ننام كل ليلة بهدوء، نلتحف بالغطاء ونشعر بدفء المساء في ليالينا الشتوية، ثم يأتي الصباح نمارس فيه كل أعمالنا اليومية والحياتية، ونحن في أحسن حال.
أبوابنا مفتوحة وبيوتنا آمنة وأولادنا يمارسون حياتهم بكل أريحية وطمأنينة، في هذه اللحظات والأوقات الليلية والنهارية نفسها يوجد أبناء الوطن، أسود الوطن، حماة الوطن من يسهرون على حدود مملكتنا الحبيبة، يسهرون على حماية بيوتنا وشوارعنا وأنفسنا وأبنائنا يتعاقبون كالليل والنهار من دون كلل ولا ملل، بل يدفعون بأرواحهم وأنفسهم من أجل الوطن وكل من في الوطن، من يشاهدهم يلاحظ قوة عزيمتهم وشجاعتهم وتضحيتهم. ألف تحية إلى حماة الوطن، أسُودٌ برية وبحرية وجوية، رجال نشد الأزر بهم، من حرس الحدود، قوى الأمن، جنود وعساكر، قوى بحرية وجوية، نقول: (الله يحميكم ويسدد خطاكم بكل قوة وعزيمة لا تُقهر ولا تذل، وأن يجعل أيديكم تضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه زعزعة أمننا ووطننا).
هؤلاء الأسُود هم أيضاً لهم أُسَر وأهل وبيوت ومنازل، أبناء وأمهات، ومسؤوليات وأدوار أسرية واجتماعية، هناك من يحتاج إليهم أيضاً، فكم من أرواح ضحت وهي تحمل خلفها أبناءً صغاراً وزوجة وأماً، وربما يكون هو عائلهم الوحيد، على رغم ذلك لم يتأخر في حماية الوطن، وكلنا يعلم كم تحتاج أسرهم إلى اهتمام ورعاية، رعاية أب أو رعاية زوجة أو رعاية ابن. على رغم ذلك فهؤلاء مؤمنون بماذا عليهم من واجبات عظيمة من أجل الوطن؟ تترجم أفعالَهم سهام من نار في كل موقف وموقع وحدود، فلا استهتار أو ضغينة أو حقد أو عمل مشين يقبلون به، فتجدهم أول من يقف هناك، فهؤلاء حَرَس ساهرون بعيدون عن الشعارات البراقة والأحاديث المزعومة، بل لا تجد فيهم غير الصمت، أفعالهم تتحدث عنهم.
كم يحزننا عندما نسمع موت أحدهم غدراً؛ وهو تارك خلفه أبناء وآباء، الوطن روح يتنفس من خلال أفراده، من أفعالهم وأعمالهم، بالأمس قد افتقدنا رجالاً بواسل في الحدود الشمالية في عدوان آثم راح ضحيته قائد حرس الحدود العميد عودة البلوي وقائد العمليات سالم العنزي وعدد من الجنود، فكم من أسر خلفوا بعدهم، كل ذلك من أجل أرض الوطن، يجعلنا نتكاتف يداً واحدة، قلباً واحداً، صوتاً واحداً، ضد أي عابث أو حاقد يريد زعزعة الأمن وزرع الفتن.
صورة ابن الشهيد البلوى ستبقى بالذاكرة، تعطينا أنه لا تراخي في حماية الوطن، كل ما أصابهم أصابنا وكل ما أوجعهم أوجعنا، دموع أبنائهم غالية علينا، فلا خير في من يعيش من دون أن يحمي بلده ووطنه.
من هنا، لا بد من أن ترتفع الأصوات عالياً، وأن تستنكر هذه الأفعال المشينة، وأن تتحدث عن هؤلاء المقتحمين الذي تلبسهم روح الشر والحقد والفكر المتطرف. لا بد من أن يتحدث عن هذا كل من في المنابر ورجال الدين، والقنوات والصحف وأصحاب النفوذ، بأن تكون كلمتهم مسموعة لكل أفراد المجتمع، بأن يعوا ويستوعبوا أن هناك من يستهدف أمن البلد، وأن علينا مجهوداً مضاعفاً مع رجال الأمن والحدود، في لجم الإشاعات والأقوال المحرضة وأن نقول كلمة حق تحفظ أمن بلدنا «لا للتطرف».
هؤلاء حماة الوطن من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها يضحون بالغالي والرخيص، ويلبون نداء الوطن؛ لأنهم يدركون قيمة الأرض، قيمة الأمن، قيمة الاستقرار.
هؤلاء أسُود لا تهاب الموت شكراً لهم من الأعماق، شكراً لكل من ضحَّى بروحه ودمه وراحته من أجل حماية الوطن وأفراده.