لم يطلب هادي الرئاسة ، بل هي التي لهثت وراءه ، فتحمل بن منصور المسؤولية التي ألقت بثقلها على ظهره ، ولم يأبه هادي بكل المطبات التي واجهته في طريقه الطويل الشاق ، بل عبرها ولم تتأثر مطيته من وعثاء السفر ، حاولت ثعابين اليمن لدغه ، فداس على رؤوسها ، وانتزع أنيابها ، وسد جحورها ، وسار في طريق إعادة ترتيب البيت اليمني ، قد لا يفهم الكثيرون سياسة هذا الرجل الداهية الذي لخبط أوراق السياسيين الذين أرادوا افشاله ، ولم يعرفوا ماذا يريد هادي فجعلهم يدورون في دوامة حيلهم ومكرهم السيء ، فحاق بهم المكر السيء ، ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله ) . لقد درس هادي السياسة وتشربها منذ الصغر في مدارس الجنوب ، لأن هذا الرجل قد ولد في محافظة الزعماء والقادة ، فلم يلد هادي إلا كبيراً وعاش كبيرا وسيظل بإذن الله كذلك ، ً فتاريخ هذا الرجل مضيء ومُشرق ، فهادي له من اسمه نصيب فهو الذي لا يستعجل في اتخاذ القرارات إلا بعد دراستها ، لهذا تخرج هذه القرارات ناضجة وصائبة ، ويحدث الأعداء جلبة عند اتخاذ هذه القرارات من أجل افشالها ولم يعلم أولئك المساكين الفاشلون إن هادي قد تنبه لمثل هذا التآمر ووضع الحلول ليدس أنوفهم في التراب ،لأنه قد عرف شيطنتهم فكساهم بالذل والهوان ، لم تلهث الرئاسة وراء هادي من فراق ولكنها علمت أن خير من تتشرف به لحملها هو هذا الرجل المنصور والهادئ فحملت كل ملفاتها وألقتها على مكتبه ليتفحصها ويضع لها الحلول ، لأنه الرجل الأمين ،ألم ينعته أعداءه بهذا ؟ ألم يقل صالح في يومٍ من الأيام إنه لن يسلم السلطة إلا لأيادٍ أمينة ، وبالفعل هذه الحسنة الوحيدة التي فعلها صالح في تاريخه الطويل وهي إنه سلم السلطة للصادق الأمين المنصور . إنكم لم تروا من حكمة ودهاء هادي إلا القليل اليسير وستخبركم الأيام عن هذا المعدن الأصيل الذي ساقه الله إليكم ليخرجكم من بوتقة الظلم والفقر إلى نور العدل والمساواة ، فاصبروا فالتركة كبيرة والبيت على وشك الأنهيار ، وهادي يعمل على إعادة البناء ، لأن البيت لم يعد صالحاً للسكنى فيه على ماهو عليه اليوم ، فهادي قد أتى بالمهندسين لإعادة ترتيب البيت اليمني من جديد وستفاخرون بهذا الرجل في مستقبلكم بإذن الله ، إن العظماء لا يخلفون وراءهم إلا ما هو عظيم ، وستتمخض الأيام القادمة بما هو عظيم وكبير بالنسبة للمظلومين ، إن هادي هو الطبيب الماهر الذي يتابع هذا المخاض لهذه الفترة التي لا شك ولا ريب إنها ستتكشف لنا عن مولودٍ جميلٍ طالما حلمنا به وتمنيناه ، فباركوا خطوات هادي وقراراته ، وليخسأ المتربصون .