يقف الباحث بتاْن وروية في ملابسات القضية الجنوبية التي يتبارى اليوم الكثير من الشباب الجنوبي الى رفعها كشعار وطني للتحرير والاستقلال ' وهم محقين نظرا لفداحة الجرم والخطاْ الذي تم اْقترافه في منتصف ستينات القرن الماضي ومازالت أثاره تلقي بظلالها على اْستمرار معاناة شعب عربي عريق وعظيم منه تفرعت العرب المتعاربة ' اْي من بقيوا من العرب البائدة ودخلوا في اقوام العرب العاربة السائدة اليوم وهم من قحطان وعدنان اْو ما يسمون بالعرب الاْقحاح ' وليس صحيحا مايورده خطاْ المؤرخون نصارى العرب من إن العرب العاربة قحطان، والعرب المستعربة عدنان ' وهو خطاْ يقع فيه الكثير من المتلقين وبعض المهتمين بالتاريخ نقلا وليس بحثا ' اما العرب المستعربة فهم من عاش في الوطن العربي من الشعوب وتكلم اللغة العربية وتاْدب باْدب العرب ويظل العرب الجنوبيون هم من تفرعت عنهم الكثير من الاقوام التي هاجرت من موطنهم لاسباب مختلفة وفي مقدمتها التصحر وسحة المياه، وهم اْساس وبناة الحضارة العربية ويتقاسمون النفوذ مع اْخوتهم العرب في شمال الجزيرة تارة باْخرى ' حتى نزع الله ملك عرب الجنوب على اْيدي الاْحباش ثم الفرس ' وانتقل النفوذ والحكم الى العرب في شمال الجزيرة ببزوغ فجر البعثة المحمدية على صاحبها اْفضل الصلاة والسلام ذلك بالطبع من التاريخ القديم' اما التاريخ الحديث فقد نشاْ مصطلح القضية الجنوبية بعد نفي قيادات رابطة الجنوب العربي من قبل الاْستعمار البريطاني الى خارج وطنهم الجنوب العربي منذ عام 1956م ومن خلال توسع نشاط حزب رابطة الجنوب العربي في الخارج المعادي للاستعمار البريطاني، ظهر التعريف القانوني والسياسي والمدلول اللفظي لمفردة ,, القضية الجنوبية '' من خلال ما طرحته الرابطة على الاجتماعات الدورية لجامعة الدول العربية ' ثم نقلت الرابطة القضية الجنوبية الى هيئة الاْمم المتحدة ولجانها الفرعية العاملة ومنها لجنة تصفية الاْستعمار المنبثقة من اللجنة الرابعة بالجمعية العامة لهيئة الاْمم المتحدة ' ومناقشتها للقضية علنا في 17ابريل 1963م من خلال ما عرضته الرابطة من مطالب شعب الجنوب العربي في استقلال ووحدة اراضيه وانتقال السيادة الى شعبه ' توج بالقرار الشهير الصادر عن الجمعية العامة للاْمم المتحدة في 11ديسمبر 1963م باغلبية 77صوتا – الغريب ان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية عشية اندماجها خطاْ مع الجمهورية العربية اليمنية لم تكن لها علاقات معترف بها غير مع 38دولة من دول المنظومة الاشتراكية وعلى راْسسها الاتحاد السوفيتي الصديق – وهنا يطرح السؤال اْيهما يحظى بالشرعية الدولية الهوية الحقيقية والتاريخية للعرب الجنوبيون اْم الهوية المستحدثة العرب اليمنيون؟ - وكان اْخر قرار صدر عن الجمعية العامة للاْمم المتحدة اْكد على وجوب استقلال ووحدة اراضي الجنوب العربي صدر في ديسمبر عام 1966م باجماع كل الدول الاعضاء فيها بما فيهم الجمهورية اليمنية العربية ' التي رغم موافقتها لكنها لجاْت الى الحيلة بدعم الكثير من اعمال الفوضى والتخريب المتعمد بالتعاون مع النقطة الرابعة واستخبارات عالمية' وجنون وعبث استخبارات صلاح النصر في مصر' والذي اْكتشفت خيانته لوطنه في عدوان اسرائيل على مصر وسوريه والاردن في 5يونيو حزيران عام 1967م وتم الحكم عليه بالمؤبد ومن هنا اْنتقلت القضية الجنوبية الى مسار اْخر شاق وصعب ' وهو مسار دعاوي اْئمة اليمن منذ عام 1918م ' تلك الدعاوي القائمة على يمنية الجنوب، والتي رفضتها بريطانيا بقوة مبينة زيفها وخداعها حتى اْقتنع الاْئمة بتوقيع معاهدات الحدود الدولية مع سلطنات وامارات الجنوب العربي من خلال تفويض واتفاقيات الحماية مع بريطانيا ، حيث وقعها في صنعاء صديق الجنوب العربي السير رايللي حاكم مستعمرة عدن عام1934م ' لاشك ان ثوار الجنوب العربي وهم يفجرون ثورة الكفاح المسلح المدعوم منذ عام 1964م لم يكونوا يدركوا "المترتبات" المشروطة بطريقة خفية على قبول دعاوي اْئمة اليمن المتمثلة باشتراط ثوار سبتمبر 62م عليهم بتسمية الجبهات والاْحزاب والمنظمات بالجنوب اليمني المحتل، بل لم يدركوا تحت وهج شعارات الوحدة العربية انهم يعودون بوطنهم الى ما قبل توقيع المعاهدة اْنفة الذكر ، كما بالطبع لم يدركوا حجم الاخطار المحدقة بهم وبوطنهم جراء تلك التسمية المشروطة، ومؤكدا هم لايجيدون التعامل مع الحيل السياسية والاعيب السياسة بنفس اجادتهم لاستخدام السلاح ضد الاحتلال ولم يدركوا الماْسي المترتبة بسبب تغيير الاسم على وطنهم وعلى شعبهم وعلى شخوصهم الفذة، رغم اننا فعلا قطر مهم من اقطار الجهوية اليمانية . وجاء الاستقلال وفق اْتفاقيات جنيف التي نصت صراحة على اْخلاء مسئولية بريطانيا عن الجنوب العربي من خلال اْول فقرة التي اكدت على اْستقلال الجنوب العربي ' وتركت البقية لكل طرف اْوشلة تفسر الاْمر على ماتريد وتهوى ' بينما كانت بارجة بريطانية تمخر البحر مغادرة مياه الجنوب العربي الدافئة حلم الامبراطوريات القديمة والجديدة "تعزف لحنا حزينا بعنوان شيء يجرى غير المعتاد" ولكي تتحقق الامال في التحرير والاستقلال الثاني فلابد من العودة الى ماهو معتاد في العلاقات الدولية والمعاهدات والاتفاقيات ولابد من الاستفادة من الاخطاء في العمل السياسي الذي صاحب تجربتنا الاولى مع الاستقلال حتى لانقع فيها في استقلالنا الذي اصبح حقيقة وقريبا باذن الله تعالى ، اْو سيبقى الجميع نخب و شعب ووطن " في اللحن الحزين شيء يجري غير المعتاد" الى ان يقضي الله اْمرا كان مفعولا.