عن وزارة الاعلام والوزير التويتري وإرث وطن    عن وزارة الاعلام والوزير التويتري وإرث وطن    مينديش يعود لpsg الفرنسي    "وثيقة" تكشف عن تعويم حكومة صنعاء للدولار الجمركي مع سعر السوق الموازية    إحباط عملية تهريب مخدّرات وإيقاف المتورطين في منفذ الوديعة    "وثيقة" تكشف عن تعويم حكومة صنعاء للدولار الجمركي مع سعر السوق الموازية    الاتحاد اليمني لكرة القدم يصدر تعميمًا تنظيميًا شاملًا يحدد ضوابط ومواعيد مسابقات الدوري بدرجاته الثلاث    قراءة تحليلية لنص "هروب وعودة" ل" أحمد سيف حاشد"    النائب بشر: لا يوجد "ضيف" محبوس وممنوع من الزيارة    بثلاثية نظيفة.. المنتخب الأولمبي يفوز على "كسكادا المصري" استعدادا للمشاركة في كأس الخليج    ثلاث ميداليات لليمن في بطولة غرب آسيا للجودو    العراق يواجه الفائز بين بوليفيا وسورينام وإيطاليا مع إيرلندا الشمالية في الملحق    الأحد المقبل .. تدشين مخيم للعيون في الزهرة بالحديدة    1000 مقابل 30 .. روسيا واوكرانيا تتبادلان جثث قتلاهما    اللحم غير المطهو جيداً... مسبّب للسرطان؟    باتيس يشيد بدور نقابة المهندسين الجنوبيين بحضرموت في تعزيز العمل الهندسي    قبائل حرض تُعلن النكف وفاءً لدماء الشهداء واستمرارًا للتعبئة    المؤسسة الوطنية لمكافحة للسرطان تحتفي بإنجازاتها وتكرم مجموعة هائل سعيد أنعم كداعم رئيسي للمؤسسة    ثورة في علاج السكري: توصيل الأنسولين عبر الجلد دون حقن    تشكيلات عسكرية.. حضرموت اليوم بحاجة إلى العقلاء، لا إلى مشعلي الحرائق.    أيهما أفضل: العمرة أم الصدقة؟    دراسة: سيجارتان يوميًا تضاعفان خطر فشل القلب والوفاة المبكرة    واشنطن: إنهاء حرب اليمن يتطلب وقف تدفّق الموارد إلى الحوثيين    "استنكار شديد": الأورومتوسطي يدين خروقات وجرائم جيش العدو في غزة    توزيع هدايا رمزية عينية للأطفال المرضى بمستشفى الثورة بالبيضاء بمناسبة اليوم العالمي للطفولة    تراجع الذهب مع توقعات خفض الفائدة الأمريكية    مصطفي حسان يطلق رواية أبناء الرماد.. تكشف خيبات الحرب وتعرّي الفساد    جرحى تعز يعلنون رفع الاعتصام من أمام الجوازات عقب اتفاق مع قيادة المحافظة    الصفقة السعودية ‐الأمريكية.. خطوة استراتيجية تعيد رسم موازين القوة    10578 شهيدا وجريحاً من الأطفال في اليمن    البنك الدولي يحذر من تفاقم أزمة الأمن الغذائي في اليمن    تركيا تتاجر بآلام غزة وتناور بورقة نتنياهو... وكذبة اعتقال النتن ياهو    الغيثي: استمرار شراكة الانتقالي مع حكومة الشرعية يدفن القضية الجنوبية    أحسم الأمر قبل تفاقمه    لوجه الله.. امنعوا الباصات وأعيدوا باصات النقل العامة    الإمارات تتخذ ميناء بوصاصو مركزا للمؤامرة على اليمن والمنطقة    استعداد لمنع استيراد الملابس الجاهزة وتوفيرها محليا بجودة افضل    الجنوب بين معاناة الناس الحياتية وتسابق أجندة المصالح الخارجية    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    متقاعدون معاقون في عدن: راتب 25000 ريال لا يعيل أسرة ولا يغطي أجرة المواصلات    العزي يطلّع على سير العمل في ملعب الظرافي تمهيدًا لافتتاحه    خبير في الطقس: البرد سيبلغ ذروته خلال اليومين القادمين ودرجات الحرارة السطحية تنخفض إلى ما دون الصفر    الاتفاق بالحوطة يتغلب على البرق بتريم في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة بوادي حضرموت    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    العراق يستفيد من نتائج القارات ويخوض مباراة واحدة في الملحق العالمي    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رياح «الربيع العربي».. أعاصير على أطفال اليمن عالقون في النزاع
