منظمة أطباء بلا حدود هي منظمة طبية إنسانية دولية تقدم الرعاية الطبية عالية الجودة إلى الشعوب المتضررة من الأزمات بغض النظر عن العرق أو الدين أو الانتماء السياسي. كل يوم، يوفر أكثر من 27،000 موظف ميداني لأطباء بلا حدود في جميع أنحاء العالم المساعدة إلى الشعوب المتضررة من العنف أو الإهمال أو الأزمات، ويعود ذلك أساسا إلى النزاعات المسلحة أو الأوبئة أو سوء التغذية أو الحرمان من الرعاية الصحية أو الكوارث الطبيعية.
خلال عام 2008، أجرت منظمة أطباء بلا حدود ما يزيد عن 8 ملايين استشارة طبية خارجية وعالجت أكثر من 312،000 مريض في أقسامها الداخلية. وقامت فرق المنظمة برعاية 230،000 مريض مصاب بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، وبتطعيم 2.7 مليون شخص ضد الحصبة أو التهاب السحايا، فضلا عن معالجة 1.2 مليون شخص مصاب بالملاريا، و1.4 مليون طفل يعانون سوء التغذية الحاد. كما أجرت 100،000 ولادة بما في ذلك الولادات القيصرية، و 130،000 استشارة فردية معنية بالصحة العقلية والنفسية و 50،000 عملية جراحية كبرى.
قامت مجموعة من الأطباء والصحفيين بتأسيس منظمة أطباء بلا حدود عام 1971 بهدف إنشاء منظمة مستقلة تركز على الطب المعني بحالات الطوارئ والتحدث علانية عن أسباب معاناة الإنسان. يستند عمل منظمة أطباء بلا حدود على المبادئ الإنسانية المعنية بأخلاقيات مهنة الطب وتلتزم بالإدلاء بالشهادة والتحدث علانية.
منظمة أطباء بلا حدود لديها مكاتب في 19 بلدا تدعم المشاريع القائمة في نحو 65 بلدا. كما تضم المنظمة خمسة "مراكز لإدارة عمليات الإغاثة" تتحكم بشكل مباشر بالمشاريع الميدانية، وتقرر متى وأين وما هي المساعدات اللازمة ومتى إنهاء برامجها. في حين أن الأدوار الرئيسية للمكاتب الأخرى هي توظيف المتطوعين وجمع التبرعات ومساندة الشعوب عرضة للخطر فضلا عن جمع التبرعات من القطاع الخاص للحفاظ على الاستقلالية المالية التي تتمتع بها المنظمة.
يتألف طاقم منظمة أطباء بلا حدود الميداني من أطباء وممرضين وإداريين وعلماء الأوبئة وتقنيي المختبر وأخصائيي الصحة العقلية والنفسية وخبراء الخدمات اللوجستية والمياه والصرف الصحي. وتضم أغلبية فرقنا الموظفين الميدانيين المحليين في البلدان التي تقع فيها الأزمات ويشكل الطاقم الدولي نسبة عشرة بالمائة من مجموع الموظفين. ويلتزم جميع أعضاء منظمة أطباء بلا حدود باحترام المبادئ المنصوص عليها في ميثاق منظمة أطباء بلا حدود. مبادئ منظمة أطباء بلا حدود يستند عمل منظمة أطباء بلا حدود على المبادئ الإنسانية المعنية بأخلاقيات مهنة الطب.
منظمة أطباء بلا حدود غير متحيزة، تلتزم بتقديم الرعاية الطبية عالية الجودة للشعوب المتضررة من الأزمات بغض النظر عن العرق أو الدين أو الانتماء السياسي.
منظمة أطباء بلا حدود مستقلة. [نسبة تسعين في المئة] من مجموع التبرعات تأتي من مصادر خاصة وليس من الحكومات. ويضمن هيكل التبرعات هذا استقلالية فرق أطباء بلا حدود في تحديد عملياتها الأولوية وتدخلاتها التي تقوم وفقا للاحتياجات فقط، وليس وفقا لأي جدول أعمال سياسي أو اقتصادي أو ديني أو اجتماعي.
منظمة أطباء بلا حدود محايدة. لا تتحيز المنظمة لأي طرف من أطراف النزاعات المسلحة، وتوفر الرعاية على أساس الاحتياجات فقط، كما تكافح لزيادة إمكانيات الوصول المستقل إلى ضحايا النزاع وفقا لموجب القانون الدولي الإنساني.
