في مرحلة كثر فيها التنظير، واختلفت الآراء، وتفرعت المكونات ، وبرزت ظاهرة إصدار البيانات الممجدة لأصحابها، لذا فمن الطبيعي أن تكون مثل هكذا عوامل سببا في خلق إرباكات بين جماهير شعبنا المحتشدة في كل الساحات. حيث يصعب التمييز بين الجاد والهازل، وبين الأصيل والعميل، والمخلص وغير المخلص -من القادة- بالذات مع ظهور مؤشرات إقليمية بالوقوف إلى جانب شعب الجنوب وندرك تماما حقيقة تلك المؤشرات التي تستخدمها دول شقيقة كورقة ضغط على القبائل اليمنية الشمالية للحد من اتساع المد الحوثي لا حبا بالجنوب وأهله ولا لفتة منهم لانتصار الحق. ولا يستبعد المتابع للحركة الثورية في الجنوب وما تشهده من تباينات واختلافات قيادية داخل الساحات أن تكون نتاجا لشروط تلك المؤشرات. ولو استلهمنا حقيقة ما يجري، واتعظنا من عبر ومآسي الماضي القريب، لوصلنا إلى خلاصة الأمور في ألا نعتمد إلا على الله سبحانه وتعالى ثم على شعبنا الأبي التواق لنيل الحرية والاستقلال إن أردنا تجنب الأخطاء السابقة بدلا من تكرارها أو الوقوع في شراكها مرة ثانية. ويسعدني أن أضع في مقالي هذا جانبين هامين أو بمعنى أدق اقتراحين بسيطين رأيتهما هامين لما لهما من تأثير مباشر ولأنهما من اقتراحاتي الشخصية الناتجة عن حسن نية وصدق ضمير. وسأطرحهما بكل وضوح وبالطريقة الاستفهامية كما هي دائرة في بالي ، وأتمنى أن يجدا قبولا عند الجميع خصوصا القيادة المؤقتة لمرحلة التصعيد الثوري، وهما على النحو التالي: - أولا: ماذا لو كان العصيان المدني يشمل المرافق الحكومية والمؤسسات والمحال التجارية التابعة لأبناء الشمال فقط.؟ بذلك نكون قد مارسنا ضغوطا على الاحتلال نفسه وعلى المستوطنين الشماليين المتوغلين في المدن الجنوبية، وخففنا من ألم وخسارة التجار البسطاء من أبناء الجنوب الذين أبعدوا وأحرموا من وظائفهم بأجهزة الدولة ويعتمدون بدرجة رئيسة على دخلهم اليومي في متاجرهم المتواضعة لإعالة أسرهم. أيضا هذه الخطوة تعد خطوة فعالة ومجربة بالوقت نفسه، ففي الوقت الذي حكم فيه على الأسير الجنوبي فارس الضالعي بالإعدام، أبدت الضالع حينها غضبها، وأعلنت حالة استنفار وفرضت عصيانا مدنيا سلميا ليومين أو ثلاثة أيام تقريبا على الشماليين فقط وكذا المرافق الحكومية بمختلف دوائرها. ولم تعطل آنذاك مصالح أبناء الجنوب إطلاقا لهذا لابد من النظر إلى هموم ومعاناة شعب الجنوب حتى لانزيد الطين بلة.. - ثانيا: لماذا لم نبحث عن مصدر مالي يغطي ولو جزءا بسيطا من النفقات على المعتصمين في الساحات. ولا أدعو هنا إلى خطوة مسلحة بل إلى خطوة أكثر سلمية وحضارية لكن لها مردود قوي وتأثير فعال يخدم ثورتنا المباركة ويساعدنا على تخفيف الأعباء الملقاة على عواتقنا. فلو سيطرنا مثلا على ضريبة بيع القات وحدها على مستوى محافظات ومديريات الجنوب وحرصنا عليها ومنعنا تسليمها للدولة لحصدنا مبالغ باهظة شهريا، وهناك أيضا ضرائب أخرى غير القات. فما بالك لو أحكمنا سيطرتنا على موارد أخرى؟ نعم! إنها خطوة بسيطة من خطوات التصعيد الثوري وهي سلمية بحد ذاتها، ويتم ذلك بالتنسيق مع الباعة والتجار من أبناء الجنوب وكل مديرية من مديريات الجنوب تحسم أمرها مع أبنائها ويتم انتخاب لجنة مالية مركزية لاستلام المبالغ من الأيادي المشهود لها بالنزاهة. والحديث عن مثل هكذا خطوات كثير جدا لكني أكتفي بطرح ما طرحته كأنموذج فقط حتى لا أسهب فيصبح حديثي مملا، مع العلم إن ما اقترحته هنا لا يعد ضروريا إلا من وجهة نظري الشخصية، لكني أتمنى أن ينظر إليه بعين الاعتبار.