنية” في المنطقة لأسباب اقتصادية وسياسية، فضلاً عن أن علاقتها مع مصر في ظل استمرار انحيازها للمشروع الإخواني متأزمة، مما يعرقل فرص التحالف الخليجي معها.
ثاني الخيارات أمام دول الخليج هو إسرائيل المتلهفة للتحالف مع “محور عربي” لمواجهة التقارب الأمريكي- الإيراني، وفرض صراع عربي– إيراني يحل محل الصراع التاريخي العربي– الإسرائيلي، وتفجير الصراع الطائفي السني– الشيعي لفرض هذه المعادلة الصراعية الجديدة أو البديلة.
وتبقى مصر هي الحليف العربي المرجح لإعادة بناء منظومة جديدة للأمن الإقليمي الخليجي، يربط هذا الأمن بالأمن القومي العربي عبر الدور المصري، ويؤسس لمفهوم جديد للأمن هو “الأمن التعاوني” المرتكز على قاعدة “توازن المصالح” بين العرب وإيران بدلاً من الأمن الاستراتيجي القائم على قاعدة “توازن القوى”.
ما نتائج التقارب على سوريا؟

حسب ما يرى الكاتب هاني سليمان في تقدير موقف له عن “التقارب الأمريكي الإيراني وتأثيره على القضية السورية”، أن سوريا أصبحت ملعبًا تتقاطع عنده مصالح الدول المؤثرة في النظام الدولي، وقد يتمثل المدخل الأسرعُ الآن لهذا النظام الجديد في العمل بجديةٍ وقوة لإيجاد أمر واقع يفرض نفسه في سوريا؛ لأنها باتت الساحة التي ستكون المفرق في تحديد خارطة المنطقة.
ووفقًا لتلك المعطيات المشار إليها في المركز العربي للبحوث والدراسات، فقد باتت الضربة الأمريكية للنظام السوري بعيدة المنال، وأضحت حلمًا بعد أن كانت واقعًا ملموسًا على الأرض، فإدارة أوباما لبّت لإيران وروسيا، وقدمت لهما الانتصار في الشرق الأوسط، فهي تراجعت عن الهدف المعلن لإسقاط النظام في دمشق، وهي تعهدت بحجب أي دعم لتغيير النظام في طهران.
واستيعاب معنى هذا التحوّل الجذري في السياسة الأمريكية ليس سهلاً، لكنه فائق الضرورة، ومن ثَم، فإن توالي عقد المؤتمرات دون وجود أثر لها على الواقع مؤشرٌ لا يقبل التشكيك في فشلها الذريع في الخروج بصيغة توافقية إجرائية بين المُجتمعين لحل الأزمة السورية.
وبناءً على التحولات في المواقف الأمريكية، فإن “جنيف 2″ ما هي إلا واحد من هذه المؤتمرات ذات الطابع التنظيري والكلام الفضفاض، جوهره المناداة بإطلاق عملية سياسية بقيادة سورية، حيث ترغب إيران في أن تتأكد من أنها لن تخسر نفوذها الإقليمي في سوريا، خاصة الصلة بين لبنان ودمشق والساحل عبر القصير وحمص.
والآن وبعد أن أكدت الولايات المتحدة أن الغرب لن يتدخل لخلع الأسد، تزايدت قوة إيران التفاوضية إلى حد كبير، ومن ثم فإن عقد صفقة بشأن برنامجها النووي وهيمنتها الإقليمية في هذا التوقيت سوف يكون في مصلحتها.
ومن جهة أخرى، هناك قوى إقليمية أخرى مشاركة في سوريا لا يمكن إغفال دورها؛ مثل قطر والمملكة العربية السعودية وتركيا، ومن ثم فإن تقديم أية تنازلات في سوريا لإرضاء إيران لن يكون له أثر طيب على باقي أنحاء المنطقة.
ويرى أيضًا أن التقارب الأمريكي الإيراني سيدفع دول مجلس التعاون الخليجي إلى إعادة النظر في موقفها من سوريا، وربما تبدأ دول الخليج في تقديم المزيد من الأسلحة المتطورة للمعارضة السورية لكي تغير توازن القوى على الأرض.
ويبدو أن الولايات المتحدة أدركت أخيرًا أن مفتاح القضية السورية والسيطرة على أفعال النظام هي إيران، لا روسيا ولا غيرها، ولو كانت علاقة روسيا بالنظام السوري تبدو عميقة إلا أنها مجرد علاقة مصالح أكثر منها علاقة نفوذ مع وجود شيء من هذا، لذلك كان مفتاح السيطرة والضغط على النظام ومفتاح الحل في سوريا هي إيران، حسب ما يرى الكاتب سليمان.
ما أثر التحول في العلاقات بين الدولتين على العراق؟

كان التحول في الاستراتيجية الإيرانية في أجلى صوره في العراق، حتى إن مسؤولين أمريكيين أقروا بالدور الحاسم الذي قامت به الجماعات المسلحة المدعومة من إيران خاصة في حماية بغداد من هجوم لتنظيم “داعش”، والذين يعملون في الوقت ذاته ضمن الحملة التي تقودها أمريكا.
ويرى مراقبون أن هذا التعاون من شأنه تعزيز موقف حكومة بغداد، خاصة أنه اتفاق مبطن بين الطرفين لاستغلال أزمة العراق من أجل إيجاد صيغة للتعاون مستقبلاً، حيث إن إيران لم تتدخل حتى الآن رغم ما ألحقه المسلحون من أذى برموز شيعية مقدسة في العراق، مع عدم تدخل الولايات المتحدة أيضًا.
وترى الخبيرة السياسية في الشؤون العراقية مها الخطيب نقلاً عن “دوتش فيليه” أن ما يحدث في العراق يخدم إيران لأنه كلما اختل الوضع العراقي كلما كانت تلك فرصة لإيران لتعزيز نفوذها فيه أكثر، ولصرف اهتمام المجتمع الدولي عما يحدث في سوريا.
وتعتقد الخطيب أن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تثبت للعالم أنها الضامن الوحيد لوحدة العراق وأمنه، وتسعى للدخول مجددًا إلى العراق من أجل ترتيب البيت الداخلي كما تريد.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري وصف تقدم مقاتلي “الدولة الإسلامية في العراق والشام” بأنه “تهديد وجودي للعراق”، في الوقت الذي صرحت فيه بلاده بأنها قد تشن ضربات جوية وتعمل مع إيران لدعم الحكومة العراقية بعد التقدم السريع للمقاتلين المسلحين السنة شمال العراق.
ولم يتم حتى الآن التطرق لتفاصيل دقيقة حول الشكل الذي سيأخذه هذا التعاون، لكن وزارة الخارجية الأمريكية كانت قد أعلنت أن المحادثات مع إيران بشأن العراق لن تكون حول تعاون عسكري، وإنما ستسعى واشنطن إلى حث طهران للضغط على حكومة المالكي لحل الأزمة بأسلوب غير طائفي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.