من خلال متابعتي لبعض وسائل التواصل الاجتماعي تبيّن إن وضع محافظة شبوة السيئ يقلق ويؤلم كل أبنائها وكثير منهم يعملون كل ما بوسعهم للمساعدة في إصلاحها وهذا الشعور يدل على وعي ورقي المجتمع ويعطي مؤشر طيب لإمكانية الاستجابة والتغيير. كما ان طبيعة المحافظة الجغرافية وما تحظى به من موارد طبيعية متعددة يُعَد من المؤشرات المشجعة لإمكانية تطوير المحافظة وانتشالها من الوضع المزري الذي تعيشه. ولكن قبل البدء في البحث عن المعالجات والحلول لابد لنا أولاً الابتعاد عن تخوين بعضنا البعض والحد من المناكفات الشخصية وتجاهل ما يثار منها وإعادة الثقة مابين ابناء المحافظة وإحياء مبدأ تغليب المصلحة ألعامة ثم العمل على تشخيص مشاكل المحافظة والتعرّف على أولوياتها لنتمكن من معرفة الدواء المناسب وطريقة استخدامه. لاشك إن الجانب الأمني هو همّ المحافظة الأكبر والأهم والأجدر بالمعالجة لأن معالجة بقية الجوانب الخدماتية الأخرى تعتبر غير مجدية اذا لم يتوفر الأمن لكل الناس في المحافظة. ولذلك دعونا نلقي نظرة على بعض المنعطفات التي مرّت بها المحافظة خلال الفترة القليلة الماضية لعل فيها شي من العبرة والفائدة. فبغص النظر عن موقفنا ممن يسمون انفسهم انصاراً للشريعة إلّا انه لم يخف على أحد كيف استطاعت مجموعة من رجال هذا التنظيم ان يؤمنون المناطق والطرقات التي وقعت تحت ايديهم وقد لاحظت بام عيني حينها باعة الشوارع المتجولين يتركون بضاعتهم مفروشة على منصّات البيع في مدينة عزان عند ذهابهم للصلاة التي كان يُنادى لها بمكبرات الصوت المتحركة. وخلال فترة الاحتلال الحوثي لعاصمة المحافظة عتق اختفت عن الأنظار كل الاستعراضات المسلحة التي نشاهدها اليوم ولم نسمع خلال تلك الفترة عن أي عملية ابتزاز لصاحب محل أو بائع قات أو عابر سبيل بالإضافة الى التجميد التلقائي للثارات القبلية بين ابناء المحافظة.
اما اليوم فلا يؤخر صاحب الثار عن قتل غريمه إلّا رؤيته اينما كان مما حدى بالجميع على حمل السلاح فضاقت الطرق والممرات بالمسلحين المتجولين في الأسواق والأماكن العامة والذين يحلو لبعضهم حمل سلاحه بطريقة افقية ليسيطر على أكبر قدر من مساحة الطريق أو المكان الذي يسلكه. وعن سوق القات في مدينة عتق حدث ولا حرج، فمن غضب الله عليه ودخله لا يمكن ان يفوته رؤية متهجم من هنا أو من هناك يحاول الافلات من بين من يمسكونه ويعملون على تهدئة غضبه وأخراجه من السوق إن أمكن، ولا يكاد يمر يوم دون ان تسمع حشرجة تعمير الاسلحة وملاحظة ما يرافق تلك الأصوات المشؤمة من تدافعات خانقة للمتسوقين بحثا عن الأمان. كما ان هناك مجموعة مسلحة قد لوحظت وهي تطوف على باعة القات لتفرض عليهم تسليم مبلغ معين يدفعه كل بائع قات في السوق.
قد لا تتسع الصدور لسرد كل المشاهدات ولا للخوض في قضايا استيراد المحروقات التي اعتبرها البعض من المحرمات لمجرد انها دخلت عبر مينا بيار علي في سواحل محافظة شبوة، ولكن ارجو ان تسمحون لي بطرح بعض الأسئلة والمقترحات:
٭٭ لماذا لا تعمل قيادة المحافظة على الاعتماد على مواردها المتاحة بدلاً من التشاكي والتباكي من قلة الموارد وذلك من خلال دعوة كل من لديه فكرة أو رؤية لمعالجة وضع المحافظة الأمني والبحث عن الآلية المناسبة للإستفادة من الموارد المتاحة واكتشاف مصادرها ثم إتخاذ القرارات المناسبة حيال ذلك دون النظر الى موافقة الآخرين أو رفضهم؟ ٭٭ لماذا لا تستغل قيادة المحافظة ميناء بيار علي وتعمل على ترميمه وتأمينه لإستقبال المحروقات ومختلف بضائع التجار وتنظيم اجراءات الضريبة والجمارك كمورد مالي مهم للمحافظة؟ ٭٭ ماهي المشكلة لو تتخذ قيادة المحافظة قراراً بالسماح باستيرات السيارات وجميع الآليات الأخرى عبر مينا بيار علي لكل من يرغب في ذلك من داخل المحافظة أو خارجها وتحدد التعرفة الجمركية المناسبة وتنظم إجراءاتها المرورية المطلوبة مثل اللوحات المرورية ولو لم تعتمد خارج المحافظة؟ اليس ذلك مورد رافد للمحافظة وخدمة طيبة لأهلها؟ ٭٭ لماذا لا يكلف الجيش الموجود في عتق بمهمة الأمن الذي فشل في تأمين الناس فينتشر في الأسواق والطرقات وبالتالي سيصبح فرض الجمارك والضرائب على القات والمحال التجارية مقبول ومشروع، كدولة استطاعت القيام بجزء من واجبها والزمت التاجر بتأدية واجبه.
ولكن تظل الأستفادة من تلك الأسئلة وما حوته من مقترحات رهن الاجابة عن الثلاثة الأسئلة التالية:
1 هل من تولوا شؤون المحافظة يحظون بثقة بعضهم البعض ام ان كل منهم يراقب الآخر ويشك فيه؟ 2 هل مسؤولين المحافظة المكلفين بادارتها متفقين ومنسجمين فيما بينهم ام ان كل واحد منهم يسعى لإفشال الآخر؟ 3 هل مبدأ تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية والقبلية والحزبية هو ضمن المبادئ التي يتمتع بها مسؤلي محافظتنا؟
وأخيراً هل آن لصغار العصافير التي تفتح افواهها كلما شعرت بالحركة من حولها ان تخرج من اعشاشها؟ وهل اذا خرجنا للبحث عن مصادر الرزق نستطيع ادارتها وإدارة انفسنا بانفسنا ام اننا سنظل نتطاول على بعضنا البعض ولن نجنح ولا نرضخ الّا للصميل القادم من بعيد؟
إرجو من كل من يهمه أمر هذه المحافظة ان يتفاعل ويناقش قضاياها بدلٍ من الخوض وضياع الوقت في تحليل المنشورات المغرضة التي تفرق بين أهلها، لعلنا في الأخير نصل الى نتيجة طيبة إذا صُلحت النوايا.