نشر في عدن الغد يوم 31 - 01 - 2016

عندما هبت رياح ما يسمى «الربيع العربي» على اليمن، كانت في الحقيقة «زوابع» وكوابيس «على أطفال هذا البلد، الذين هم في الأصل كانوا يسجلون أرقاماً متدنية في الحصول على التعليم والصحة، ولكن عندما اعتصم أشقاؤهم بالميادين ذهبوا معهم وتركوا قاعات الدرس، عسى ولعل يتحسن وضعهم مع زوال حكم علي صالح، الذي سقط في نهاية المطاف بعد معاناة وتضحيات كبيرة.. حيث تنفس الأطفال الصعداء وفرحوا وهم يعودون إلى مدارسهم بعد أن تسلم الرئيس عبد ربه منصور هادي مقاليد الحكم..ولكن«يا فرحة ما تمت».. تآمر المخلوع مع ميليشيا الحوثي على مستقبل أبناء بلده، وأعاد صوت قعقعة الرصاص إلى سماوات المدن اليمنية التي سيطر عليها بقوة السلاح، وقامت ميليشيا الحوثي بدلاً من توجيه الطلاب إلى المدارس، قامت بتجنيدهم والدفع بهم إلى ساحات المعارك خدمة لأجندتهم التي لا علاقة لها بقناعات وانتماء الأطفال لبعدهم العربي، ليس هذا فحسب إذ قاموا بمحاصرة المدن التي رفضت سلطتهم، فجاع الأطفال، وارتفعت الوفيات نتيجة لقلة الدواء، وبدلاً من أن يهرع الطلاب إلى المدارس هربوا مع ذويهم طلباً للأمن واحتلوا فصول الدراسة، وحولوها لمساكن لهم، وبذلك يكون«الانقلابي صالح» حطم مستقبل أبناء اليمن مرتين، الأولى عندما حكم لأكثر من ثلاثين عاماً، وكان التعليم في قاع اهتماماته، والثانية عندما انقلب على الشرعية ووضع مستقبل أطفال اليمن في نفق مظلم.
رسمت الأمم المتحدة صورة قاتمة للأوضاع الإنسانية في اليمن، وخلصت في أحدث إفادات مفصلة لها، إلى أن الصراع الدائر في اليمن تأثر به 32 ألفاً من الضحايا، قُتل منهم 5700 مواطن، وأن عدد النساء والأطفال من جملة القتلى وصل إلى 830 وأن ما يقرب من 14 مليون شخص لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية الكافية، إلى جانب أن ثلاثة ملايين من الأطفال، والنساء الحوامل، أو المرضعات، في حاجة إلى علاج سوء التغذية أو الخدمات الوقائية، وأن 1.8 مليون طفل هم خارج فصول الدراسة منذ منتصف مارس/آذار. وان 7.6 مليون يعانون بشكل حاد انعدام الأمن الغذائي، وما يقرب من 3200 طفل يعانون سوء التغذية الحاد».
وذكر تقرير لمكتب «أوتشا» في اليمن التابع للأمم المتحدة، أن عمليات التهجير القسري المستمرة للمواطنين قادت لمفاقمة الأوضاع في المناطق المضيفة للاجئين، والمهجرين قسرياً، ما قاد إلى نقص المياه، وخدمات الصرف الصحي، وإلى اكتظاظ الملاجئ مما يعرض النازحين لمخاطر جسيمة، مثل المرض، والعنف القائم على النوع، وأن المدنيين يتحملون العبء الأكبر من العنف، واستمرار الصراع سيشكل مخاطر جسيمة على سلامتهم النفسية والاجتماعية، وأن أكثر من نصف السكان أو بالأحرى 14.4 مليون شخص منهم يحتاجون للحماية والمساعدة، بما في ذلك 7.4 مليون طفل.
