سنوات من الضياع والتشرد والحرمان لم تُعلّم البعض أبسط معاني الحرية والكرامة ، بل علمت البعض كيفية الربح السريع (الفيد) على حساب تضحيات الأبطال ونضالهم الذي سطروا خلاله أروع الملاحم البطولية ، وكأن المسألة تجارية بإمتياز بعيداً عن الإخلاق والوطنية . ها نحن بعد كل التضحيات التي سبق وان قدمها شعبنا لم نتعلم من الدروس ولم نعتبر مما جرى والدليل هو ما يحصل الآن من تخبط وعدم الفهم لمجريات الواقع كما يجب ، واذا حللنا عدم فهمنا لواقعنا بالشكل المطلوب سنجد السبب الرئيسي يكمن في فترة ربع قرن من الجهل والتخلف وجمود العقول الذي عمل المحتل على تعطيلها قسراً. نعم إنه الجهل والتخلف بعينه الذي يحاول المحتل حالياً ان يغذيه بكل الوسائل وعن طريق ابواق وأقلام جنوبية مأجورة . المحتل لا يريد لهذا الجيل ان يفهم ما يدور حوله وبالتالي لن يستطيع ان يفهم واقعه لان فهم الواقع بكل إيجابياته وسلبياته سيجعلنا نبحث عما يفيدنا وسنكسر كل القيود التي وضعت لنا وسنتجاوز كل الحواجز وبالتالي هذا سيجعلنا قادرين على تحمل مسئولية قيادة بلدنا وفق الأهداف التي رسمها الشعب خلال فترة نضاله السلمي ، ولكن للأسف حتى الان على الأقل لا ارى ان الجيل الجديد الناشئ في الجنوب قادر على قيادة الدولة لانه غير مهيأ لذلك ويحاول البعض من أخوتنا الجنوبيين للأسف أن يجعلوا من هذا الجيل حطب للصراعات التي لا تفيد أحد غير أصحابها. إذا ارادت النخب السياسية المثقفة والكوادر الجنوبية ان يحكموا قبضتهم على الجنوب يجب عليهم أولاً ان يتركوا العاطفة ويستخدموا العقل والعقل فقط حتى ينجحوا ، ومن وجهة نظري ارئ ان الجنوب لا يمكن ان ينال استقلاله حالياً الا اذا وجد التنظيم السياسي الموحد القادر على مواجهة الواقع والوقائع بكل قوة وفق خطوات ومراحل عمل جدية بعيداً عن الشعارات الفارغة التي جُربت ولم تفيد. التنظيم السياسي الحقيقي يجب ان يُعمل على تكوينه بأسرع وقت من قبل المخلصين لوطنهم الأوفياء تجاه تضحيات شعبهم ولا داعي للتأخير او صنع مكونات وهمية وهزيلة لا تخرج عن مسمياتها نريد عمل قبل فوات الآوان ، نريد تنظيم حقيقي وعمل جاد في كل الجنوب نريد ان نتحرر ونشعر ان النضال والتضحية لهما ثمار ملموسة يشعر بها كل الأحرار ولا نريد ان يشعر أحد بالإحباط نتيجة لبعض التصرفات الطفولية الغير مسئولة التي تحدث بين الحين والآخر ، نريد وطن نعيش فيه كما يعيش فينا وهذا لن يأتي الا بمزيد من التلاحم والتسامح والتصالح فيما بيننا وبمزيد من الجهود والله سينصرنا اذا أخلصنا النوايا تجاه عملنا والله المستعان...