لم يجد الانقلابيون الحوثيون الذين أدخلوا اليمن في مأزق متعدد العناصر، ومتشابك الأطراف، من مخرج لأزمتهم الخانقة سوى اللجوء إلى سياسة الهروب إلى الأمام في مسعى إلى الالتفاف على الإجماع اليمني والعربي والدولي الرافض لهم الذي تسارعت مفاعيله حتى وصل إلى أروقة مجلس الأمن الدولي. ففي تصريحات نُشرت أمس الأحد، قال محمد عبدالسلام الناطق باسم حركة “أنصار الله” التابعة للحوثيين، إن الشعب اليمني “لن يركع أمام أي تهديد أو وعيد”، على حد تعبيره. ويأتي هذا الموقف الذي وصفه مراقبون ب”المألوف” في مثل الوضع الحرج الذي يمر به هؤلاء الانقلابيون، قبل بدء مجلس الأمن الدولي جلسة عامة يُصوت خلالها على قرار يدعوهم إلى التخلي عن السلطة في اليمن، وبعد أقل من 24 ساعة دعوة مجلس التعاون الخليجي مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة للحفاظ على السلم والأمن الدوليين اللذين يهددهما استمرار الانقلاب على الشرعية في اليمن. كما يستبق هذا الموقف الاجتماع الطارئ الذي يعتزم وزراء الخارجية العرب عقده بعد غد الأربعاء في القاهرة لبحث الأوضاع في اليمن على ضوء المستجدات الخطيرة الناجمة عن سيطرة الحوثيين على السلطة. ويتزامن هذا الموقف مع احتشاد الآلاف من أبناء قبائل أبينجنوباليمن رفضا لانقلاب الحوثيين الذين لم يترددوا في استخدام الرصاص الحي باتجاه المحتجين في محافظة آب وسط اليمن التي تعيش على وقع تزايد الغضب الشعبي للإعلان الدستوري الانقلابي. ويرى مراقبون أن تصريحات الناطق باسم حركة “أنصار الله” التابعة للحوثيين، لا تخرج عن سياق التهرب من مواجهة الحقيقة والأزمات، ذلك أن هؤلاء الانقلابيين دأبوا على اللعب بأوراق النفوذ الإقليمي لدول أخرى على حساب أولوية الاهتمام بالوضع الداخلي اليمني. واعتبروا أن تلك التصريحات رد على البيان الصادر أول أمس عن الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء مجلس دول التعاون الخليجي الذي دعا فيه مجلس الأمن الدولي إلى التصدي لما قام به الحوثيون من انقلاب على الشرعية في اليمن.
جمال بنعمر : لا صلة لي بالإعلان الدستوري الذي أصدره الحوثيون
وشدد المجلس على ضرورة إصدار قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي يجيز استخدام القوة، وذلك للحفاظ على السلم والأمن الدوليين اللذين يهددهما استمرار الانقلاب على الشرعية في اليمن. ودعا مجلس التعاون الخليجي الحوثيين إلى “وقف استخدام القوة والانسحاب من كافة المناطق التي يسيطرون عليها، وتسليم الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والانخراط في العملية السياسية”. ويُنظر إلى هذا الموقف المُتعنت للحوثيين على أنه عملية استباقية لما قد يصدر عن مجلس الأمن الدولي من قرارات، وذلك بغض النظر عن التقديرات التي أشارت في وقت سابق إلى أن القرار المُرتقب لن يكون تحت الفصل السابع كما تُطالب بذلك دول مجلس التعاون الخليجي. وبحسب مصادر دبلوماسية غربية، فإن القرار المنتظر صدوره في وقت لاحق، يدعو الحوثيين إلى ترك السلطة والانسحاب من المؤسسات الحكومية التي استولوا عليها والإفراج عن الرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس وزرائه وأعضاء الحكومة الموضوعين جميعا تحت الإقامة الجبرية منذ أن استولى الحوثيون على السلطة. ولكنه يُهدد في المقابل بفرض حزمة عقوبات إذا لم يتم الالتزام به، وذلك في وعيد سبق له وأن استخدمه مرارا في قرارات سابقة بشأن الأزمة في اليمن ولكن دون فائدة. وأرجع مراقبون خلوّ القرار المرتقب من أي تلويح باستخدام الفصل السابع، إلى موقف روسيا التي يبدو أنها غير متحمسة لفرض عقوبات على الحوثيين، لا سيما وأنها هي نفسها تخضع لعقوبات أميركية وأوروبية منذ ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية. إلى ذلك نفى المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر صلته بالإعلان الدستوري الذي أصدرته جماعة الحوثي في السادس من فبراير أو موافقته المسبقة عليه. واستغرب بنعمر، في بيان صادر عن مكتبه قيام بعض المنابر الإعلامية بنسب تغطيات أو تصريحات مغلوطة لشخصه. وتابع البيان “ولاحظ المكتب تكرار التغطيات المغالطة التي تنسب إلى مستشار الأمين العام تصريحات لم يدل بها أو تظهره على أنه طرف في الأحداث الجارية أو على أنه منحاز إلى جهة بعينها”. وجاء هذا البيان لنفي صلة بنعمر بالإعلان الدستوري جراء اتهام الحوثيين له بالتعاون معهم للانقلاب على الرئيس عبدربه منصور هادي وتشكيل المجلس الرئاسي.