وأن من بين كل شخصين، هناك واحد يكافح للعثور على وجبة في اليوم، وأن ثمانية من أصل عشرة أشخاص يتساءلون إذا كانوا سوف يجدون مياه الشرب الآمنة والنقية، أو الصرف الصحي الملائم لهم، وستة من أصل عشرة أشخاص، لا يمكنهم الحصول على الرعاية الصحية، بما في ذلك نصف مليون امرأة حامل. وأكثر من 2.2 مليون طفل يعانون أو معرضين لخطر سوء التغذية، وواحد من كل ثمانية منهم، أو يمكن القول بدقة إن 537 ألف طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر سوء التغذية الحاد.
لا مدارس
ليس فقط الجوع وسوء التغذية هما الخطر الداهم الذي يتهدد حياة أطفال اليمن الذين هجروا قاعات الدرس، حيث تقدر الأمم المتحدة في احدث تقرير لها آخر العام الماضي أن ما يقدر بنحو 1.6 مليون طفل في سن التعليم لا يستطيعون ارتياد المدارس قبل اندلاع الصراع في مارس/آذار الماضي، وأضيف لهم الآن 1.8 مليون طفل، فقدوا إمكانية الحصول على التعليم، في ظل إغلاق أكثر من 3500 مدرسة في جميع أنحاء البلاد.
وفي مسح قامت به منظمة اليونيسيف يكشف الحقائق المؤلمة للمعدلات المتدنية من المعرفة بالقراءة والكتابة والالتحاق بالمدارس. فطفل واحد من كل 15 طفلاً فقط يستطيع القراءة في اليمن، ونصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 - 17 سنة ينتظمون في المدارس.

ويعيد جون غينغ رئيس العمليات لتنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة هذا الانهيار إلى عدة عوامل، أولها أن المدارس التي جرى إغلاقها تحولت لمساكن للنازحين من اليمنيين الذين هجروا من مناطقهم.. وأن الصراع الأخير كان له أثر مدمر في كل مناحي الحياة في اليمن، وكان قطاعا الصحة والتعليم هما الأكثر تضرراً إضافة إلى الانخفاض الحاد في الواردات، وفرض الحظر على الصادرات، وانخفاض الإيرادات العامة، والتجارية منها، أدى إلى انهيار الخدمات، حيث تعمل الوزارات من دون المال اللازم لرواتب العاملين في الصحة والمدرسين.

تجنيد الأطفال
تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة كارثة تهدد صفاء ونقاوة الطفولة في اليمن، حيث يتم استغلال أوضاع الأسر الاقتصادية ليحول أطفالها إلى وحوش ضارية.
هنا اليمن حيث لون الدم أقرب للطفل من علبة الألوان، والكلاشينكوف يحل بدلاً عن الألعاب، وساحة التدريب والمعسكرات تحل بدلاً عن المدارس وتسرقهم من الحدائق والمنتزهات.
هي ظاهرة خطرة تؤرق الوضع الاجتماعي الكهل في البلد، وتنذر بجيل أكثر وحشية وقساوة على مجتمعه ومحيطه.
لم يعد المشهد غريباً وأنت تتنقل في شوارع العاصمة صنعاء، عندما تقابلك وجوه طفولية عابسة وهي تحمل الكلاشينكوف في نقاط أمنية تفتش المارة.
وكانت ليلى زروقي الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة اتهمت ميليشيا الحوثيين في اليمن بمواصلة تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب داعية مجلس الأمن والمجتمع الدولي إلى إنهاء الانتهاكات ضد الأطفال في اليمن.
