أكثر ما تخافه أمريكا في عالم اليوم هو التنين الصيني الأصفر، لذلك فأن وضع اليد على المنابع الرئيسية للنفط والغاز في شبه جزيرة العرب كانت مهمة أولوية قصوى منذ أن أنشاء الرئيس الإمريكي الأسبق جيمي كارتر قوات التدخل السريع في العام 1977م. النمو الإقتصادي في الصين يرعب أمريكا وبأعتبار الصين ودول شرق آسيا هي المستورد الرئيسي من هذه المنطقة فالسيطرة على هذه المنابع يعني التحكم بالنمو الإقتصادي في الصين وهذا يعني فيما يعنيه إقتصاد صيني قوي لكن بلا مخالب وأحلام. كانت حرب الخليج الثانية عام 1990م لتحرير الكويت هي تأكيد حازم وبالنار بعدم تفريط الإمريكان في هذه المنطقة، أما حرب الخليج الثالثه وأحتلال العراق من قبل الإمريكان هو تأكيد بالسيطرة والقياده العالمية للولايات المتحده الإمريكية وبدون منازع، لكن تجربة إحتلال العراق كانت مكلفة جداً، فقد خسر الأمريكان مادياً وعسكرياً ولكي يخرجوا بأمان فقد سهلوا تفجير الداخل العراقي وأشعلوا حروب الطوائف وتركوا العراق مشغول ببعضه بلا تأثير، وبالفعل كانت هذه سياسة ناجحة جداً ذلك أن العراق كان الصاعق الذي فجر حروب الطوائف في المنطقة كلها، وشكل عالة على نفسه وأستنزاف حتى لإيران نفسها التي لم يعد تواجدها في العراق مجزياً بل ورطه في حقيقة الأمر، لأن أيران دولة محدودة الموارد وتشتغل على جبهات متعدده من سوريا ولبنان إلى العراقواليمن وحال كهذا لابد وأن يقصم ظهر إيران التي فتحت فخذيها وقواعدها مؤخراً للقاذفات الروسية وهذا دليل ضعف وخوار وليس قوه. العالم السنّي عالم أمريكي بأمتياز، عالم الدكتاتوريات والطغاة ووعاظهم ومشائخهم وكل منظومة كهنوتهم. حتى الإرهاب السنّي هو تلقيح وتخصيب أمريكي بجداره، فحرب أفغانستان ولدت القاعده، وحرب العراق ولدت داعش، وأنا لا أقصد أن المنتج صناعة أمريكية بحته لأن هكذا جزم لابد وأن يستند على معلومات وأنا لا أملك هذه المعلومات، لكن المدقق البسيط يرى البصمات الأمريكية في كل زوايا الصوره. هذا العالم (السنّي) صار عبئ بكل معنى الكلمة على الكاهل الإمريكي حتى جاء الربيع العربي، ولِمَ لا فأمريكا تريد أن تتخفف من هذا الحمل ولابد أن يتحمل الآخرين الذي تقاسموا مع الإمريكان ثروة المنطقة ويأخذوا نصيبهم وخصوصاً الأوربيين من شظايا ربيعها ويساهموا سياسياً وعسكرياً مع أمريكا بإعادة ترتيبها وفي هذا السياق تأتي الحوادث الإرهابية في الدول الأوربية. هذا العالم السنّي حينما أعتقد بمجرد الإعتقاد أن أمريكا (تآمرت) عليه ب (الربيع العربي)، ورفعت يدها عن دعمه في موضوع سوريا حتى أختل توازنه، وفقد بوصلته، فذهب ومن تحت الطاولة يجمع كل قمامة العالم من هؤلا الإرهابيين و(يكبّهم) في سوريا، وقد كان بالإمكان دعم الشعب السوري بذاته وهو من سيحقق المعجزة، هذا الوضع أعجب أمريكا وأصبحت تتفرج بإستمتاع على اللعبة المميته ولم تتحرك في الموضوع السوري ولن تتحرك حتى تأكل الأطراف بعضها بعضا ويأتون للبيت الأبيض صارخين أن أنقذونا فقد غرقنا في هذا المستنقع. الحرب في اليمن أمر مختلف عن سورياوالعراق بشكل جوهري، فاليمن متداخلة جغرافياً وتاريخياً وسكانياً مع السعودية، وتقع اليمن على المحيط الهندي وأهم خطوط التجاره الدولية وأهم المضايق البحرية، وأحتياط من الإرهابيين لا يُستهان به. كانت اليمن في القديم تتحكم بشبه الجزيرة العربية شمالاً وشرق أفريقيا شرقاً، وسيطرة الإيرانيين وبالمحصلة الروس على اليمن يعني على المدى الإستراتيجي تلاشي السعودية كقوه إقليمية مركزية مهيمنة وتفككها، وذهاب النفط والغاز لقوى أخرى، والأهم زوال السيطرة الدينية الروحية التي تمثلها مكة والمدينة وبهما تتحكم في العالم الإسلامي مشاعراً ووجداناً وأشواقاً وأماني. هذا وضع في أعتقادي لن تسمح به الولاياتالمتحده، ومثلما أقلعت القاذفات الروسية من همدان لتدك حلب ستقلع القاذفات الإمريكية لتدك صنعاء بالتأكيد، لكن لم يحن الوقت بعد لهذا التحرك، فالأمريكان يريدون أن يصل الإنقلاب إلى ذروته، ويريدون أن تشعر السعودية ودول الخليج بالعجز الكامل وهو شعور أفدح من الهزيمة ويذهبون اليها صاغرين يطلبون الدعم والمسانده ويتركوا الغرور الذي جلبه لهم المال بل وستكون هنالك قائمة طلبات أمريكية بتغيير المناهج وتحييد الوهابية من الحياة العامة ودعم حقوق المرأه والمشاركة المجتمعية لكي لا تظل هذه المجتمعات عبئ أخلاقي وسياسي على أمريكا ومصدر للإرهاب والتطرف والتعصب. يمنياً لا يرغب الأمريكان بسقوط عفاش- الحوثي ويكون البديل علي محسن الأحمر وحزب الإصلاح المصنف في كواليس المخابرات الإمريكية منظمة أن لم تكن إرهابية فهي داعمة ومفرخة للإرهاب، والمشكلة التي تعاني منها السعودية والأمريكان أن الساحة اليمنية الشمالية خاليه تقريباً من أي قوى معارضه للحوثي-عفاش بأستثناء الإصلاح وعلي محسن وترغب أمريكا أن يظل الطرفان يقتتلان ولو أستمرت الحرب سنوات، لكن على هذا المستوى فقط، لذلك يُستبعد دخول صنعاء وحسم المعركة كما لن يستطيع تحالف عفاش- الحوثي تحقيق إنجاز جديد. أستمرارية الحرب في اليمن وعلى هذا المستوى والنمط هي سياسة أمريكية ومهما حاولت السعودية الحسم لن تستطيع فثمرة اليمن لازالت تحتاج الكثير من الوقت حتى تنضج، في النهاية الخليج والسعودية أمن قومي أمريكي ولن تسمح للحلف الروسي - الإيراني بالسيطرة على اليمن وحتى تقلع القاذفات الإمريكية نحو صنعاء لابد من تسوية قضايا وإجراء حسابات وتصفية قوى، فأمريكا تتعامل في السياسة بعقلية المهندس.