منذ الاعتداءات الأخيرة على صحيفة «شارلي ايبدو» الباريسية لا تخلو العناوين اليومية في نشرات التلفزيونات الفرنسية من حديث عن الاسلام والمسلمين. فمن اقتراحات للحد من انتشار الاسلام المتطرف مروراً بالاهتمام الخاص بإجراء حوار مع شخصيات عامة فرنسية مسلمة للتعرف الى رأيها بما جرى وصولاً إلى دراسة صورة الاسلام في فرنسا ومدى تغيرها بعد الاعتداء الفاجع. وتبدو محاولة الاعلام العام والخاص جلية لدفع الفرنسيين للتمييز بين الاسلام كدين والارهاب «كانحراف» عن هذا الدين. يبدو هذا واضحاً، مثلاً، في تقرير بثته أخيراً « فرانس 2» (العامة) في نشرتها المسائية. التقرير كان حول استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «ابسوس» مع ألف و3 أشخاص على الانترنت ونشرته جريدة «لوموند» الفرنسية تحت عنوان «كيف عاش الفرنسيون اعتداءات كانون الثاني (يناير) وما تبعها من مسيرات؟ هل غيّرت هذه المرحلة نظرتنا للاسلام ولمجتمعنا عموماً؟ وما الاجراءات التي يجب أن تُتخذ لمحاربة التطرف الديني». ركز التقرير التلفزيوني على بضع نقاط من الاستطلاع وتجاهل بعضها (السؤال الأخير مثلاً)، وحاول التشديد على النواحي الإيجابية في إجابات المواطنين وإبرازها قبل السلبية. بعض الأمثلة: عن سؤال «هل نحن في حالة حرب؟» أجاب 53 في المئة بنعم و«لكن هم يفرقون»، شرح التقرير، بين الحرب ضد الارهاب الجهادي (84 في المئة) وبين الحرب ضد الاسلام («فقط» 16 في المئة). «لا خلط إذاً» يتابع التقرير ليستنتج «على أية حال» إن الاعتداء لم يؤثر سلباً على صورة الاسلام، بل «على العكس». وفي رد على سؤال إن كانت الديانة الاسلامية تتوافق مع قيم المجتمع الفرنسي فضّل التقرير ذكر ال 47 في المئة الذين أجابوا بنعم ( وليس الغالبية التي أجابت بلا). وهنا أيضاً يستنتج بأن هؤلاء الذين يؤمنون بهذا التوافق «هم أكثر فأكثر» عدداً، إذ ازدادوا 21 نقطة مقارنة بعام 2013 (لم يقارن بعام 2014 لأن النسبة أقل). وفي سعيه لتأكيد الحالة الايجابية لوضع الاسلام والمسلمين في فرنسا التقى التقرير المدير المفوض للمؤسسة التي أجرت الاستطلاع ليشرح أن أسباب عدم تأثر نظرة الفرنسيين للإسلام بعد الاعتداء يعود إلى تقدير الفرنسيين لدور ممثلي المسلمين (من رجال دين بخاصة) في دفعهم للتفريق بين المسلمين والجهاديين الارهابيين، كذلك دور المسؤولين السياسيين الذين «فعلوا الكثير» لمنع الخلط (بين الارهاب والاسلام). ولتبيان نسبة الفرنسيين الذين يظنون أن الاسلام هو «دين مسالم» والجهادية «انحراف» عنه، فقد اختار التقرير هنا التركيز على الغالبية (66 في المئة) مفضلاً ضمن، نظرته الإيجابية المتفائلة، سبق ال 33 في المئة التي ترى في الاسلام «بذوراً من العنف وعدم التسامح» بكلمة «فقط».