ما أصعب الحياة وقسوتها في زمن تتوارى به وتختفي الأعراف والأصول والقيم الإنسانية .. وتجثم على صدورنا وأنفاسنا بصورة متلاحقة الكوارث والمصائب وتعتلي صاخبة مدوية أصوات المنافقين والدجالين والإنتهازيين والعابثين ويدفع الثمن باهضاً البسطاء من أبناء مدينة عدن الباسلة والجنوب بكل شرائحه وطبقاته المكونة من أمهاتنا وأبائنا وشيوخنا وأطفالنا الصامدين والصابرين المكلومين الذين تنهب ثرواتهم وتسلب وتستباح خيراتهم ومقدراتهم علناً وجهاراً .. فيموت الأطفال والصغار والعجزة المسنين والأمهات تحت وطأة معاناة الفقر والجوع وشدة الإحتياج لأبسط الحقوق الأدمية وتتزايد جرعات العقوبات الجماعية اليومية المتكررة في مسلسل إنقطاعات التيار الكهربائي المتواصل ليلاً ونهاراً بطريقة ممنهجة وإختناقات أزمات مياه الشرب مع قسوة لهيب وحرارة ورطوبة صيف مدينة عدن القائض القاتل المميت وطفح المجاري والصرف الصحي وما يتبعه من أمراض وإرتفاع مخيف غير مسبوق في نسبة الموت . تتواصل تباعاً قوافل شهداء الكهرباء والمياه من كبار السن والمصابين بأمراض الضغط والسكر والرضع من الأطفال والشيوخ ولا حياة لمن تنادي ... نصرخ ونستغيث ياحكومة الرياض ولا أحد يستجيب (عقوبات جماعية ) . نتوه في البحث عن الحقيقة بين دهاليز وأروقة الساسة والفرقاء في معترك المشهد السياسي المحلي والإقليمي والدولي وتدمر وتنتهك حرمة وكرامة وحقوق وأدمية وأحلام وطموحات (الإنسان المواطن الغلبان).. وتداس على النعال مشاريع الدولة المدنية والمساواة تحت مظلة الشعارات الرنانة الجوفاء فارغة المضمون والقيمة . ومن المفارقات العجيبة وعلى الجانب الآخر تنتفخ بطون وكروش الساسة والزعماء بالتخمة والبدخ والرفاهية على حساب سكينة وأمن وأمان وإستقرار بسطاء الناس .. كل ذلك يحدث منذ سنوات عجاف قاسية في زحمة ماراثون الباحثين عن الزعامات والجاه والنفوذ والسلطة على أشلاء الشهداء وحمامات الدماء في داخل وطن يحتضر بسبب تداعيات الحروب الداخلية العبثية الظالمة المدمرة التي شنها الحوافيش ظلماً وعدواناً .. وتدهور الخدمات وإرتفاع أسعار النفط ومشتقاته والديزل .. والغلاء في أسعار المواد الغدائية وكل مايتعلق ويرتبط بمعيشة وحياة الناس اليومية وينهك إستمرارية الحياة الكريمة في ظل ( غياب أجهزة الرقابة على الأسعار) وعدم محاسبة من يستغلون الظروف التي تمر بها البلد .. تضاف هذه المعاناة مكملة لعقوبات إنقطاع التيار الكهربائي وأزمة المياه المميتة وحوادث القتل والتصفيات والتفجيرات التي نتجرعها على مدار الساعة بطعم و مرارة العلقم ليصبح كل أبناء عدن (مشروع شهيد) في زمن يسود به ويطبق قانون الغاب على أرض الواقع و أمام أنظار ومسامع العالم بأسره ...