المتتبع للوضع بالجنوب يدرك وبجلاء ان الشارع الجنوبي انقسام الى ثلاثه اقسام في تحديده لاتجاه تطور الاوضاع بعد وصول الرئيس المستقيل هادي الى عدن وهي: 1 اتجاه سياسي عقائدي يتمسك بالوحدة ويدعم بقوه استمرارية شرعية رئاسة هادي لليمن في مواجهه الانقلاب الحوثي على السلطة بصنعاء ويرى في هادي واجراءاته الأخيرة املا في اعادة لملمة القوى اليمنية المتضررة من السيطرة الحوثية و رمزاً لشرعية الدولة واداتهم الفاعلة لاستنهاض عزيمتهم ورص صفوفهم لاستعادة قوتهم ووسيلة لكسب الدعم والتأييد الخارجي الإقليمي والدولي لاجبار الحوثيين على إعادة الأوضاع الى ماقبل سبتمبر2014م ويضم هذا الاتجاه جملة الجنوبين المنخرطين في الفكر العقائدي الإخواني والسلفي المنظوين في الفروع الجنوبية لحزبي الاصلاح والرشاد اليمنية، وكذا الجنوبين المنتمين في معظمهم لاصول شمالية و يتبنى غالبيتهم الفكرالقومي ويشكلون فروعا جنوبية لأحزابهم اليمنية الاشتراكي والناصري والبعث وتتوحد جميعها لدعم الرئيس هادي في تبنيه لمشروع الدولة الاتحادية التي تقسم اليمن إلى سبع وحدات مستقلة إداريا وتشريعيا وماليا وفقا لما تضمنه مشروع الدستور الاتحادي ضمت ثلاثة اقاليم وولاية الأمانة في الشمال واقليمين وولاية عدن بالجنوب وبحدودها الحالية التي استحدثها نظام صنعاء بعد حرب 94 م وتخضع كل منها مباشرة للحكومة المركزية بصنعاء لتشكل معا الدولة الاتحادية اليمنية وهو محور خلافهم مع الحوثين والمؤتمر الذي ينعدم لهم اي وجودشعبي في الجنوب في هذه الفترة تحديدا.
2- ااتجاه وحدوي غير عقائدي ولا تمثل لهم الوحدة سوى وسيلة لحماية نفوذهم ومصالحهم الخاصة التي نشأت وتطورت بنشوء وتطور دولة الوحدة القائمة على المحسوبية والفساد والولاء الشخصي للرئيس صالح خلال فترة حكمه الطويلة وكان انحسار نفوذه بعد خلعه دافعا لغالبيتهم لتغيير وجهه ولائهم لشخص الرئيس التوافقي الجديد الجنوبي الانتماء هادي وعلى راسهم المنتمين للمؤتمر الشعبي العام في الجنوب وانصاره للمحافظة على هذه المصالح المهددة بالزوال واعاد لهم انتقال هادي الى عدن الأمل باستمراريه مصالحهم التي تدفعهم اليوم لدعمه اكثر ان قرر السعي للانفصال لضمان استمرارية احتفاضهم بهذا النفوذ في دولة الجنوب ايضا ولايتفرد بهذا الاتجاه سوى نسبة بسيطة جدا ممن احتفظ وابولائهم للمخلوع في فروع المؤتمر الجنوبية التي ستفقد حتما مصالحها مع الانفصال ويدفعهم هذا الخطر ليكونوا الاكثر تمسكا من غيرهم بهذه الوحدة.
3- الاتجاه الثالث وهو الاتجاه الاكثر عددا وانتشارا في الساحة الجنوبية والذي يتجاوز 80%من اجمالي سكان الجنوب مشكلا قاعدة حراك الجنوب الصلبة المتمسكة بفك الارتباط طريقا للتحرير والاستقلال الذي تجاوز خلافات قيادات مكوناته السياسية المنقسمة بدافع انانيتها في التفرد بالسلطة الوهمية التي عرقلت وحدة اداتها لقيادة الثورة الجنوبية تحت وهم ذرائع الاختلاف التكتيكي واساليب ووسائل العمل والمفاهيم النضالية وغيرها من المبررات الوهمية التي كانت سببا حاسما في فشل الأداء السياسي القيادي القادرعلى استثمار زخم الحراك الثوري المسيطرفعليا على مختلف مجالات الحياة في الجنوب ولم تتمكن هذه القيادات بمن تحويل هذا الانجاز الشعبي لانجاز سياسي على الارض لكن وحدة هذه القواعد ضلت على الدوام ولازالت الضخرة الصلبة التي افشلت كل مؤامرات الاحتلال للقضاء على الحراك وثورنه التحررية الجنوبية .
لكن المتتبع عن قرب يمكنه ان يلحظ المتغيرات الجديدة على الساحة الجنوبية التي بدات عقب الانقلاب الحوثي على الرئيس هادي واقامته الجبرية التي استمرت مايقارب الشهرففي حين نلاحظ استمرارية تطابق توجهات وتصريحات الرئيس هادي القديمة واللاحقة في عدن المؤيدة للوحدة وتمسكه بشرعيته الانتخابية لرئاستها ودعواته لاستكمال الحوار وفي مقدمتها الاقاليم والمتوافقة شكلا ومظمونا مع تصريحات وتصرفات ومساعي قيادات السلطة المحلية في محافظات الجنوب وخطواتها الاستباقية لتطبيق مشروع الاقاليم الذي يشكل اخطر مشاريع الاحتلال وعداء صريح من قبل هادي والسلطات الجنوبية المساندة له للثورة الجنوبية وحراكها التحرري المؤمن بالتحرير والاستقلال.