منظمة أطباء بلا حدود تلتزم بالشفافية والمساءلة. تصدر المنظمة كل عام تقارير مفصلة حول أنشطتها فضلا عن تقارير مالية، بما في ذلك الحسابات التي تمت مراجعتها والتصديق عليها. وتسعى منظمة أطباء بلا حدود إلى الصرف قدر الإمكان على عملياتها وترشيد النفقات الأخرى مثل جمع التبرعات والإدارة. خلال عام 2008، تم إنفاق نسبة 81% من مجموع النفقات الدولية على مشاريع الإغاثة لمنظمة أطباء بلا حدود (النفقات المباشرة للعمليات، ودعم العمليات، والإدلاء بالشهادة، وغيرها من الأنشطة الإنسانية)، في حين خصصت نسبة 13% لجمع التبرعات ونسبة 6% للشؤون الإدارية والإدارة العامة.
غالبا ما تشهد فرقنا الموجودة على أرض الميدان أعمال العنف والفظائع والإهمال التي لا تتلقى الاهتمام الدولي على نطاق واسع. فتلتزم منظمة أطباء بلا حدود بالتحدث علانية في محاولة رفع الأزمات المنسية أمام الرأي العام، وبتنبيهه إلى الانتهاكات التي تحصل خلف العناوين الرئيسية، وبانتقاد أوجه قصور نظام الإغاثة، فضلا عن التصدي لاستخدام الإغاثة الإنسانية من أجل مصالح سياسية. المزيد هذه الشهادات يقدمها لعدن الغد مكتب اطباء بلا حدود في اليمن وتنشرها لاهميتها حسني منصور مشرف التمريض في عدن- 15مايو 2015
أمكث في المستشفى منذ بداية الإشتباكات في 19 من مارس و بسبب خطورة الوضع في عدن و إشتداد الإشتباكات لم أستطع مغادرة المستشفى منذ ذلك اليوم سوى مرتين اثنتين. المرة الأولى كانت لنقل أحد المرضى إلى مستشفى متخصص لإن حياته كانت مهددة بسبب إصابته الشديدة في البطن و عجزه عن التنفس. كان علي أتخاذ هذا القرار و المخاطرة بحياتي لأجل إنقاذ حياة المريض و الحمد لله تم إنقاذه و هو الأن حي يرزق.
أما المرة الثانية التي غادرت فيها المستشفى كانت للمشاركة في دفن صديق عزيز كان مسئولا إدارياً لاحدى المستشفيات المحلية لكنه لم يتخل عن وظيفته كممرض و كان يعمل متطوعاً في إسعاف الجرحى خلال الإشتباكات. في أحد الأيام عندما كان يعمل في إسعاف المرضى، كانت السيارة التي تسعف المريض مسرعة- لم تكن هناك سيارة إسعاف و كانت سيارة مكشوفة. سقط صديقي من على السيارة و تم نقله إلى احدى المستشفيات. لم أستطع زيارته عندما كان في المستشفى لأني كنت منشغل بالعمل هنا في المستشفى حيث استقبلنا حالات كثيرة و كان لزاماً علي التواجد للإشراف على الممرضين و مساعدي التمريض و عمال النظافة و الأقسام الأخرى. في اليوم الثالث على إصابته تلقيت خبر وفاته و شكل الخبر صدمة بالنسبة لي. كانت تلك المرة الثانية التي خرجت فيها من المستشفى لتوديع صديقي و المشاركة في دفنه. لقد كان شخصاً طيباً مجتهداً و شجاعاً. بسبب خطورة الوضع و عدم مقدرتي على مغادرة المستشفى غادرت عائتي عدن مع جيراننا إلى منطقة خارج عدن حفاظاً على سلامتهم. غادرت عائلتي بدون أن استطيع توديعها و روئيتها. بيتي على مقربة من المستشفى- يبعد حوالي 3 كيلو متر و لكني أشعر ان المسافة بيني و بينه ألاف الكيلومترات حيث أني لا أستطيع الذهاب و تفقده. سمعت من بعض الجيران أن المنطقة أصابتها قذائف و لكني لا أعرف ما هي حالة بيتي. هل هو مقفل هل تكسرت شبابيكه هل تعرض للسرقة.. لا أعرف شيء عنه الأن. منذ 