التاريخ الحديث لليمن شمالا وجنوبا يمر في هذه اللحظات بمرحلة فارقة. فخروج هادي من صنعاء, واعتماد عدن عاصمة مؤقتة ,غيّر من ملامح اللعبة السياسية وفرض أدوات ومتغيرات جديدة ,وأعاد صياغة التحالفات السياسية وطنيا وإقليميا. ربما من مساوئ الأقدار وربما من أو فرها حظا للجنوبين, أن أصبح لهم دورا جوهريا في تحديد ملامح ومستقبل اليمن الحديث بشطريه شمالا وجنوبا, وهم اليوم معنيين أكثر من غيرهم من أبناء المحافظات الشمالية للتعاطي مع هذه المستجدات السياسية بنظرة أكثر عمقً ورويةً . ولعب دورأ محوريا في رسم مستقبل اليمن … هناك مثل حضرمي يتندر به الحضارم ( هدية الهر حنش) ، يقابله بالفصحى " هدية القط أفعى " أي بمعنى إن القطط لا تجلب غير الهوام والأفاعي الميتة, لبيت راعيها كهدايا. ظناً منها إنها تبرهن له عن حبها وحرصها على سلامته, ويضرب المثل للإساءة الناجمة من فعل قصد به الإحسان في ضاهره . شريحة الرافضين لقدوم لهادي وهدية بيانه. عليهم أن يدركوا فضائل تلك الهدية, التي وضعها هادي في سلة القضية الجنوبية، بمن فيهم أولئك المطالبين بخيار فك الارتباط. يتوجب الجنوبيين بكافة فصائلهم وتياراتهم السياسية أن يتعاطوا إيجابا مع رؤية هادي وان يدعموا جهوده, باعتباره تكتيكاً استراتيجياً مرحلياً , يخدم القضية الجنوبية، وليس هدفا استراتجيا وتنازلً عن خيار استعادة الدولة لعدة أسباب نوجز أهما.
أولاً/ إن اعتبار عدن عاصمة سياسية مؤقته ، سيحد من نفوذ القوى الارستقراطية و البيروقراطية الشمالية, المهيمنة على ثروات الجنوب, والمعادية لخيار فك الارتباط عن الشمال. وفي المقابل سيحضى الجنوبيين بلوبي مؤثر قريب من صناع القرار السياسي، سيكون له الإسهام في تمكين أبناء الجنوب من أدارة شؤونهم بأنفسهم. ثانيا/ خطورة سقوط الدولة في الشمال بيد الحوثيين وحليفهم عفاش على مستقبل القضية الجنوبية لا يمكن إنكاره ، وخاصة بعد خطابات عبد الملك الحوثي وتقزيمه للقضية الجنوبية واعتبارها قضية مطلبية فقط. ثالثا/ كسب التعاطف الدولي والإقليمي و التماهي مع مخاوفه, يعد فرصة سانحة لاغتنام دعمهم ومساندتهم لخدمة أهداف القضية الجنوبية . رابعا/ تحالف الجنوبيين حول هادي سيعد التفاف ودعم , للمكون الحضاري والثقافي بمفهومه الإنساني المدني في الشمال .