عندما تدخل الخليجيون بمبادرتهم الخليجية لحل القضية اليمنية تجاهلوا القضية الجنوبية ، واندفعوا نحو العداء الضمني للجنوب عندما أكدوا في المبادرة على حماية الوحدة اليمنية وأنَّ الحوار تحت سقف الوحدة . . . كان كل همهم منصب على حماية الوحدة اليمنية . وعندما اقترب موعد الحوار اليمني (المنبثق من المبادرة) تأكد لهم أنَّه لا حوار يمكنه المرور تحت سقف الوحدة أو غيره من السقوف ، فلا سقوف يمكنها حجب شمس الحراك الجنوبي الحامل السياسي للقضية الجنوبية . وتقرر بعد ذلك أن يكون الحوار بدون سقوف. . . ولكنهم أيضاً كرروا الالتفاف على الحقيقة "فاستنسخوا حراك مطيع" حراك تابع لصنعاء ؛ نصفه يتبع الحوثي والرئيس صالح والنصف الآخر يتبع الإصلاح والرئيس هادي .
وانطلق الحوار اليمني واستمر تسعة (9) أشهر ، ولم يحل الصراع .. لأنَّ الجميع كانوا كالفلم المصري "ياعزيزي كلنا لصوص" . . . واستمر الهروب من الحقيقة إلى الأمام حتى انفجرت الحرب الشاملة في مطلع 2015 .
وسقط اليمن الشمالي في يد السلطة الانقلابية خلال ساعات . . . وثبت الحراك بمقاومته الجنوبية وشعبه المقاوم ، واشترك بحده وحديده في المعركة ؛ فغير المعادلة على الأرض ، والعالم كلُّه يعرف هذه الحقيقة . . . ولو كان الجنوب كالشمال لكان انتهى كل شيء ؛ انتهت المبادرة الخليجية ، وانتهى الرئيس هادي ومن معه لاجئون كغيرهم من الأنظمة اليمنية اللاجئة "وما أكثرها خلال الخمسين سنة الماضية" .
وكابر الخليجيون ورفضوا الحقيقة واستمروا في حماية الوحدة اليمنية التي انتهت عملياً بالقتال على الأرض ؛ وتخلَّوا عن المقاومة الجنوبية التي تقاتل معهم ، ووجهوا الدعم إلى السلطة الشرعية الهاربة وإلى أتباعها من سلفيي دماج "لأنَّهم وحدويون" هكذا قالتها لنا القيادات العسكرية -للتحالف- بوضوح تام "لن ندعمكم ما دمتم ترفعون علم دولة الجنوب" . . . وكان ردنا عليهم بوضوح "سوف نصبر عليكم ولن نتخلى عن رايتنا وتحتها نموت".
واستنسخت السلطة الهاربة مقاومة تابعة لها من شذاذ الآفاق ومرتزقة الحروب وسلفيي دماج واتباعهم من القاعدة التي صنعها نظام صنعاء خلال العشرين سنة الماضية .
وحقيقة الاستنساخ لم تعد خافية على أحد حتى المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ عايشها عملياً في (جنيف1) عندما رشَّح ممثلين للحراك والمقاومة الحقيقية ، فرفضها الرئيس هادي وأختار ممثلين من الحراك التابع له وللإصلاح ، ورفضت السلطة الانقلابية ترشيح هادي وأصرَّت على اختيار نصف الممثلين من الحراك "المستنسخ" التابع للحوثي . . . وفشل جنيف1 وفشل جنيف2 .
واستمرت الحرب .... فماذا كانت نتيجة كل تلك الفهلوة والالتفافات على الحقائق منذ 2011 وحتى اليوم...؟؟
النتيجة ؛ دخول المناطق المحررة في المخطط المرسوم في صنعاء (الفوضى والإرهاب والقاعدة وداعش وقطاع الطرق والعصابات المأجورة). . . وعجزت السلطة الشرعية عن تأمين مديرية واحدة تقيم فيها ؛ وهاهي بعد ثمانية أشهر من تحرير محافظات الجنوب مازالت الشرعية لاجئة في الرياض وأبوظبي . . . وهي قطعاً عاجزة عن حشد عشرة آلاف مؤيد في أي محافظة في اليمن .
وفي المقابل استتباب الأمن وتطبيع الحياة في الشمال ،، ونجاح السلطة الإنقلابية برص الشعب اليمني خلفها ؛ فالرئيس صالح حشد الملايين في ميدان السبعين والحوثي حشد الملايين في شارع الستين في 26 مارس الماضي .
وبعد هذا ألكم الهائل من فشل التحايل على القضية الجنوبيّة مازال الخليجيون ينفذون رغبات القطب الاستعماري "الشرعية" ،، وهاهي مشاورات الكويت على الأبواب وقد استنسخوا مثل كل مرَّة...!!..فإلى متى سيستمر الخليجيون بالسير وراء سراب الوحدة اليمنية...؟
وماهي نتيجة هذا الاستنساخ في الكويت...؟ إذا لم يتدارك الخليجيون لخطأ الاستنساخ ستكون النتيجة هي الفشل "هكذا تقول حقائق الوقائع والأحداث" ؛ لايمكن أن ينجح أي حل "ترقيعي" يقضي بابتلاع القضية الجنوبية ، لأنَّها غير قابلة للابتلاع ولا للذوبان .
ومع مرور الوقت سيدرك الخليجيون أنَّ القضية الجنوبية هي "القضية الحقيقية الوحيدة في اليمن" ، وباقي القضايا عبارة عن خلافات مصلحية بين نخب يمنية فاسدة تسلَّطت على مقدرات اليمن منذ عقود ؛ وحينها سيتفهمون الواقع ، ويضعون حل مرضي للجنوب والشمال ؛ حل يمكنه الحياة ، ويدفع بالبلاد إلى المخرج النهائي من الفوضى والاضطراب ، ويتجه الجنوب والشمال نحو البناء والتنمية والإنتاج والحياة الكريمة للجنوبيين والشماليين بلا ضرر ولا إضرار .