من يظن أن أبين أستكانت أو انكسرت فهو واهما قلبه وبه (مسّ) من الشيطان أو (هستيري) من واقع الحال والأحوال والمصائب العظام, أبين لم تستكن أو تنكسر ولم تخضع أو تركع, ولم يول أهلها الأدبار, هي صامدة صمود الجبال, شامخة شموخ القمم, بها رجال لا يهابون الموت (ويسوقون) أرواحهم إليه سوقا.. إينما يممت وجهك ووضعت رحالك تجدهم في ساحات النزال وميادين البطولة والفداء لا يرهبهم عدو أو يخيفهم غازِ أو تزلزلهم مصائب أو تثنهم خطوب, يبحثون عن الموت في سبيل الذود عن الأرض والعرض والدين والأوطان, ويهبون أرواحهم ليحيى الآخرين بأمن وأمان وسكينة وأستقرار..
كان لأرواحهم الطاهرة التي أزهقت, ودماؤهم الزكية التي سالت في شتى بقاع (جنوبنا) الغالي والوطن أجمع في الماضي القريب في ميادين الإباء والتضحية الأثر البالغ في النفوس, وغيرت منظومة الحياة وقلّبت موازين كثيرة وحفظت ماء الوجوه وأعادت الكرامة لوطن تهالك وتخاذل أبناءه وتركوه يئن صريعا بين أكف الفاسدين وفي أحضان المستبدين الهمجيين..
أبين التي لم تشفى بعد من جراحها, ولم يتوقف بعد نزيفها, ولم تستعد بعد عافيتها, اليوم كسائر مدن الجنوب تنتفض ولم تؤثر الإستكانة أو ترضى أن تقف موقف (المتفرج), بل أنتفضت رغم كل شيء تسير بكبرياء المسحوق والمتألم لتقف بذلك (الشموخ) المعهود وتلك العزة المعتادة في وجه الأعادي تدفع بأطفالها قبل شبابها, وبنسائها قبل رجالها إلى ميادين الشرف وساحات النزال, لتثبت لكل المتشدقين ولكل من (يطعنون) ويشككون فيها أن أبين التي تركها الكل تحتضر وتعاني (سكرات ) الموت في الماضي القريب تهب اليوم روحها وأبناءها فداء للدين ولوطنها (الجنوب) وفداء للحرية وللأمن والأمان, ولن يهنئ أو يطمئن فيها أي معتدِ وطأت قدماه تربتها..
أبين كسائر مدن (الجنوب) المحتل الذي يعاني اليوم الظلم والضيم والأنتقاع على طريقة الحاقدين وأعداء الأمس, تخوض معارك طاحنة وحرب ضروس أمام عدو الجنوب, وأذاقته شتى صنوف الخوف والعذاب والتوجس, وبثت الرعب في دواخله وجعلته خائف (يترقب)..
أبين ياسادة ياكرام في المضمار تخوض ذات النزال , تقذف براكينها (حمم) البسالة ويسطر رجالها حكايات البطولة, ومثلما عودتكم أن تكون (بوابة) النصر على مر الزمان, ثقوا بالله ثم برجالها ستكون كذلك, ولا داعي للأقاويل الباطلة أو لصب الزيت على النار, وليخرس المرجفين فأبين (كبيرة) رغم كل شيء.. .