أوغل في هذه الأيام كثير من أهلنا في الجنوب في الحديث عن الإصلاح حتى جعلوه هاجساً مرضياً يصدعوننا به في كل حين. وهم بفعلهم هذا يعطون الإصلاح صيتاً أعظم من حجمه بكثير. فتراهم إن وقع حادث قالوا : الإصلاح وراءه. وإن حدث اغتيال يسارعون قبل أن تجرى أي تحقيقات وقبل أن تعرف أدنى معلومة عما وقع فيسارعون باتهام الإصلاح ويتوهمون أحيانا أن الإصلاح له انتشار في الجنوب وأنه سيستولي على الجنوب ووووو ... لقد اصبتمونا بالضيق لكثرة ذكركم إياه فما نفتح صفحات الفيس بوك أو مقالات الصحف الالكترونية حتى نجد الشتائم وعبارات الكراهية تترى في الإصلاح, كأنه لم يعد لدينا في الدنيا مشكلة غيره. يا هؤلاء ما هكذا تورد الإبل ! وليس الإصلاح ذاك البعبع الذي تخوفوننا به, وكلنا يعلم أن ليس له أي قاعدة شعبية في الجنوب يستطيع من خلالها أن يحدث تأثيرا فعليا في الشارع الجنوبي حتى تضعونه على رأس اولوياتكم. تذكروا أننا لا نزال في حرب ! وأننا لم ننته منها, وأن أراضٍ لنا لايزال الحوافش يحتلونها. وأن أي إشعال لمعارك جانبية مع الإصلاح هي إشغال لنا عن المعركة الرئيسة, معركة تحرير الأرض من الحوافش الذين لا تزال فلولهم تحتل حضرموت ومكيراس وبيحان ويقفون على أبواب الجنوب المؤدية إلى عدن في كرش. تذكروا أنهم لا يزالون يطمعون في العودة إلى عدن وأنهم جاهدون في محاولتهم لقلب الموقف الدولي لصالحهم, وبعدها سيستأنفون الغزو مجددا. لذا يحاولون إشغالنا في معارك مع حزب الاصلاح تضعف قوتنا وقوتهم في مواجهة الحوافش. تذكروا يوم شغلنا أناس قبل غزو الحوثي لعدن بمعارك كلامية مع هادي ورفعوا شعارات أن هادي سينقل الصراع الى عدن فانشغلنا عن الاعداد لمواجهة الحوافش ببث الكراهية ضد الرئيس ومن يقف إلى جانبه فتمكن الحوافش من دخول العند وعدن في أول يوم للحرب, ولولا أن قيض الله لنا عاصفة الحزم لكنا الان في حال سيئة. تذكروا أن هناك بعض الجنوبيين ينتمون سياسيا إلى الإصلاح والتحريض عليهم قد يدخلنا في دوامة الاقتتال الأهلي. وتذكروا أيضا أن الاصلاحيين في تعز ومأرب الذين رفضوا الاستكانة للحوافش كانوا حلفاء لنا وشركاء في مواجهة الحوافش وقد شغلوا أعدادا كبيرة من القوات كانت ستتوجه للجنوب, ولكان حينها حالنا بالغ الشدة والخراب. وتذكروا أن المعركة لمّا تنته وأنها قد تخفي منعطفات خطيرة؛ لذلك عليكم أن تحافظوا على حلفائكم ولا تفتحوا باب الاستعداء على فئة كبيرة من شعب اليمن قد يدفعها عداؤكم يوما الى الارتماء في أحضان عفاش فلا يكون لكم قبل بهم. ولقد انتصر بهم عفاش حين تحالفوا معه عام 94 على الاشتراكيين وفشل صالح حين وقفوا ضده في 2015. ليس مهما أن تحبوا الاصلاح او تكرهوه فليس في السياسة صداقات دائمة ولا عداوات دائمة بل مصالح كما روي عن تشرشل, ولكن الحري بكم أن لا تخرجوا عن طوركم وتظهروا بشكل أقوام سيكوباثية بالغة البدائية في تعبيرها عن كراهيتها للإصلاحيين وتجعل من كراهيتها وسواسا قهريا تلفظ به مع كل حركة وسكنة, وتحاكي بذلك الحوافش في كراهيتهم التي صورت لهم أنهم لن يقدر عليهم أحد فأوردتهم كراهيتهم وغرورهم موارد الهلاك. لكنني هنا أحذر أيضا الإصلاحيين فإن بعض سياسات كبرائكم المضلين تبدع في استعداء الجنوبين وتعطي الدعاية العفاشية مادة تشتغل عليها في ايغار صدور الجنوبيين عليكم. فاعلموا أن صورتكم شديدة الكراهة في الجنوب وأنا أنصحكم هنا أن تعملوا على تحسينها بالابتعاد عن كل ما يثير الكراهية ضدكم في الجنوب, والتقرب بحسن العمل والنوايا الى اخوانكم الجنوبيين حتى تسلوا السخائم من قلوبهم. ولا تلوموهم فقد كان لحزبكم دور في صناعة مآسيهم بعد 94 ولكن إن أحسنتم السياسة فقد يدخل الجنوبيون وإياكم في تصالح وتسامح.