ولكننا نلاحظ ايضا نوعا من التناقض لهذا التوجه والذي يبرز بوضوح في تصرفات اخرى ميدانيه تشكل رسائل من الرئيس هادي والسلطات المحلية التي تدين بالولاء له والتي تتمحور حول افعال وتصرفات اللجان الشعبية التي شكلها الرئيس هادي نفسه وتدين بالولاء له شخصيا ومن خلاله للسلطات المحلية وتحديدا في اقليم عدن التي تدفع بلجانها لمشاركه الحراك في فعالياته الميدانيه وتبنيها لرفع علم الجنوب على كل المرافق التي تتولى حمايتها ويذهب البعض لاعتبارها نواه قوة حماية جنوبية شعبية في مواجهه الأمن والجبش اليمني والتي بسحب بساط المهمة الأمنية من تحت اقدام ركيزة الاحتلال الامنية ممثلة بالأمن المركزي تمهيدا لاخراجه من المشهد الامني بالجنوب كليا إضافة الى اجراءات اخرى تبدو وشيكة كما يتوقعوا تمهد لاستعادة مرتكزات اسس الدولة الإدارية والمالية والاقتصادية والعسكرية في عدن تحت مسمى عاصمة الدولة اليمنية المؤقتة التي ستمهد لقيام اسس الدولة الجنوبية ويعزز اعتقادهم هذا رفع هذه اللجان لعلم الجنوب في اشارة لتوافقها في الهدف التحرري مع حراك الجنوب ورمزية الصدامات الأخيرة مع الامن المركزي الاجرامي ودعوتها كل الجنوبين للالتفاف حولها في نضالها من اجل تحرير واستقلال الجنوب . لقد ادى هذا التضارب في هذه الرسائل لخلق حالة من الارباك والشك في حقيقة توجهات الرئيس والسلطة المحلية ولجانها الشعبية التي جعل الحراك الجنوبي وقياداته تنقسم ايضا في تحليلها لمضمون هذه الرسائل . ففي حين يراها البعض خطوات أولية وتدريجية ملموسة نحو استعادة مقومات الدولة الجنوبية الإدارية والمالية والعسكرية والمنية التي يبشرمروجيها لإمكانية تنفيذها بالتدريج لتجنب توحد القوى الشمالية المحتلة للجنوب ضدها والدخول معها في مواجهه مبكرة لم يستعد لها الجنوب بعد لإعادة السيطرة عليه بالقوة من جديد ويدعون الجنوبين للتجاوب معها وعدم عرقلتها بل ومساعدتها على تنفيذ خططها التي قد تبدو متناقضة مع مصالح الجنوب لكنها ستخدمه مستقبلا. فان البعض الأخر وهم غالبية القيادات والقواعد الحراكيه الحقيقيه يرون في هذه الاجراءات تضليلا والتفافا على الحراك واهدافه ولاتمثل اي خطوات جنوبية جدية على الأرض وابرزها تبني العلم الجنوبي ورفعه في مواقع تواجدها والممكن انزاله من قبلهم في اي وقت واقنصار المواجهات بين اللجان والامن المركزي على الاحداث العرضية بين اخوه السلاح كما وصفتها السلطات نفسها ويكمن هدفها الرئيسي في شق الحراك واحتوائه وتخديره عبر سياسة التضليل الى حين تستقر الامورفي صنعاء ليتم معاودة فرض سيطرة الدولة على الجنوب بالقوة ويبدوا ان هذا هو التفسير المنطقي الاقرب الى الواقع والذي بدات اهدافه تتحقق وخاصة بوادو انقسام حراكي قيادة وقواعد في مواجهه خطط وتوجهات السلطة المحلية التي تتجه وبقوة لفرض الاقاليم تحديداوتغلغل افرادها وعناصر لجانها الشعبية في عمق الحراك لافشال اي توجه له يمكنه من استغلال هذه الظروف لتحقيق الانفصال وهو نجاح كبير للسلطة المحلية وهادي من ورائها والتي تمكنت لأول مره من افشال توجهات الحراك الانفصالية وفي ادق الظروف واصعبها و دون مقاوم ة مستخدمه وسائله واساليبه ومفردات خطابه السياسي التحرري وعلمة الانفصالي ايضا .
وفي ظل هذه الظروف فان المؤكد هو استمرار حالة الغموض والضبابية على المشهد الجنوبي الذي تدل معطياته المتضاربة ايضا على وجود مؤشرات متناقضة للسير بالجنوب نحو اتجاهي الوحدة والانفصال معا ولكن المؤكد انه اذا كانت نوايا هذه الخطوات جر الجنوب نحو الاقاليم ولم يتنبه لها الحراك فان هذه الخطوات ستشكل ضربة قاضية له ولثورته وللهوية الجنوبية برمتها ويستحيل والى الابد على شعب الجنوب المفكك والمتعدد الهويات النهوض من جديد لاستعادة هويته الوطنية مره اخرى.