وقالت زروقي إن نطاق قتل وتشويه الأطفال باليمن قد اتسع بشكل هائل خلال عام 2015 إذ تشير أرقام الأمم المتحدة إلى مقتل أكثر من 400 طفل وإصابة 600 في الفترة بين 26 مارس/آذار الماضي مع تصاعد الصراع بزيادة ثلاثة أضعاف عن عدد الضحايا الأطفال في اليمن خلال عام 2014. وكشفت أن الأمم المتحدة وثقت على مدى سنوات عدداً من الانتهاكات الخطرة التي وقعت ضد الأطفال في اليمن وخاصة في أعقاب استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، حيث حدثت زيادة كبيرة في الهجمات ضد المدارس واستخدامها لأغراض عسكرية منذ مارس/آذار الماضي فيما خلف العنف عواقب وخيمة على العاملين في المجال التعليمي.
وكانت عملية تحرير محافظة عدن بجنوبي اليمن من ميليشيات الحوثي وصالح كشفت بعض الانتهاكات التي ارتكبها المتمردون بحق الأطفال، ولاسيما على صعيد تجنيدهم للمشاركة في المعارك.
ونجحت القوات الحكومية بعد استعادة السيطرة على محافظة عدن في إنقاذ مجموعة من الأطفال كانت ميليشيات الحوثي وصالح قد جندتهم، واستقدمتهم إلى الجنوب من وسط اليمن وشماله.
وعمدت الجهات الحكومية في عدن إلى معالجة الأطفال من الآثار النفسية التي لحقت بهم، بعد أن حرمهم المتمردون من حنان الأم، ودفعوا بهم إلى ساحات القتال، في انتهاك صريح للمعاهدات الدولية.
وأعرب الأطفال، وبعضهم يقل عمره عن 12 عاماً، عن شوقهم لأهاليهم، كما تحدثوا عن الظروف التي رافقت تجنيدهم، حيث أوهمتهم الميليشيات بأنهم سيحملون السلاح لمحاربة «داعش».
وكان تحقيق نشرته صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية قد كشف أن الأطفال باتوا يشكلون نحو ثلث الميليشيات الحوثية، التي يقدر عدد مسلحيها بنحو 25 ألف شخص.
وإن كان بعض هؤلاء الأطفال قد نجا من موت محتوم بعد دحر الميليشيات المتمردة في عدن، فإن آخرين قضوا أو شوهوا في المعركة التي شنها المتمردون على الشرعية، حسب بيانات الأمم المتحدة.
وتضاف هذه الجريمة التي ارتكبها الحوثيون وأتباع صالح بحق الطفولة، إلى سلسلة الجرائم التي أدرجت في سجلهم من استهداف المدنيين وجر البلاد إلى حرب لا هدف لها إلا استعادة حكم ضائع وخدمة مشروع توسعي غير مرتبط بجزر الأطفال العربي.
الفقر والأمية
أطلقت اليونيسيف والحكومات المحلية سنة 2014 مسحاً للترسيم لتساعد في استهداف الاحتياجات الضرورية للمجتمعات المهمشة.
كانت نتائج المسح مؤلمة: حيث كشفت عن مستويات عالية من الفقر مصحوبة بمعدلات متدنية من المعرفة بالقراءة والكتابة والالتحاق بالمدارس. فطفل واحد من كل 15 طفلاً فقط يستطيع القراءة في اليمن، ونصف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 - 17 سنة ينتظمون في المدارس. كما أن منزلين من كل 5 منازل فقط فيها حمام.
وفي تعز، حيث هناك نسبة عالية من المهمشين، وجد المسح أن أكثر من نصف الأطفال دون سن السنة الواحدة، والبالغ عددهم 5,000 طفل لم يتلقوا أي لقاحات على الإطلاق.
واستجابة لذلك، صممت اليونيسيف حزمة متكاملة لتدخلات الحماية الاجتماعية، بما في ذلك الدمج المالي المراعي للطفل من خلال التحويلات النقدية، وربط الأسر بالخدمات الاجتماعية الأساسية.
تهدف المساعدات النقدية الموجهة من خلال 20,000 حساب ادخار للأمهات والأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 - 17 سنة، إلى تعزيز الادخار من أجل تعليم وصحة وتغذية الأطفال.
