العديد من الانتفاضات سبقت انتفاضة ثورة 14 أكتوبر ضد المستعمرين في الجنوب العربي قبل مطلع الستينيات ففي حضرموت انتفاضة في عام 1951 و1952 و1955 و1961, وفي بيحان عام 1948 و1957, وفي الشعبي والضالع عام 1947 و1948 و1957, وفي يافع عام 1958 و1959, و في الحواشب عام 1950, لكنها لم تكن ناجحة وكان السبب يعود إلى أنها انتفاضات عفوية تفتقر إلى الوحدة التنظيمية والقيادة الموحدة. كذلك كان هنالك العديد من انتفاضات المدن ففي عام 1956 و1962حدثت انتفاضات عمال عدن, وفي 1946 و1962 انتفاضات طلاب عدن, وفي لحج انتفاضة العمال الزراعيين عام 1949, وفي حضرموت كذلك عام 1953. والتي لم تنل النجاح الملموس, حيث كانت انتفاضات المدن لا تحظى بالمساندة من قبل القبائل وسكان الريف آنذاك.
وحتى نعيد الذاكرة للتاريخ وخاصة لنا نحن جيل العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات ممن لم نعش أحداث الثورة المليئة بالأحداث التي غيرت من أسلوب حياتنا وساعدتنا على استمرار نضالنا لأجل نيل استقلالنا ودولتنا الجنوبية, ولنسرد ما حدث هنا وإيجازا في تاريخ 14 أكتوبر عام 1963. حينما عادت القبائل التي شاركت في القتال لمدة عام كامل مع النظام الجمهوري في الجمهورية العربية اليمنية ( اليمن الشمالي ) إلى أراضيهم الجنوبية وكان من بينهم شيخ قبائل ردفان الشيخ لبوزة, حيث رفضوا تنفيذ أوامر السلطات الانجليزية في تسليم أسلحتهم ومنه حدثت انتفاضة 14 أكتوبر لكن عبدالله باذيب أشار أن رفضهم لتسليم الأسلحة والأمتعان لأوامرهم ما كان إلا مبررا لقيام ثورة 14 أكتوبر وبدء الكفاح المسلح ضد الطغيان الاستعماري حيث كتب " ثورة 14 أكتوبر المجيدة ثورة وطنية تحررية ديمقراطية موجهة ضد الإمبريالية والرجعية والسلاطين, أنها ثورة شعبية إذ أن هدفها الرئيسي تحرير الشعب من طغيان وجبروت الاستعمار والإقطاع, قواها المحركة الفلاحون والعمال وفئات الكادحين الواسعة ".
ابتداء من فترة الستينيات أخذت المظاهرات و الانتفاضات طابعا جماهيريا أكثر توحدا وأكثر عمقا وتنظيما عما كان سائدا في الفترات السابقة, ففي عام 1963 انتهجت الجبهة القومية مبدأ النضال المسلح من أجل القضاء على الاستعمار وهو الأمر المخالف لرؤى وتوجهات جبهة التحرير المطالبة بالاستقلال بنهج النضال السلمي, بعد ذلك رفعت الجبهة القومية مطالبها ومن بينها ضمان حق تقرير المصير لشعب الجنوب العربي أو المعروف سابقا باتحاد إمارات الجنوب. الأمر الذي أيده وبشدة الماركسيون المنضمون للاتحاد الشعبي الديمقراطي. انتفاضة 14 أكتوبر التي ورغم نجاحاها في التأييد للكفاح المسلح من قبل الماركسيين إلا أنها لم تجد وحدة متكاملة وخاصة بين المنظمات العربية كحزب البعث العربي الاشتراكي وأنصار ناصر وحركة القوميين العرب الذين رأوا أن الماركسيين في ذلك الوقت أعداء للقضية العربية. غير أنه لم تبدأ وتنتهي ثورة أكتوبر في ردفان فقط بل انتقلت الانتفاضة إلى مناطق أخرى في الأراضي الجنوبية, الأمر الذي استدعى القوات الإنجليزية في الجنوب إلى محاربة المنتفضين مستخدمين في ذلك المدفعية الثقيلة والمدرعات. حتى وصلت إلى عدن وكانت بدايتها أحداث الانفجارات التي طالت مطار عدن في 10 ديسمبر وأسفرت عن مقتل مساعد القائد الأعلى والقائد الأعلى كينيدي تريفاسكس وقرابة 22 شخصا. ثورة 14 أكتوبر الماضي أو انتفاضة 14 أكتوبر انتفاضة فجرها قبائل ردفان والتي ناضل فيها قبيل ذلك قرابة مئة من أفرادها لمدة عام كامل في اليمن الشمالي _ " رحل من عدن وحدها إلى الجمهورية العربية اليمنية قرابة خمسة آلاف مقاتل جنبا إلى جنب مع صفوف الجمهوريين, والذين تدربوا في أرض القتال على العمليات العسكرية", هكذا كانت ثورة 14 أكتوبر التطور اللاحق الذي أتسع نطاقه في قيام دولة الجنوب المستقلة في تاريخ 30 نوفمبر من عام 1967. اليوم وبعد انتهاء الحرب الغاشمة على الجنوب من قبل المليشيات الحوثية ومليشيات علي عبدالله صالح, يقف الجنوبيون متلاحمين وموحدين في ساحات الحرية والاستقلال رافعين أعلام الجنوب و شعاراته المطالبة بنيل الاستقلال حق تقرير المصير محترمين وشاكرين في ذلك الدور الرائع والشهم والنبيل الأخوي من قبل دول التحالف العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ( مملكة الحزم), ودولة الإمارات العربية المتحدة (إمارات الخير) وبقيادتهما الرشيدتان, وفي احترام مطلق لكافة الحريات وكيفية المطالبة باستردادها بالطرق السلمية والشرعية التي لا زال شعبنا الجنوبي ينتهجها إلى يومنا هذا.
إن شعب الجنوب اليوم ومنذ قيام الحرب الغاشمة عليه من قبل المعتدين في اليمن الشمالي يثبت للعالم العربي والإقليم الدولي مدى سلميته وحقه الشرعي في تقرير مصيره المتمثل بنيل الاستقلال واستعادة الدولة على حدود ما قبل 1990, متجاهلين في ذلك كل المكائد والمؤامرات التي يستعين بها المعتدين من أجل زعزعة وحدة الصف الجنوبي والأمن و الأمان في أراضينا الجنوبية. كل ما ينقصنا في هذه الفترة القادمة هو أن ننال استقلالنا الحتمي و تطبيقه على أرض الواقع, أن نتكاثف ونعمل معا في تلاحم صفوفنا الجنوبية الموحدة ونتعلم من ثورة 14 أكتوبر الماضي في أن ننتفض جميعا, مطلقين للعالم أحقيتنا التي لن نتنازل عنها في نيلنا لاستقلالنا..