بئر علي مدينة تطل على البحر العربي والمحيط الهندي وتقع إداريا ضمن مديرية رضوم محافظة شبوة ،وهي مركز جذب سياحي ؛نظرا لما تمتاز به المدينة من عوامل طبيعية متعددة من شواطئ رائعة ورمال ذهبية ساحرة ، بالإضافة إلى كنوزها التاريخية المتمثلة في حصن الغراب وبحيرة شوران البركانية وميناء قنا التاريخي وجزرها الاسطورية والتي كان يقصدها أفواج من السياح الأجانب في الماضي ... وتشتهر هذه المدينة بكثرة الأسماك حيث يعتمد سكانها على مهنة الصيد والتي ارتبطوا بها منذ القدم لإعالة اسرهم .
ولكن من المؤسف أن هذه المدينة رغم مزاياها الطبيعة الجمالية إلا أنها تئن تحت وطأة التهميش والحرمان طلية عقود من زمن .
تمتاز هذه المدينة بتاريخها العريق من خلال ميناها الشهير( قنا) الذي كان يعد محطة استثنائية لطريق البخور القويم وكان أكثر الموانئ أهمية في التجارة البحرية بين منطقة جنوب الجزيرة العربية ومصر وجنوب افريقيا والهند والخليج العربي . كما يوجد في بئر علي حصن الغراب الذي تم اكتشافه كموقع اثري فريد ومهم من قبل الانجليز قبل الاحتلال البريطاني لعدن قبل خمس سنوات في اثناء اهتمام الانجليز بمسح الساحل الجنوبي لشبة الجزيرة العربية ، يؤرخ نقش حصن الغراب المرحلة تاريخية مهمة وهي سقوط الحضارة اليمنية القديمة والمرحلة الأخيرة للأسرة اليزنية ، وإلى الشرق قليلا من بئر علي تقع بحيرة شوران حيث يعتقد أن انفجار بركانيا قد تعرضت له هذه المنطقة قديما في الازمنة الجيولوجية السحيقة نتج عنها التشكيل التضاريسي الخلاب الذي جعلها آية في الجمال الأخاذ ،فهنا يلتقي طرف هذه البحرة عبر برزخ صغير مع مياه البحر العربي ،بيمنا يحيط بها الجبل من كل الجهات، بينما تنشر أشجار المنجروف بشكل حلزوني .. معاناة وهموم ما ينقص هذه المدينة إنها مهملة ومنسية ،ولم تحظ بأي مشروع خدمي أو تنموي من قبل الحكومات المتعاقبة. الأخ محمد احمد الشيبة يتحدث عن معاناة المدينة قائلا :"بئر علي مدينة بدأت في التوسع والتكاثر السكاني ، وهي تحتل أهمية اقتصادية وتعد المرفأ الأول في محافظة شبوة، غير أنها تعاني معاناة كبيرة من جراء حرمانها للعديد من الخدمات التنموية ، فالمدينة يوجد بها مشروع مياه متهالك انابيبه تالفة لا تعد تمضي بالماء إلى منازل الأهالي لسد احتياجاتهم من المياه، و في الجانب الصحي توجد وحدة صحية تفتقر إلى الأدوية والأجهزة الطبية، وفي الجانب التعليمي تحتاج المدينة إلى مدرسة للبنات وكذلك إضافة صفوف لمدرسة البنين...كما تفتقد المدينة إلى أعمال النظافة والتحسين ،رغم وجود سيارتين إلا أن المشكلة عدم اعتماد لمخصص النشاط النظافة ، لذا تجد أكوام من القمامة والمخلفات المكدسة في أماكن مختلفة من المدينة التي تحولت من مدينة ساحلية جميلة إلى مدينة تكتظ بكل الصور السلبية والغير جمالية. وأضاف الأخ محمد : أن أبرز ما تحتاجه بئر علي حاليا في الوقت الراهن يتمثل في إصلاح مشروع المياه المتهالك وانشاء خزان لحفظ المياه وكذلك ترقية الوحدة الصحية وتوفير الأدوية والأجهزة الطبية، وتحتاج الى حملات رش لمكافحة البعوض المنتشر بكثره في المدينة ، كما تفتقر إلى مشروع الصرف الصحي رغم الحاجة الملحة لذلك.....
فالمدينة تفتقد لعديد من الخدمات ،رغم وجودها بالقرب من ميناء تصدير الغاز الطبيعي المسال، مع إنها لم تستفيد استفادة حقيقة من هذا المشروع ، وعلى العكس تماما هناك أضرار بيئية وصحية على سكان المدينة ،ومن المفترض أن تتحمل الشركات العاملة في بالحاف إقامة كل المشاريع..