19 من مارس و مغادرة عائلتي أصبحت حياتي تتمحور داخل المستشفى، كل ما أقوم به هو العمل و تناول طعامي و أخذ قسط من الراحة إن توفر لي ذلك. دائماً ما يحصل أن أحاول أن انام و لكن علي أن أصحو خلال الطوارئ لاقوم بترتيب الكثير من الأشياء لإستقبال المرضى الذين لا زلنا نستقبلهم على الدوام و بإعداد ليست بقليلة بالرغم من أن معضهم يجد صعوبة في الوصول للمستشفى. يقول لي بعض المرضى أنهم يدفعون قيمة المواصلات عشرة أضعاف مما كانت عليه أسعار المواصلات قبل الأشتباكات- هذا إن استطاع بعضهم الوصول أصلا للمستشفى. فبالنسبة للمواصلات التي كانت تكلف 500 ريال يمني ( ما يعادل دولارين و نصف) اصبحت قيمة المواصلات 5000 او 6000 ريال يمني- أي 25 او 30 دولار و هو مبلغ من الصعب توفيره في الظروف الصعبة التي نعيشها حيث لم يتسلم الكثير من المواطنين رواتبهم من الدولة بسبب إغلاق البنوك و مراكز البريد و مراكز تحويل الأموال و تعذر الحركة في المدينة. بالنسبة للطعام و الماء فهذه مشكلة أخرى بجانب مشاكل نقص الوقود و المشكلة الأمنية المتدهورة. يقول لي بعض جيراني و معارفي أنهم يتناولون وجبتين و أحياناً وجبة واحدة في اليوم بعد أن يكون من الضروري عليهم الوقوف في طوابير للحصول على الطعام الذي يدفعون قيمته في كل الأحوال. و المشكلة نفسها بالنسبة للماء. كل هذا و عدن مدينة ساحلية ترتفع حرارتها يوماً بعد الأخر خلال فصل الصيف. بالنسبة للطعام في داخل مستشفى اطباء بلا حدود فأننا نواجه أحيانا مشكلة في توفير الطعام بسبب عدم مقدرتناعلى الخروج من المستشفى لكن هذه المشكلة لا تقارن بما يتعرض له المواطنون. المطاعم مغلقة و محلات بيع المواد الغذائية مغلقة في المناطق التي تشتد فيها الإشتباكات. أحيانا تكون الإشتباكات قريبة من مستشفى أطباء بلا حدود لكن أكبر مخاوفنا هو أن تصبح المستشفى في قلب منطقة القتال. مرات عدة عند اشتداد الاشتباكات نقوم بالنزول للبدروم و هذا يشكل مشكلة أخرى حيث أنه يجب علينا قبل النجاة بأنفسنا إخراج المرضى الذين ينامون بجانب الشبابيك و إدخالهم إلى منطقة أمنة. تكرر الموقف عدة مرات.. نسمع أصوات الرصاص و القذائف أو الضربات الجوية ثم نقوم بإدخال كافة المرضى إلى مناطق أمنة قبل تأمين أنفسنا. تكسرت نوافذ المستشفى أكثر من مرة و دخل الرصاص إلينا و لكن حتى الأن لم يتضرر أحد داخل المستشفى. للأسف فأن بعض افراد طاقمنا الطبي في عدن فقد بعض أفراد عائلته في الإشتباكات. البعض فقد الأخ أو الأب أو الصديق. عادة ما يحصل أن يخرج بعض أفراد طاقمنا الخروج من المستشفى للإطمئنان على عائلته و لا نسمع عنه أي اخبار لمدة أسبوع أو اثنين بسبب أنقطاع الإتصالات و توتر الحالة الأمنية التي تحتم عليهم البقاء في منازلهم.
لا نعرف إلى متى سيستمر الوضع على هذا الشكل. أنا في حزن بالغ على ما حل في عدن. يقول لي أحد أصدقائي أني لن أصدق عيناي إن رأيت منطقة كريتر الأن. كريتر مسقط رأس صديقي و المنطقة الأحب لي في عدن و لي فيها ذكريات جميلة. لا أعرف ماذا أقول لكن علينا أن نتناسى الألام و نحفز أنفسنا لإستمرار تقديم الخدمات الصحية للجرحى. بالنسبة للهدنة التي نسمع عنها، فنحن لم نشعر بها في عدن.