لم ترق إصلاحات رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، خاصة بعد أن طالبه الشارع العراقي بذلك، لتصطدم تلك الإصلاحات بالاعتراضات، التي كان آخرها ما صدر عن كتلة التحالف الوطني، أكبر التحالفات السياسية على الساحة العراقية. ومن حيث المبدأ، فإن قادة التحالف الوطني متفقون على إصلاحات العبادي، التي أراد منها تعديل المسارات السياسية والمالية للعراق من بعض الكتل السياسية، إلا أن الاعتراض جاء على تطبيقها من حيث الشكل والمضمون. ويقول الشيخ حميد رشيد معلا، الناطق الرسمي باسم المجلس الإسلامي الأعلى، المقرب من زعيمه عمار الحكيم، إن هناك 3 ملاحظات رئيسية لدى التحالف الوطني، الأولى أن تكون الإصلاحات دستورية ومتسقة مع السياقات القانونية كي تضمن لها الاستمرارية وعدم الطعن فيها لاحقا، الأمر الذي يخرجها من محتواها. أما الملاحظة الثانية فهي أن تكون عادلة ومتوازنة، حتى تكتسب زخما، أو على الأقل تحافظ على الزخم الذي تتمتع به سياسيا وجماهيريا ومرجعيا. والنقطة الثالثة، التي اعتبر معلا أنها الأهم، فهي أن تكون في إطار منظومة إصلاحية كاملة، لا أن تكون "مجرد خطوة من الخطوات أو إجراء أريد به تنفيس الاحتقان الشعبي". ومن وجهة نظر المراقبين السياسيين، ومنهم إحسان الشمري –أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد- فإن رئيس الحكومة العراقية "قد وقع بين كماشتين، إحداهن للكتل السياسية التي أبدت اعتراضا واضحا للإصلاحات كونها تتمتع بمصالح ونفوذ داخل مؤسسات الدولة وتحاول الحفاظ على البقاء في المشهد السياسي، وهذه الإصلاحات تهدد نفوذها". والكماشة الثانية "لشارع لم تقنعه حزمتا الإصلاح التي يراها قاصرة، إذ لم تضع إصبعا على الجرح"، وكانت من وجهة نظره "محاولة للتهدئة". من جانبه، قال المواطن أحمد عبد الله محمد، وهو من أهالي بغداد، لسكاي نيوز عربية، إن الإصلاحات التي قام بها العبادي "لا جدوى منها لأنها لم تلامح جوهر مشاكل العراقيين". وأضاف متسائلا: "ما دخل وزارة البيئة بنقص الكهرباء في البلاد؟"، في إشارة منه إلى إلغاء وزارة البيئة من قبل رئيس الحكومة، دون اتخاذ أي إجراء تجاه وزير الكهرباء لتحسين الخدمة". مواطنون آخرون عبروا عن استيائهم، ووصفوا إجراءات العبادي ب "التخدير" على حد قولهم، وأكد المواطن حيدر عباس، وهو من سكان مدينة الصدر الواقعة شرقي بغداد التي تقطنها أغلبية شيعية، أنه وأصدقاؤه سيستمرون بالتظاهر لإجبار المسؤولين على تنفيذ مطالب الشارع العراقي بالإصلاح. هذا وقد استمرت الاحتجاجات في عدد من المحافظات الوسطى والجنوبية من العراق، فيما تحول بعضها إلى اعتصام مفتوح، كالذي حدث في البصرة والنجف وبابل جنوبي العاصمة، إذ من المقرر أن تستمر تلك التظاهرات التي تطالب بالإصلاحات. تجدر الإشارة إلى أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمر أتباعه بالخروج والمشاركة بالتظاهرات يوم الجمعة المقبل، للتعبير عن "تضامنه مع المطالب الجماهيرية للعراقيين".