إضافة لذلك، يتلقى أطفال المهمشين الحقائب المدرسية والزي المدرسي لتيسير مشاركتهم ودمجهم في المدارس.
كأنني في قفص
أثر الصراع الدائر في اليمن والآخذ في التصاعد منذ مارس /آذار الماضي سلبياً في توفير الخدمات الأساسية لملايين الأطفال في البلاد.
كما تعطلت البرامج التي كانت تستهدف الأطفال من المجتمعات المهمشة والهشة مثل المهمشين بشكل كبير، مما زاد من عوزهم.
فبالنسبة لأسرة كأسرة جمال، يمثل ما تركوه وراءهم، بالرغم من قلته وبؤس حالته، على الأقل منزلهم - منزلاً لن يعودوا في الأغلب له أبداً.
تقول والدة جمال: «كأنك في قفص هنا. لقد فقدنا كل شيء».
ولتساعد في تلبية احتياجات الأسر اليمنية التي اقتلعت من جذورها بسبب النزاع، تقوم اليونيسيف بتوفير الإمدادات الطبية، وحقائب النظافة الشخصية، ومصافي المياه. كما تقوم أيضا ببناء المراحيض المؤقتة وتوفير الوقود لشركات المياه المحلية في المحافظات الأكثر تضررا في المحافظات الجنوبية في أبين وعدن ولحج لتتمكن من ضخ المياه للمنازل، والتي تخدم أكثر من مليون شخص.
توفر اليونيسيف الوقود لصندوق التنظيف والتحسين لضمان الاستمرار في جمع المخلفات الصلبة من الشوارع والحفاظ على استمرارية خدمات جمع النفايات.
وبالرغم من ذلك، تبقى الاحتياجات ضخمة، فالبنسبة لجمال ونحو 10 ملايين شخص آخر بحاجة ماسة لليمن نشعر كأننا نسابق الزمن.
«رجاء أوقفوا الحرب»
أغلقت العديد من المدارس أبوابها في اليمن بسبب الاقتتال الدائر، تاركة الأطفال يخوضون معركة يائسة من أجل البقاء، خاصة أن وضعهم سيتدهور أكثر في حال عدم وصول مساعدات الإغاثة الإنسانية على الفور، وعدم إيجاد حل للنزاع.
لن تذهب ندى نصير، ذات السبع سنوات، إلى المدرسة غداً، أو بعد غد أو بعده. أما صديقها عبد الرحمن، ذو الأعوام الأربعة، فلن يعود للمدرسة أبداً.
تقول ندى: «كان عبد الرحمن في الرابعة من العمر عندما أرداه قناص قتيلاً. لا أريد أن أقتل مثله».
كان مبنى مدرسة ابن سينا في صنعاء، بجدرانه الرمادية الفاتحة، واقفاً مكانه قبل بضعة أيام، عندما ضربت غارة جوية المبنى المجاور للمدرسة. تسبب الانفجار في انهيار الجدار الخارجي لساحة المدرسة بحيث انهال الركام والزجاج المكسر داخل غرف الصف. وبسبب هذه الأضرار تم إغلاق المدرسة، التي كانت تدرس فيها 1,500 فتاة في المرحلة الأساسية والثانوية، إلى أجل غير مسمى.
تسبب النزاع الدائر في اليمن بإغلاق العديد من المدارس، حارماً نحو مليوني طفل من الانتظام في حصصهم. وجدت اليونيسيف، بعد أن تقصت عن الأضرار، أن 30 مدرسة على الأقل تضررت بسبب الاقتتال، وأن هذا الوضع الصعب ما زال يتدهور بشكل سريع.
وحتى قبل اندلاع النزاع، كان هناك 1.6 مليون طفل خارج المدرسة في اليمن.
يعاني الكثير من الأطفال في اليمن الآن إصابات خطرة، أطفال فقدوا أرجلهم وأذرعهم، أطفال أبرياء فاجأتهم الانفجارات، والشظايا ووابل الرصاص.
