ليست المشكلة في أن نختلف أو ننقسم أو حتى حين تصير مليشيات الحوثي حاملة لراية ثورة التغيير التي اخفقت الاحزاب السياسية ومعها الرئاسة الانتقالية عن تمثل قيمها واهدافها ، وإنما المشكلة كامنة بماهية المحرك وغايته الوطنية الجمعية التي تجعلنا نثور او نستخدم القوة كوسيلة لتحقيق المآرب السياسية وفي بلد لطالما أثبتت احداث التاريخ أنه لا جدوى للنضال السلمي ما لم توازية قدرة على البطش والقتل . المهم باعتقادي هو على ماذا نختلف ونتصارع ؟ فما هو كائن الآن لا يوحي ويشيء بان خلافنا واختلافنا غايته المصلحة الوطنية الجمعية ، بل وعلى العكس فأغلب الفرقاء ان لم يكن جلهم هدفهم تحقيق مكاسبهم الذاتية الانانية ، وليذهب الوطن ومواطنوه الى جهنم .
تأملوا جيدا في ماهية القضايا المثارة اليوم لتدركوا حجم النكبة والازمة المستبدة بنا كغالبية مجتمعية ! نعم ؛ فكل هذه القوى المتآلبة الساخطة على بعضها همَّها الاساس تحقيق مكاسب نفعية ضيقة لا ترتقي أبدا لمصاف المنفعة الوطنية الجمعية .
لدينا رئيسا دولة وحكومة تحت الاقامة الجبرية وهنالك ايضا وزراء ومسؤولين ، ناهيكم عن قنوات وصحف ومؤسسات وهيئات ومقرات احزاب مستولى عليها بقوة السلاح ، ومع كل هذه الممارسات الحاصلة مازال فينا أناس يمكنهم مبادلة وطنهم ومجتمعهم ببعض مكاسب ضيقة انانية ذاتية لا تستقيم غالبا مع المصلحة والمنفعة الوطنية الجمعية .
فطائفة من الخلق لا ترى في اليمن واليمنيين غير ذاتها الانانية المتعجرفة ، وثانية لا ترى في هذه البلاد غير مصلحته الشخصية التي هي فوق كل المصالح والاعتبارات . وذاك لا يستطيع العيش في كنف دولة مستقرة مهابة ليس بوسعه احتمال نظامها وقوانينها التي ستكون هنا مهددة لكل ما أعتاده من فوضى وفساد وسطوة .
فئة رابعة وخامسة جل همها في السلطة وفي النفوذ والاستحواذ والقوة وغيرها من وسائل الجبروت والقهر والاثراء .وهكذا نجد ان الفئات المتصدرة المشهد الآن هي في الاغلب منشغلة في ترتيب وضعيتها الوظيفية والحزبية والسياسية والنفعية العائدة عليها في قابل الزمن .
اقرأوا بيانات الشجب والتنديد الصادرة من الاحزاب السياسية التي لولاها ما تجرأ الحوثي أو الرئيس المخلوع على الانقلاب العسكري الهمجي الطائفي المناطقي الظلامي . انظروا في وجوه الحُكّام الجدد القدماء ، وفي فعلهم ، كي تدركوا ان ما حدث لم يكن إلَّا انقلابا فجا وعبثيا يراد منه استعادة اليمن واليمنيين الى ماض نجزم أنه ولَّى وذهب ولن يعود مطلقا .
اضحك أم انتحب إزاء تأُسف مؤتمر الزعيم حيال ما حدث خارج سياق البرلمان المشؤوم ؟ كأنه لا ينقصنا غير صورة المخلوع وزمرته الفاسدة المتواطئة - التي لا ترى في استقالة الرئاسة والحكومة وفي ارضاخهما لمنطق العصابات وقطاع الطرق - غير ثأرها وانتقامها الشخصي وغير عودتها المظفرة المستمدة من غالبية نيابية فاسدة لا تؤتمن على بقرة في سوق الربوع .
فكيف بشعب ودولة ومرحلة تاريخية استثنائية ومفصلية كهذه التي يعول منها دولة وطنية اتحادية تشاركية نقيضة تماما لتلك الدولة المهترئة الفاشلة التي يجهد الزعيمين نفسهما كيما تظل باقية وكائنة دولة الكهذه باتت على وشك الانهيار .
يا شعب اليمن لا تنتظر ممن كانوا سببا في هذا المآل كي ينقذونك ، دعك من تصريحات بان كي مون وجمال بن عمر ووزراء خارجية مجلس التعاون او الاتحاد الاوربي ، فهؤلاء وعلى اهمية مواقفهم لن يفلحوا بازاحة ولو عسكري مبحشم في بوابة الرئاسة او الصحيفة او القناة .
نعم انت وحدك من يجبر الداخل والخارج كي يستجيب لمطلبك العادل والمشروع ،ولتكن ثورتك شعبية عارمة هدفها الدولة الاتحادية ودستورها وقيمها ومبادئها المنقلب عليها من عتاه الحقب الظلامية الماضوية المراد ديمومتها وبقائها باعتبارها واقع لا مناص من التسليم به .
لست هنا بصدد تبرأة الرئاسة او الحكومة ، فمع كل مساوئهما أعدهما أخر ما بقي لنا من رمزية ومشروعية ونظام وانتقال ومرحلة سياسية ما كان يجب ارضاخها وتجاوزها وبمنطق مليشاوي طائفي مناطقي متخلف مهين محتقر لوجودنا وآدميتنا وكبريائنا ،ومع ذا وذاك يراد فرضة على اليمنيين عموما وكأنه شيئا مقدورا .