الى سنوات قريبة لم يكن انصار التيار السلفي يجيدون الخوض في الشأن العام حتى اعتبر البعض انهم الصورة المقلوبة للصوفية الذين يفضلون عدم الخوض في السياسة مع اختلاف الاسباب ولسنوات طويلة اكتفى انصار السلفية بتبديد جهودهم في الدعاء للحاكم ايا كان وهو ماقربهم للمنتظم الرسمي في اغلب الدول العربية . لكن مياه غزيرة جرت في النهر لاحقا ورأى كبار شيوخ السلفية ان لامناص من خوض غمار المرحلة فتم اشهار حزب النور في مصر ورأى ياسر برهامي احد اهم زعماء الجماعة ان :الديمقراطية والتعددية الحزبية ليست حراما بالمطلق وبامكان المسلم ان يعيش تجربتها لمافيه صلاح الوطن والمواطن. وبدعم سعودي لامحدود انتشرت التيارات السلفية التقليدية في عدد من الدول فاعلن عن تاسيس حزب الرشاد وحركة( نهضة ) ذات الطابع الجنوبي وصنع الحراك الجنوبي ( هيئة شرعية بمرجعية سلفية ). في حديثه لعدن الغد يقول مبارك العولقي سلفي من شبوة :المتغيرات تحتم الانخراط وتحديد مواقف بشان احداث اصبحت مصيرية فالعالم يتغير من حولنا ودين الله يدعو الانسان للاجتهاد في مايصلح دينه ودنياه. البدايات: --------- يعود منشأ تيار السلفية في شبوة الى مرحلة مابعد هزيمة 94 المؤثرة على المجتمع الجنوبي فافرغ الاشتراكي والقوى العلمانية الساحة تماما لخصومهم التاريخيين قوى الاسلام السياسي الا ان اهل السنة او كما سموا لاحقا بالجماعة السلفية بقيت الاقرب الى االمواطن في الجنوب فناصرها نكاية في جماعة الاخوان ( الارهابية حسب التصنيف المصري بلد المنشأ وكثير من دول العالم ). في المرحلة بين عامي 94-2000 ذهب كثير من شباب شبوة لتلقي العلم الشرعي على يد كبار العلماء مثل الشيخ محمد الامام في معبر والشيخ ابو الحسن المأربي المصري وكان هذا اول توغل للفكر السلفي. في المحافظة التي تساعد بيئتها التقليدية على القبول بمثل هذه الرؤى الملتصقة بالدين. شق السلفيون طريقهم في شبوة بقبول رسمي اثر وقوفهم ضد المرشح السابق فيصل بن شملان ومناصرتهم المبطنة لولي الامر حينها خصمه المخلوع حاليا صالح في انتخابات مثيرة للجدل. لقد حافظ التيار السلفي على البرزخ الفاصل فيما بينهم وبين السلفية الجهادية المتطرفة ممثلة بتنظيم القاعدة وانصار الشريعة فكسبوا المزيد من النقاط في مضمار الرضا والتقبل الشعبي ، بل انهم عارضوا علنا فكر القاعدة التي انحسرت لتصل الى اعداد قليلة تتمركز في جبال الريف البعيد . السليماني وجه صديق للاضواء بسبب عدم وجود اطار تنظيمي لم تبرز وجوه تدعم معطيات الوجود الحقيقي للجماعة السلفية في شبوة الا ان الحقيقة انهم يسيطرون على كثير من منابر التحكم بالراي العام فهم ائمة مساجد ومدراء مدارس وهيئات خيرية ومدنية ولعل علي محسن السليماني 48سنة هو الوجه الاقرب الى الذهن حين يتم تفحص الاذرع السياسية للجماعة. انضم السليماني الى الحراك الجنوبي مع اشهار الهيئة الشرعية الجنوبية وهي الذراع السلفي داخل الحراك ويراسها رجل الدين المعروف حسين بن شعيب. اخذ الحراك ياخذ زخما اكبر بالتحاق السليماني الذي اصبح صاحب الثقل الاكبر والرقم الصعب في شبوة بل انه كان مرجع لقيادات ونشطاء الحراك في حال الخلاف . في الاونة الاخيرة تم تكليفه بادارة محافظة شبوة اثر غياب المحافظ وقوبل القرار بترحيب شعبي غير مسبوق . ومن الرموز السلفية ايضا الشبخ ابو محمد الملقب بالحضرمي اامام وخطيب جامع النصب. في الحرب الاخيرة مارس مئات من الشباب السلفي دور التحشيد لمواجهة غزو المليشيات الا ان ابرز قياداتهم الميدانية على الاطلاق القائد الميداني علي بلعيد وهو يختلف بطبيعة الحال عن جلال بلعيدي الذي ينتمي الى محافظة ابين اذ ان بلعيد كان مقاتلا شرسا ابان الحرب الاخيرة واكتسب شعبية واسعة وانضم اليه مئات الشباب بمن فيهم المناصرين للحراك وانتقل من شبوة ليقود جبهة شقرة والعرقوب واستمر لاشهر يواجه المليشيات بدون دعم حقيقي. ان مايميز التيار السلفي في شبوة بالأضافة الى مناصريه الكثر هو امتلاك السلاح كعادة قبائل الريف وهو مايضيف لها قوة كبيرة مع ان الجماعة دائمة التاكيد على رفضها للعنف واستخدام السلاح وحسم الخلافات بالقوة. يقول عوض الذي درس في معهد سلفي : (نحن نريد فقط تطبيق شرع الله وانا شخصيا لست ضد الديمقراطية ولكن اعتقد ان الشورى تناسب مجتمعنا اما التفجير والتطرف والعنف فنحن نرفضه جملة وتفصيلا والله يشهد على ذلك نؤكد على ثقافة الحوار والقبول بالراي الاخر وهناك صور نمطية للاسف يتم ترويجها عن الانسان الملتزم دينيا انه منغلق ومتطرف وهذا غير صحيح واشكرك اخي على فتح النقاش ...والتيار السلفي فيه الطبيب والمهندس والمحامي والصحافي وليس شرطا ان نكون نحمل سلاح فقط نحن نحمله دفاعا عن الوطن والدين ضد عصابات الحوثي والمخلوع صالح التي جاءتنا ولم نذهب اليها.) في كل الاحوال يحظى انصار السلفية بقبول دولي ملحوظ ودعم اقليمي لامواربة فيه سمح ذكاء الجماعة السياسي وصمتهاونهجها البراغماتي باستمراره ولاشك ان حركة النهضة بدأت بزرع فروعا لها في شبوة بدون ضجيج اعلامي اما في مايتعلق بمطالبات الجنوب بالاستقلال لايصرح السلفيون بقبولها لكنهم لايقفون ضدها كما يفعل حزب الاصلاح وتنظيم القاعدة او على الاقل كان هذا في البدء قبل ان تنمو مخالب التيار ليتحفظ وتتغير نبرته مع تغير نبرة المصالح الدولية المهيمنة على البر والبحر والجو.