واتمنى من خلال هذا المنبر الإعلامي أن يلتفت المعنين في المحافظة والمنظمات وإدارة مشروع بالحاف للغاز الطبيعي المسال إلى معاناة المواطنين وأن لا تمر مرور الكرام أو يتجاهلونها كسابقاتها لتزداد معاناة الموطنين وتتراكم مناشداتهم في أدراج مكاتب المعنين وتذهب أدراج الرياح".
جمعية المرأة الساحلية على البحر مباشرة تجد أمامك مبنى صغير ولكنه يشهد حركة عمل كبيرة لمجموعة من النساء يعملن بكل جد واجتهاد لإنجاز أعمال منوطة بهن من تطريز وخياطة وطحن حبوب وغيرها. أنها جمعية المرأة الساحلية في بئر علي التي تعد من أهم الجمعيات الإنتاجية والعاملة في المدينة منذ تأسيسها عام 2003م،وحول هذا الموضوع يحدثنا الأخ هلال الواحدي قائلا :"نظرا لظروف الاقتصادية لأبناء المنطقة وبالذات النساء جاءت فكرة تأسيس الجمعية التي بلغ عدد عضواتها ما يقارب 200عضوة، حيث للجمعية أنشطة إنتاجية جيدة تعود بالنفع على العضوات والمنطقة". ويضيف الأخ هلال الواحدي :"الجمعية رغم النجاحات إلا إنها بحاجة الى دعم من الجهات المختصة والمنظمات الدولية ، لأن الإمكانيات لديهن ضعيفة وكما ترون الأنشطة التي يقمن بها كبيرة، ولذا ينبغي دعمهن وتشجيعهن لتغلب على مشكلة الفقر البطالة". مرفأ قوارب صيد تشتهر مدينة بئر علي بكثرة الأسماك حيث يتوافد إليها المئات من القوارب و افواج الصيادين من كل حدب وصوب ،غير أن الصيادين الذين التقيتهم يشكون من وضع الصيد لم يعد على ما يرام نتيجة عدد من الأخطار التي تواجههم وخاصة أعمال القرصنة التي وصل ضررها إلى صيادي المنطقة، كما يشكو البعض من بعض القوارب والشركات الأجنبية التي تعبث بمراعي الصيد في مناطق الاصطياد". ويقول الأخ طلال باصهيب رئيس الاتحاد التعاوني السمكي :"أصبحت بئر علي مرفأ ومركز صيد لا يستهان به متسوى اليمن، ولك أن ترى هذه الجموع الغفيرة من الصيادون ليس من أبناء المنطقة فقد وانما من جميع المحافظات، يتوافدوا إلى بئر علي للاصطياد، باعتبار أن سواحلها والمناطق المجاورة لها من أغنى مناطق الصيد، غير أن المشكلة التي تواجه الصيادين تكمن في عدم وجود حماية أمنية للاصيطاد، حيث يعاني معظم الصيادين حاليا من تدني مستوى الإنتاج السمكي الملحوظ والذي يزداد عاما بعد عام ،لعدة أسباب أهمها استخدام بعض من الصيادين طرق و وسائل اصطياد جديدة مخالفة وغير قانونية تضر بالثروة السمكية، وللأسف الشديد يتم العمل بها تحت حماية بعض من أفراد القبائل ،وكذا بعض من الصيادين ضعاف النفوس، كما يشكو بعض الصيادين من ارتفاع أسعار المحروقات ومعدات وسائل الاصطياد، وأن اكثر ما ضاعف قلة الإنتاج هو ظاهرة استحداث الموانئ وذلك من خلال تسريب الديزل إلى مياه البحر، وكذا لا أنسى الأضرار الناتجة عن ميناء تصدير الغاز بالحاف".
ويقول باصهيب :"أناشد عبر هذا الصرح الإعلامي الرائع السلطة المحلية بالمحافظة والمنظمات الدولية وإدارة مشروع بالحاف أن تعيد النظر في الوضع المأسوي والكارثي الذي يعيشه صيادي بئر علي وايلاهم ما يستحقوه من رعاية واهتمام". وختاما: رغم بعض الصور السلبية والعشوائية لهذه المدينة إلا أنها تظل مدينة بئر علي جوهرة البحر العربي ورحيق الشهد وشوق الجمال لهذه المناظر الذي قد تعجز الكلمات عن وصفها لأنها بئر علي المدينة الاستثنائية والجغرافيا الاستثنائية والتاريخ الاستثنائي.. آملا أن تستتب الأوضاع وتأتي حكومة صادقة تحقق لأبنائها الطيبين ذوي الجباه السمر كل أمانيهم وأحلامهم البسيطة والمتمثلة في حياة كريمة وتنمية حقيقة.