احتفل اليمنيون حتى صباح يوم الاثنين بما يأمل كثيرون أن يكون عصرا جديدا يغيب عنه الرئيس علي عبد الله صالح الذي يتعافى الان في السعودية بعد عملية جراحية أجريت له لاستخراج شظايا من صدره.
وصمدت هدنة هشة في صنعاء بعد أسبوعين من الاشتباكات بين قوات صالح واتحاد قبائل حاشد مما أسفر عن مقتل اكثر من 200 وأجبر الالاف على النزوح.
وقد يسهل رحيل صالح الى السعودية جهود تركه للحكم بعد رئاسته لأفقر دولة في العالم العربي لنحو 33 عاما.
وحث أمين عام مجلس التعاون الخليجي في بيان كل الاطراف على العمل لانهاء أعمال العنف وقال ان المجلس مستعد للمساهمة في أي وساطة.
لكن مستقبل اليمن لايزال غامضا في ظل وجود تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي يتخذ منه مقرا ويستغل المساحة المتاحة له لممارسة نشاطه وسط انقسام البلاد بسبب الخصومات المعقدة بين شيوخ القبائل وقادة الجيش والساسة.
واصيب صالح يوم الجمعة عندما اطلق صاروخ على قصر الرئاسة في صنعاء مما أدى الى قتل سبعة اخرين واصابة مسؤولين ومستشارين كبار. ويعالج صالح في مستشفى بالرياض.
وقال غانم نسيبة مؤسس شركة كورنرستون العالمية للاستشارات وكبير المحللين بمؤسسة بوليتيكال كابيتال البحثية "ندخل يمن ما بعد صالح وهو ما قد لا تكون السعودية والغرب مستعدين له بالضرورة لكن هذا عصر جديد وسينطوي على تحديات كبيرة لكل الاطراف المعنية."
وفسر المحتجون غياب صالح على انه من المحتمل أن يكون دائما واحتفلوا في شوارع صنعاء حيث ينظمون مظاهرات ضد الحكومة منذ يناير كانون الثاني.
وكتب على لافتة رفعها احد المحتجين في بحر من الرايات اليمنية البيضاء والحمراء والسوداء "اللي بعده" في اشارة الى موجة من الانتفاضات في العالم العربي والتي شهدت الاطاحة برئيسي تونس ومصر.
الا أن وسائل الاعلام المملوكة للدولة قالت ان أنصار صالح خرجوا الى الشوارع للاحتفال بعملية ناجحة في محافظة اب بالاغاني والرقص واطلاق الاعيرة النارية في الهواء.
وأصبح نائب الرئيس عبد ربه منصور هادي قائما بأعمال الرئيس لكنه يفتقر الى قاعدة نفوذ خاصة به وقد يكون من الصعب على صالح الاحتفاظ بالسيطرة في اليمن بعد رحيله الى السعودية غير أن أقاربه المقربين ما زالوا يسيطرون على الوحدات الرئيسية بالجيش وقوات الامن.
وقال سلطان العتواني وهو شخصية بارزة من ائتلاف اللقاء المشترك المعارض ان المعارضة تساند النقل الكامل للسلطة الى نائب الرئيس مضيفا أنه في حالة فشل ذلك فان المعارضة وشباب الثورة لديهم خيارات بديلة وهو ما يعني تشكيل مجلس انتقالي.
ومن بين المنافسين المحتملين في صراع على السلطة اتحاد قبائل حاشد المسلح جيدا فضلا عن القادة العسكريين المنشقين والاسلاميين واليساريين والجماهير الغاضبة التي تريد التخلص من الفقر المدقع والفساد والخدمات العامة السيئة.
ويترقب اليمنيون الانباء عن حالة صالح الصحية والمؤشرات من السعودية على ما اذا كانت ستتركه يعود الى اليمن ام تصر على أن يوقع اتفاق نقل السلطة الذي أعد بوساطة خليجية والذي يرفضه حتى الان.
وتحدى صالح الدعوات الدولية كي يتنحى وصمد على الرغم من انشقاق قادة كبار بالجيش ووزراء وسفراء واستقالتهم بعد أن قتلت القوات الكثير من المتظاهرين في مارس اذار. وقتل اكثر من 450 شخصا في الاضطرابات التي تهز البلاد البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة.
واغضب صالح حلفاءه الامريكيين والسعوديين الذين كانوا ينظرون اليه كشريك رئيسي في الجهود المبذولة لمكافحة الارهاب بتراجعه مرارا عن اتفاق توسطت فيه دول مجلس التعاون الخليجي لترك السلطة مقابل عدم محاكمته وهو ما يرفضه المحتجون.
وقال المحلل السعودي عبد العزيز قاسم ان السعودية ستقنع صالح بالموافقة على الخروج الذي توسطت فيه دول الخليج العربية حتى يمكن حل الموقف سلميا ودون اراقة دماء.
وقد يعطي سقوط صالح (69 عاما) ايضا حافزا جديدا لحركات الاحتجاج في المنطقة.
وقال زكي بني ارشيد وهو شخصية بارزة في جماعة الاخوان المسلمين بالاردن ان رحيل صالح نقطة تحول ليس فقط بالنسبة للثورة اليمنية وانما ايضا دفعة كبيرة للتغييرات الحالية في المنطقة العربية وبداية النصر الحقيقي.