على متن حافلة صغيرة غادر عبدالله الخصر 22 عام من مديرية مودية بمحافظة أبين صباح اليوم الاثنين في طريقه صوب مدينة عدن . يتحدث "الخضر" إلى عدن الغد" قائلا :" كانت الأجواء حارة والخوف يستولي علينا ونحن نقترب من زنجبار وكان بعض الركاب لايفتى ان يردد بعض الأدعية ويقراء آيات من الكتاب المقدس لدى المسلمين سائلا الله ان نمر بالمدينة بسلام.
على مشارف زنجبار الشرقية كانت أصوات الانفجارات تسمع بشكل جيد وحينما اقتربنا بمحاذاة طرف المدينة الجنوبي كان هنالك عربة مدرعة تابعة للجيش اليمني لاتزال تحترق وبجانبها تناثرت جثث عدد من الجنود.
لايتحدث "الخضر" عن المواجهات التي دارت الجمعة ولكنه يتحدث عن مواجهات قال أنها دارت اليوم الاثنين .
يصمت قليلا ثم يضيف :" لقد كان المشهد مخيفاً للغاية .. ضغط سائق الحافلة على قوادة البنزين بقوة وردد بصوت غاضب :" يتحمل دمائهم علي عبدالله صالح هو من سلم زنجبار إلى رجال القاعدة.
كثيرون مثل سائق الحافلة الصغيرة التي وصلت إلى "عدن ظهراً" وعلامات دهشة وخوف بادية على ركابها يشاركونه الرأي في ان الرئيس صالح قام بتسليم المدينة إلى أتباع الجماعات المسلحة .
يوم أمس وجه قادة في الجيش اليمني أعلنوا انشقاقهم عن الرئيس صالح الاتهامات إليه بأنه على تعاون مع قيادات التنظيم المسلح .
اصدر الجيش بيانا اسماه «البيان رقم 1» لقيادة القوات المسلحة المؤيدة للثورة الرئيس اليمني ب»إصدار توجيهاته للأجهزة الأمنية في أبين بتسليم مؤسسات الدولة للإرهابيين والمجاميع المسلحة لكي يستغل ذلك فزاعة للمجتمع الدولي، وبأنه يحاول إيهام الآخرين بأن اليمن من دونه سيكون صومالاً آخر». كما اتهموا صالح بتسليم مؤسسات الدولة في صنعاء لمجاميع من «البلطجية» المسلحين وسحبه وحدات الأمن والحرس الجمهوري من هذه المناطق التي باتت مستباحة.
وأكد البيان أن الجيش لا يمكن أن يواجه بعضه البعض، مناشدين من تبقى من قوات الأمن والجيش «الانضمام إلى ثورة الشعب السلمية، ورفض محاولات النظام الزج بالجيش والأمن في مواجهة في ما بينهم أو مع الشعب وإفشال محاولات صالح تشويه صورة المؤسسة العسكرية والأمنية».
لم يكن الجيش وحده من تحدث هنالك قيادي بارز في المحافظة ذاته وهو "طارق الفضلي" يوم أمس قال الرجل ل"عدن الغد" ان الرئيس صالح قال له في اتصال هاتفي جرى بينهما ليل أمس بأنه سيحرق اليمن كافة رداً على الاحتجاجات التي تنادي برحيله عن الحكم والتي تشهدها اليمن منذ ثلاثة أشهر.
وقال الفضلي في اتصال هاتفي مع "عدن الغد" مساء اليوم ان الرئيس صالح اتصل به شخصيا ليل أمس وطلب منه تولي مهام إدارة المحافظة بشكل كامل والعمل على محاربة العناصر المسلحة في المحافظة وهو ماقال الفضلي انه رفضاً قاطعاً متهماً الرئيس صالح بدعم الجماعات المسلحة.
وقال :" اتصل بي الرئيس صالح شخصياً وطلب مني تولي إدارة مهام المحافظة وان أكون محافظا للمحافظة ولكنني رفضت ذلك وأخبرته ان مثل هذه الأعمال لن تنطلي على احد وأوضحت له ان ماحدث في زنجبار هو مسرحية سمجة دبرها نظامه."
وأضاف:" واجهت الرئيس صالح بان قياداته العسكرية والأمنية قامت بتسليم زنجبار إلى الجماعات المسلحة رغم ضخامة القوة العسكرية التي يمتلكها الجيش والأمن والتي كان لها ان تصد هجمات الجماعات المسلحة ولكن كانت هنالك خطة لتسليم زنجبار إلى يد الجماعات المسلحة وهو ماحدث لاحقا."
وكشف الفضلي ان الرئيس صالح كان غاضبا في الاتصال وقال له رداً على رفضه بأنه سيقوم بإحراق اليمن لكي يعلم من يعارضوه اليوم بأنه يملك القدرة على ان يقوم بأشياء كثيرة في مواجهتهم.
