بعد أن وصل (الإنقلابيون) حد الإنهاك وعدم القدرة على تغيير المعادلة العسكرية على الأرض على مدى أكثر من عام، وبعد أن وصلت (الشرعية) المُعدمة إلى حد الضمور والذبول وعدم القدرة على اختراق وكسر جمود الميدان الشمالي، وبعد أن دب الخلاف داخل كل فريق من فرقاء صنعاء حتى بلغ حد الشقاق والتفكك والتنافر من جهة. وبعد أيضاً أن حققت " عاصفة الحزم" جل أهدافها المعلنة بجرأة وقدرة واقتدار ومع ذلك بدأت تطفو بعض التباينات فيما بينها على السطح، وبعد أن أوصلتها فرقاء صنعاء حد نفاذ الصبر والإعياء والإشفاق عليها ومنها، وفي حين استطاع الجنوبيون من صد العدوان الثاني لجحافل صنعاء ودحرها وكسر شوكة الهيمنة والسيطرة العسكرية والأمنية المفروضة عليه منذ حرب عدوان صيف 94م، ثم تحرير أغلب الجغرافية الجنوبية بمساعدة ومساندة دول التحالف العربي بقيادة المملكة والإمارات وأخيرا بخوض معركة الإرهاب بفعالية وعزم لا يلين من ناحية أخرى. في ضوء تلك المعطيات والحقائق والوقائع الثابتة على الأرض، والوضع والحال الذي وصلت إليه جميع الأطراف والفرقاء هل من شيء بقي أو يمكن عمله على الصعيد العسكري والميداني أو يمكن توقع حدوثه، وهل من مصلحة كل فرقاء صنعاء او بعضها بقاء الوضع والحال على ما هو عليه، وهل من مصلحة دول التحالف العربي الإبقاء والاستمرار والسكوت والانتظار حتى تنهار البلاد كلها ويصبح من الصعوبة بمكان السيطرة عليها؟؟ بالطبع لا، ولم يبق شيء سوى خطم فرقاء صنعاء التقليديين إلى محطة الكويت وعلى قاعدة " لا غالب ولا مغلوب" كعملية إنقاذ اضطرارية للخروج من الحالة الحرجة والمأزق الحقيقي وكتدارك لعملية الانهيار الوشيكة والملحوظة وقبل دخول البلاد في حالة الفوضى العارمة وسقوطها بيد الإرهاب بكل أشكاله. وما من شك أيضاً، أن فرقاء صنعاء المحتربة والمصطرعة على السلطة رأت في ذلك طوق النجاة بل وفيه ما يحفظ لها ماء الوجه وما تبقى لها من رصيد ومصلحة وفرصة سانحة لتعويض ما خسرته من خلال الترضيات والكرم الخليجي السخي، ومن رصيد وحساب ومكاسب واستحقاقات وتضحيات الشعب الجنوبي التي تحققت على الأرض ولقضيته الوطنية ونصره المبين. ومن المؤسف حقاً القول: أن نرى جميع فرقاء صنعاء تجتمع وتجلس على طاولة الكويت مع الأطراف والأقطاب الإقليمية والدولية وبحضور حوثي لافت وفاعل ومقرر بينما الطرف الثاني الأساسي في المعادلة والأزمة اليمنية المركبة (الجنوب) الشريك والفاعل في هذه الحرب المتعددة الأطراف والأهداف وبعيداً عنه، والذي لا يمكن بحال من الأحوال تغييبه أو استبعاده بمقتضى أي معادلة أو مقاربة كانت.. ومع ذلك نؤكد أن القضية الجنوبية قضية وطنية وموضوعية وستظل تعصف بصنعاء والمنطقة ما لم تُنصف وتحل جذرياً، ونؤكد أيضاً أن محطة الكويت ليست نهاية المطاف ولا نهاية التاريخ وإنما هي بمثابة استراحة محارب وبداية النهاية لمن يرى أنه في مأمن ومحصن. وبقي القول، أن على الجنوبيين عدم الانتظار وعليهم أولاً الحفاظ على المكاسب الهامة التي تحققت لقضيتهم، وعلى العلاقات المعمدة بالدم مع الأشقاء الخليجيين والعرب والأصدقاء ومن ثم دراسة كل الخيارات المتاحة أمامهم استراتيجياً وعدم المخاطرة أو التفريط بالتضحيات الغالية والجسام وعدم الالتفات إلى الوراء ناهيك عن المضي قدماً نحو مكافحة الإرهاب وإرساء الأمن وتطبيع الحياة العامة.