يعتبر الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة من اهم الاجهزة الرقابية لمكافحة الفساد في اليمن لما يمتلكه الجهاز من صلاحيات واسعة وفقاً لنصوص قانون الجهاز الصادر بالقرار الجمهوري بقانون رقم (39) لسنة 1992م بشأن الجهاز مركزي للرقابة والمحاسبة والذي اعطى له صلاحيات واسعة في الرقابة والفحص والمراجعة والمحاسبة الادارية والمالية والقانونية وايضاً لما يمتلكه الجهاز من فروع ومكاتب في جميع محافظات الجمهورية. ولكن؟ بالرغم من تلك الصلاحيات الواسعة والجهود المبذولة من قبل كوادر الجهاز ولكنها لا تحقق الثمرة المرجوة من عمله . حيث تم للأسف الشديد تعطيل اهم صلاحيات الجهاز وهو الرقابة السابقة والمصاحبة والذي منح القانون للجهاز تلك الصلاحية حيث نص قانون الجهاز في المادة رقم (11) الفقرة (18) على ما نصه (يكون للجهاز علاوة على الرقابة اللاحقة حق القيام بالرقابة المصاحبة او المسبقة بقرار من رئيس الجهاز ) حيث منح رئيس الجهاز صلاحية استخدام تلك الصلاحيات بموجب قرار من رئيس الجهاز ولكن للأسف الشديد لا يتم تفعيل ذلك على ارض الواقع مما أفقد الجهاز دور هام في مكافحة الفساد قبل حصوله وقبل ان يتم العبث بالمال العام بالرغم من ان للرقابة المصاحبة والسابقة أهمية كبيرة في الحفاظ على المال العام لانه يوقف الفساد قبل ان يبتلع المال العام وبذلك يحافظ عليه وتكون نسبة النجاح 100% بعكس الرقابة اللاحقة التي تكون بعد ان يبتلع الفساد المال العام . ما جعلني اؤكد على أهمية الرقابة المصاحبة والسابقة هو انشغال الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وجميع كوادره حالياً بالفحص والمراجعة في الجهات والمؤسسات الحكومية للعام 2014م أي يكون قد مضى على تلك الاجراءات اكثر من عامين وقد ضاع المال العام خلالها ويشتت بذلك جهود كوادر الجهاز والمفترض ان يقوم الجهاز بإجراءاته أولاً بأول وعدم الترحيل والتباطؤ لأن البعض يفهم ذلك التباطؤ أنه تواطؤ . عند طرح ذلك الموضوع على احد كوادر الجهاز افاد ان الجهاز حالياً بكوادره الموجودة لا يستطيع تغطية المهام والاختصاصات في الفحص والمراجعة اللاحقة في جميع مؤسسات الدولة حيث يغطي حالياً ما نسبته 25% من اجمالي الاعمال الرقابية المفترض ان يقوم بها ويكتفي بالفحص بالعينة وليس الفحص الشامل بالرغم من ان القانون اعطى للجهاز صلاحية الفحص الشامل فكيف يستطيع في ضل هذا العجز الكبير من تفعيل دورة في الرقابة المصاحبة والسابقة وهو عاجز عن القيام بمهام الرقابة اللاحقة جداً لذلك وبسبب ذلك تكون نسبة نجاح الجهاز لا تتجاوز الربع 25% مهما بذل من جهود وان كانت تلك الجهود تشتت للرقابة والفحص والمراجعة لأعمال سابقة قبل اكثر من عامين من ارتكاب الجرم ونهب المال العام . بالإضافة الى ذلك يلاحظ على ان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعد اصدار التقارير الدورية عن الفساد والاختلالات في الجهات والمؤسسات الحكومية يتوقف غالباً عند اصدار التقرير وابلاغ الجهة بتلك الاختلالات لمعالجتها ولا يقوم الجهاز باستكمال الاجراءات المنصوص عليها في القانون بإحالة جميع الاختلالات والفساد الى النيابة العامة لاستكمال اجراءات التحقيق والمحاكمة وانزال العقوبة المقررة شرعاً وقانون على الفاسدين واستعادة الاموال العامة الذي ابتلعها الفساد بالرغم من ان القانون اعطى للجهاز تلك الصلاحيات وفقاً لنص المادة رقم (11) الفقرة (7) من قانون الجهاز والذي نصت على :( عند اكتشاف الجهاز لارتكاب فعل او امتناع عن فعل يعاقب عليه القانون ويضر بالمصلحة العامة يحق للجهاز ان يضبط المستندات الدالة على ذلك واحاطة الجهة الادارية المختصة بتقرير كامل مشفوع بالإجراءات القانونية التي يوصي الجهاز باتخاذها فاذا تقاعست الجهة الادارية المختصة عن اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك خلال ثلاثين يوما على الاكثر من احاطتها يحق للجهاز احالة الموضوع مع مستنداته الى الجهات القضائية المختصة مباشرة ويستثنى من هذا الحكم الافعال المنسوبة الى الوزراء ونواب الوزراء والمحافظين فيكتفى برفع التقارير عنها الى رئيس مجلس الرئاسة ورئيس مجلس الوزراء ليقرروا بشأنها ما يروه مناسبا من الاجراءات .) قد يلاحظ البعض ان نص المادة لم تلزم الجهاز وانما اوضحت ان له الحق في احالة الفاسدين للقضاء ولكن ذلك الحق ليس اختياري لان الجهاز اذا لم يقم بإحالة الفاسدين للنيابة العامة لاستكمال اجراءات المحاسبة والعقاب فيصبح بذلك الجهاز متواطئ او مظلة تكشف الفساد ولا تحاسب الفاسدين ويتوقف دور الجهاز في اصدار تقارير روتينية ليس لها طعم ولا لون ولا رائحة لعدم استكمال الاجراءات وعدم تحقيق هدف وجود الجهاز وهو مكافحة الفساد ولن يتم مكافحة الفساد مالم يعاقب الفاسدين ويتم استرداد الاموال العامة الذي ابتلعها الفساد. الامر الذي يستلزم بسرعة تقييم اداء الجهاز واعادة النظر في دورة الهام واعادة تفعيلة ليقوم بجميع المهام والصلاحيات المنصوص عليها في القانون ورفدة بالإمكانيات والكوادر اللازمة ليقوم بممارسة جميع صلاحياته من رقابة سابقة ومصاحبة ولاحقة واحالة الفاسدين للمحاكمة وانزال اشد العقوبات بهم لتكون تلك الاجراءات رادعه لكل من تسول له نهب الاموال العامة. وفي الأخير: أؤكد على أهمية دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة كأداة فنية وقانونية للرقابة ومكافحة الفساد والذي نطالب بتقييم اداؤه الحالي واعادة النظر في دورة و نأمل أن يتم تفعيل دوره المنشود في مكافحة الفساد قبل ابتلاع المال العام ولن يتحقق ذلك مالم يتم تفعيل دوره في الرقابة السابقة و المصاحبة وتحقيق الردع والهدف في مكافحة الفساد باستكمال جميع الإجراءات القانونية حيال قضايا الفساد والمفسدين .