وقال :" اصر الرئيس صالح على ان أتولى إدارة الأمور في المحافظة إلا إنني رفضت ذلك رفضا قاطعا وقلت له إنني سأقوم بدور الوساطة بين قيادة اللواء المتمركز شرق زنجبار وقيادات الجماعات المسلحة وهو مارفضه صالح واختتم مكالمته لي بالتهديد بحرق اليمن قائلاً على لسان صالح – أنهم يقولون بأنني ادعم القاعدة اذاً فلينتظروا سأحرق اليمن كافة .
وأشار الفضلي في سياق حديثه ل"عدن الغد" إلى انه فوجئ صباحاً بقيام الجيش بقصف منزله فيما بدو انه بسبب رفضه أوامر الرئيس صالح حد قوله .
بعد ساعات فقط من تزايد الاتهامات التي أطلقتها جهات معارضة للرئيس صالح عن علاقته بتنظيم القاعدة واتهام وسائل إعلام عربية للرئيس صالح بالقيام بتسليم المدينة إلى الجماعات كثفت وسائل الإعلام الرسمية لتغطياتها الإخبارية للأحداث في المدينة .
صباحا تحدثت وسائل الإعلام الرسمية عن معارك شرسة قالت ان وحدات من الجيش الموالي للرئيس صالح يخوضها وبعد ساعات فقط تحدثت عن توجيه ضربات للمسلحين واعتقال عدد منهم .
يرى كثيرون ان التقارير الإخبارية التي أوردتها وسائل إعلام رسمية قد تكون بعيدة كل البعد عن الحقيقة فالمدينة لازالت تحت قبضة الجماعات المسلحة ويبدو تحرك الجيش اليمني الموالي لصالح في اضعف ظهور له في المدينة .
تبدو العلاقة بين القاعدة والرئيس صالح علاقة شائكة للغاية رغم ادعاء نظامه ومنذ أكثر من عقد من الزمان على التزامه بشراكة سياسية دولية الهدف منها محاربة المنظمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم القاعدة .
ورغم تأكيد نظام الرئيس صالح المطلق والمعلن على حربه ضد القاعدة إلا ان الكثير من التحركات السياسية على ارض الواقع كانت تثير الكثير من علامات الاستفهام .
كان من بين أولى علامات الاستفهام التي أثارتها وسائل إعلام محلية طوال سنوات هو تساهل الحكومة اليمنية مع الكثير من رجال الجماعات المسلحة وإطلاق سراح الكثير ممن ثبت تورطهم في هجمات مسلحة ضد مصالح حكومية وأخرى غربية .
دأب الحراك الجنوبي وهو حركة شعبية وطنية انطلقت في العام 2007 على اتهام نظام الرئيس صالح بأنه حليف للجماعات المسلحة ومن بينها تنظيم القاعدة ورددت المعارضة اليمنية هذه الاتهامات ولكن على استحياء إلا أنها مؤخراً جاهرت بهذه الاتهامات .
قبل أيام فقط من سقوط مدينة زنجبار بأيدي رجال القاعدة تحدث الرئيس صالح عن الخطر الذي تمثله وأشار في سياق حديثه إلى ان رحيله عن الحكم قد يجلب الجماعات المسلحة ويمكنها من السيطرة على مقاليد الحكم في عدد من المدن اليمنية.
لم يكد يمر يومان فقط على حديث صالح حتى سقطت زنجبار بأيدي الجماعات المسلحة دونما مقاومة تذكر من قبل قوات الجيش والأمن المركزي وهو ما جعل مناوئو صالح يكثفون من الاتهامات لصالح.
يرى مناوئو صالح بأنه لجأ إلى مثل هذا العمل لكي يلفت الأنظار صوب مدينة قد لاتكون بالأهمية التي تحتلها "عدن جنوباً " أو صنعاء شمالاً وكان الهدف من ذلك إثارة المخاوف الغربية من تمكن الجماعات المسلحة من السيطرة على الأوضاع في اليمن .
يكتسب الصراع في زنجبار طابعا دوليا قد يمنح صالح فرصة التقاط أنفاسه التي أنهكتها المواجهات الأخيرة التي شهدتها صنعاء والتي أثبتت هشاشة تماسك الوحدات الأمنية للرئيس صالح لذا فان كثيرون يرون أن الرجل لجأ إلى إبراز فزاعة القاعدة وتعظيم خطرها بهدف وقف التدهور الحاصل في صنعاء.
يؤكد نظام الرئيس صالح بان قواته لاتزال تصارع لأجل استعادة زنجبار وتعهد بمواصلة الحرب ضد هذه الجماعات لكن يبقى السؤال الأكثر الأهمية هو هل سيتمكن صالح من استعادة السيطرة على زنجبار ؟ أم ان معارك وحداته العسكرية ستعزز الاتهامات الموجهة له بأنه سلًم زنجبار إلى أيدي القاعدة؟