بدايتي كانت الفضول لتجربة تدخين سيجارة عندما كان عمري أربعة عشر عاماً .. لم أفكر حينها في العواقب كان كل همي هو أن اثبت لنفسي أنني رجل حقيقي بحسب ما كنت أعتقد بأن الرجولة هي تقليد ما يفعله الكبار وكان أكثر شيء ظاهر أمامي هو تدخينهم للسجائر ولا أنكر أنه كان يثير إعجابي .. لكني لم أقف عند هذا الحد كما كنت أعتقد بيني وبين ذاتي رغم أنني كنت أخاف من الأشخاص اللذين أراهم يشربون الخمر والمخدرات وما تبدو على ملامحهم من آثار واضحة وكذلك على تصرفاتهم الغير مسؤولة .. رغم ذلك بدأت أجرب وكانت البداية حبة خلطة ( نوع من التمبل) وكنت سأموت ساعتها فقد تسارعت نبضات قلبي جدا وأغمي علي ولم أدر ماذا حدث بعدها حتى صحوت وتمالكت نفسي وقررت ألا أجربها ثانية .. ولكنني .. أكلتها في اليوم الثاني والثالث والعاشر وأستمريت سنين طويلة أتعاطاها لم أستطع الإستعناء عنها .. وفي احد الأيام دعاني صديق لي إلى مكان يجتمع فيه مجموعة من الشباب يتعاطون فيه الصواريخ ( الحشيش ) ولم تكن لي تجربة سابقة معه من قبل لكن كعادتي شعرت بالفضول فجربته وانتابتني موجة من الضحك ويبدو أنني تصرفت مثلما يتصرف المتعاطون للمخدرات .. ذلك التصرف الذي كنت أخشاه في بداية حياتي وقبل أن أدخل عالم المخدرات .. واصلت طريق التعاطي ولم أقف عند الحشيش بل تعاطيت الحبوب المهدئة مثل الرستيل والديازبم إلى أن وصلت إلى الترامادول .. وفي يوم من الأيام , كنّا مجموعة من الشباب نتعاطى الحشيش والحبوب ومنها الترامادول . وفجأة صديقي الذي علمني تعاطي الحشيش وقع على الأرض بعدها تغير لون وجهه وجحظت عيناه وخرج سائل أبيض من فمه يشبه الزبد وإنقطع تنفسه .. كل ذلك كان يحدث أمامنا بشكل سريع ومتلاحق ولم نستطع أيقافه ومساعدة صديقنا .. في البداية حاولنا أن نسعفه , لكننا فكرنا أننا لو ذهبنا إلى المستشفى سوف نتعرض للتساؤل من قبل الشرطة وقد يكتشفون أمرنا بأننا كنا نتعاطى المخدرات فعدلنا عن الفكرة .. وتراجعنا إلى الخلف مذعورين وأنا كنت أكثر شخص فيهم شعر بالخوف والرعب وبدأت بالبكاء بصوت عالٍ فحاولوا إسكاتي وصديقي الملقى على الأرض ... مات !!! نعم مات .. ومر شريط حياتي أمام عيني .. تذكرت حوالي خمسة عشر عاماً من التعاطي لأنواع عدة من المخدرات بدأ بتجربة حبة سيجارة ثم تلاها القات والتمبل بكل أنواعه ثم الحشيش والحبوب بأنواع متعددة كانت آخرها الترامادول .. فسألت نفسي ليلتها : إلى متى ؟ وإلى أين أسير بحياتي بهذا الشكل وبهذا الكم من المخدرات ؟ وأرعبني جداً المصير الذي ينتظرني , وكان هذا الرعب هو بداية إتخاذ القرار بالتوقف عن تعاطي المخدرات . فطلبت المساعدة من أهلي , فوالدي كان ميسور الحال مادياً . وعندما تيقن هذه المرة بأنني جاد في قراري أسرع بإتخاذ الإجراءات لسفري إلى الخارج للعلاج على حسابه وهناك أدخلوني في مصحة لعلاج المدمنين في بلد عربي مكثت فيها أكثر من أربعة أشهر ثم بدءوا في إعادة تأهيل شخصيتي وتربيتي على القيم والمبادئ وكأنني ولدت من جديد .. بعدها خرجت إلى الدنيا شخص آخر .. وعاهدت نفسي أن أكتب قصتي ليتعض غيري ممن إنجرفوا مثلي ليعودوا .. أو ممن لازالوا في البداية ليتوقفوا .. #أرجوكم_توقفوا التوقيع_مدمن_متعافي مع تحيات / مركز عدن للتوعية من خطر المخدرات 30/10/2015