في هذه المرحلة الضبابية والعصيبة التي تمر بها البلاد كلما عرجت بتفكيري على آخر مستجدات الثورة الجنوبية لا ادري لماذا اتذكر هذه الكلمات المؤلمة التي تقول " ستبكون يوماً كالنساء على وطن لم تحافظوا عليه كالرجال " وتطغى على تفكيري المشوش وتفرض نفسها وبقوة حتى اني لا ارى بصيص الامل الذي كنت اراه في المراحل النضالية السابقة وكأن من قالها عاش واقعنا بكل تفاصيله وكلماته المؤلمة وجهها لأبناء الجنوب لا سواهم . في الحقيقة شيء مؤسف ومؤلم ويحز في النفس عندما اتأمل حال ثورتنا وما وصلت اليه من ضعف وهوان وتخبط . فبعد ان كان ثوارها الشرفاء تواقين للحرية وقدموا التضحيات تلو التضحيات من اجل استعادة كرامة الجنوب واستقلاله اصبحوا اليوم كرجل عاجز لا يستطيع الذود والدفاع عن كرامة اهله وهو يرى عرضه ينتهك جهاراً نهاراً . لا يتحمل ثوار الجنوب كامل المسؤولية بما آلت اليه الاوضاع الراهنة في الجنوب ولكنهم يتحملون الجزء الاكبر من المسؤولية لانهم اعلنوا امام العالم عن رفضهم لغطرسة الاحتلال وجبروته . قد ينتقدني احدهم ويقول ان ثورة الجنوب سلمية منذ انطلاقتها وليس باستطاعتها مواجهة فوهة البنادق ، فالاحتلال احتلال اكان متمثل في عفاش وبلاطجته او الحوثي وجماعته ومهمتها الاساسية " اي الثورة " ايصال رسالة ثورية فحواها ان شعب الجنوب مضطهد ويتعرض للقتل والتنكيل من قبل احتلال غاشم نكث عهود الوحدة المتفق عليها وحرف مواثيق الشراكة التي قامت بين الدولتين في عام 1990م حتى يلتفت العالم اليه ويرفع عنه الظلم ويقف الى جانبه في حق تقرير مصيره . لا اختلف مع من يوجه لي مثل هذا الكلام فهو كلام سليم ومنطقي فالثورة الجنوبية وعلى انقضاء ثمان سنوات من عمرها قد قدمت رسالتها للعالم ولفتت الانظار الى حد ما ، وبالرغم ان اهدافها عادلة ومشروعة الا انها لم تتعامل مع مجريات الاحداث بشكل ايجابي وكانت هناك سلبيات تحدث ، وهذا ايضاً شيء طبيعي يحدث في اي ثورة ولكن غير الطبيعي هو عندما انتقدنا سلبياتها نقداً بناء لم نجد اذان صاغية فالبعض اتهمنا باننا نسعى لشق الصف الجنوبي وعرقلة الثورة والبعض الاخر كان يقول ان المرحلة حساسة ولا تتطلب تقديم النقد ، فغالبية ثوار الجنوب كانوا وما زالوا يحلمون بقيام دولة جنوبية مستقلة ولكنهم لم يبذلوا قصارى جهد حتى بالتفكير في كيفية تحقيق احلامهم على ارض الواقع , فالعالم حتى اذا رأى ان قيام دولة في الجنوب سوف تحافظ على مصالحه الا انه لن يتعامل مع ثوار لا يجيدون لغة السياسة وابجدياتها .