يعود الفضل جزئيا لجهود اليونيسيف في تثقيف الأطفال والأهل وتعريفهم بأخطار لمس الأجسام غير المنفجرة. تمشي ندى وأصدقاؤها بحذر، ويتجنبون أي جسم يبدو خطراً. ولكن بالرغم من ذلك، تزداد الحاجة للتوعية فيما يتعمق الصراع ويتوسع ليشمل مناطق جديدة.
أرواح بريئة في خطر
تحول الأطفال الذين كانوا يلعبون في الشوارع دون خوف إلى مقاتلين، بعضهم أُجبر على المشاركة في القتال، بينما يشارك فيه آخرون لدوافع اجتماعية، واقتصادية وسياسية ودينية. وفي بعض الأحيان يكون الدافع مزيجاً من جميع هذه العوامل، ولكن النتيجة النهائية هي نفسها: حيث تصبح حياة الطفل في خطر.
في مدينة عدن في الجنوب، يبدو على نِسمة، ذات الثلاثة عشر عاماً، الألم وهي تنظر إلى الدمار الذي خلفه الاقتتال في المنطقة.
وتقول: «أشعر بحزن شديد، فلقد تدمر الشارع الرئيسي الذي كان أجمل منطقة في حيّنا. كما حرقت الصواريخ الدكان الذي كنت أشتري منه القرطاسية للمدرسة، وتدمرت المنازل. أصبحت المباني خاوية والدمار في كل مكان. رجاء أوقفوا الحرب».
أصبحت حياة الأطفال كنسمة وندى أشبه بفيلم يصور نهاية العالم، خاصة مع انتشار القتال في الشوارع، وقصف المدافع، والقناصة، والغارات الجوية اليومية.
لم تعد قصص الرعب نادرة في أي منطقة في اليمن، فقد أصبحت الأسر، التي هُجّر الكثير منها، غير قادرة على تحمل الارتفاع الخيالي في أسعار المواد الأساسية مثل الطعام والمياه العذبة، وطوابير الناس الذين يقفون بانتظار شراء بضع لترات من الوقود إن حالفهم الحظ.
إن لم تصل المساعدات الإنسانية لهؤلاء الأطفال فوراً، سيكون هناك الكثير من الأشخاص الذين سيروون قصة ندى ونِسمة، وآخرون سيستمعون إليها، ولكن لن يكون هناك كثيرون ممن يستطيعون أن يلعبوا دورهما.
عالقون في النزاع
أثر الصراع المتصاعد في اليمن بشكل مدمر في قدرة الأسر اليمنية على الحياة اليومية.
شاهد جمال الخليدي منزله يتدمر. جمال طفل عمره 13 سنة يعيش في كريتر في عدن، انتقل الآن للعيش في مخيم أقيم في مدرسة مع 76 أسرة أخرى هُجّرت من عدن إلى لحج.
يتساءل جمال الخليدي: «هذه المدرسة مأوى لنا جميعاً، ونحن متساوون في كل شيء في هذه الأزمة، فلماذا ينظرون إلينا كأننا مختلفون؟».
ينتمي جمال لمجتمع المهمشين، وهم أقلية تمثل 10% من سكان اليمن. تعاني هذه المجموعة الإقصاء والفقر، وتعيش في قاع السلم الاجتماعي في اليمن.
وكالعديد من أمثالها من الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة المكتظة على أطراف المدن الرئيسية، كانت أسرة جمال تعيش في أطراف مدينة عدن، ولكن الاقتتال العنيف دفعها للهرب.
تعد الأزمة القائمة في اليمن مأساة مضاعفة بالنسبة للمهمشين. فحتى قبل أن يتصاعد القتال في مارس /آذار الماضي كان المهمشون يعيشون على هامش المجتمع، ويعانون التمييز المستمر، بسبب التعصب ضد بشرتهم الداكنة وأصولهم الإفريقية.
يقول جمال: «لم أتضايق أبداً كوني أنتمي للمهمشين، لا في المدرسة ولا الحديقة العامة ولا حتى في الحي. ولكن الآن في المخيم، أصبح الأمر يضايقني كثيرا». ويضيف: «أشتاق لمنزلي وأصدقائي، أشتاق لحياتي في المنزل، كنت حراً وسعيداً هناك».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.