احتار الشعب اليمني المغلوب على أمره في أمر حكامه الذين اختلفوا ويختلفون دائماً في كيفية تقسيم وطنه, وهم دائماً يختلفون وباستمرار باسم هذا الشعب المحتار, تارة يريدون تقسيم وطنه إلى إقليمين وتارة إلى سبعة وتارة أخرى إلى ستة أقاليم. والغريب في الأمر, والذي لن يتغير أبداً, هو أن الحاكم هو هو, والمحكوم هو هو, وهذا التقسيم لن يغير من الأمر شيئاً سوى تفتيت الوطن وتقسيم المقسم وتجزيء المجزأ. شعب ما بعد الفاصوليا أصبح محتاراً جداً جداً في ما يدور حوله, يسمع عن الطبخات هنا وهناك وهو لا يدري عنها شيئاً, ولا أحد يطلب رأيه ولا أحد يستشيره في أمره. فالفاصوليا قد أخذت منه كل مأخذ وهاهم حكامه يزيدونه حيرة في حيرة, ودهشة في دهشة, ويتقاسمون كعكة الوطن المطعون في ظهره والمغدور في أمره ويدعون الوطنية والحكمة اليمانية وهي أبعد ما تكون غائبة عن جماجمهم التي تفوح منها رائحة البارود ويسمع منها دوي القنابل وضجيج المجنزرات وأزيز الطائرات الحربية. إنهم يتحدثون عن المدنية وهم بعيدون منها, ويتحدثون عن الديمقراطية وهم يدوسون عليها بأحذيتهم, ويتحدثون عن الحضارة وهي أبعد ما تكون عن أفكارهم وخواطرهم, إنهم أقلام بيد كتبة ولا يكتبون سوى ما يملى عليهم من الخارج وليس رغبة في إخراج الوطن من محنته ولكن تلبية لرغبات خارجية قررت تقسيم الوطن إلى ورشات عمل, كل مجموعة تخطط وترسم ما يملى عليها بعيداً عن المجموعة المجاورة, بحثاً عن حصص ونفوذ واستئثار وهيمنة واستئساد, والشعب قد أكلت منه الفاصوليا ما أكلت, ولم يبق له سوى انتظار ما سيخرج به التقسيم ليصفق لهؤلاء الذين يتقاسمونه كما يتقاسمون كعكة العيد, ويتجاذبونه, كما يتجاذبون خيوط المعكرونة بشوكاتهم الحديدية, وكله باسمك أيها الشعب المسكين المغلوب على أمرك. والجميع لا يدركون ما معنى الفدرالية ولا الكونفدرالية ولا معنى الأقاليم, ولو أدركوا ذلك لما دخلوا معمعة هذه المصطلحات التي أنها أكبر من أن يفهموها أو يدركوا معناها. أخيراً.. نشكر الأعضاء المشاركين في مؤتمر الحوار الشامل الذي جمع تحت قبته من هب ودب دون أن يعوا ما الذي جرى تحت هذه القبة ولا ما تم الخروج به من مخرجات كانت مرسومة مسبقاً من خارج إطار هذه القبة, وإذا كثر الطباخون فسدت الفاصوليا.