في ظل انشغال القوى اليمنية في الصراع اليمني والحرب الراهنة تحضر امام الجنوبيين اليوم الكثير من الفرص التي ان أجادوا استغلالها سيكون بمقدورهم إقامة دولتهم المستقلة، وامام هذا الوضع الراهن الذي يعيشه الجنوبيين ما بعد الحرب الأخيرة، كثرت وتعددت الاّراء في ظل تداخل مفاهيم وآليات العمل الثوري الذي تعددت طرقه وأصبح كل طرف يتمسك بموقعه ويدعي سلامة الطريق التي يسلكها للوصول الى تحقيق استقلال الجنوب، هكذا أمور تطغي على السطح في ظل تحركات قوية لقوى يمنية تحاول ترتيب لحظة ما بعد الحرب الراهنة بين أطراف الصراع اليمني اليمني، تلك القوى يأتي الجنوب في مقدمة اهتمامها خوفاً من استغلال الظروف لصالح الجنوبيين بتحقيق استقلال دولتهم، فتبدل قصاري جهودها لتأسيس لمرحلة ما بعد الحرب من خلال محاولة تمرير بعض المشاريع التي تجدها الطريق الأنسب لضمان استمرار ما يسمى بالوحدة اليمنية من تلك المشاريع مشروع الأقاليم او الفيدرالية وغيرها من المسميات التي تقطع الطريق امام الجنوبيين وتصدهم من استعادة دولتهم او تحقيق الاستقلال، هذا في حين يتعاطى الجنوبيين مع الواقع وفق اعتبارات مختلفة بعضها يرتبط ومصالح واجندة خارجية وبعضها الاخر وفق رؤى وقناعات شخصية وامام هذا وذاك نحاول هنا ان نطرح بعض الاستفسارات بما يتعلق والجانب العسكري، مع ان طرحنا هذا لا يأتي من خبرات عسكرية او كفائة في هذا المجال ولكن من خلال قراءة ومتابعة لما يجري على ارض الواقع.. ونرى ان من أهم أولويات الجنوبيين اليوم البحث في النقاط الآتية: اولاً: تطهير الجنوب من سلاح الاحتلال اليمني.. يأتي هذا الطرح اذا ما سلمنا بأن بعض محافظات الجنوب بما فيها "عدن" قد تحررت عسكرياً، اي ان القوات التي كانت تابعة للاحتلال اليمني (معسكرات وقوى بشرية وسلاح وغيره) وتتمركز في عدنولحج والضالع قد انتهت تماماً خلال الحرب الاخيرة، وهنا يبقى التحرير بهذا الشكل غير مكتمل الا بعد التأكد من الأمور التالية: _ هل بالفعل تم تفكيك الوحدات العسكرية تفكيكاً نهائياً ولم يعد لها اي اثر وهذا يشمل (الهيكل السابق للمعسكرات بشرياً وتسليحاً) بالاضافة الى ملف خارطة الطبوغرافيا السابقة. _ ما القوات الجنوبية البديلة التي جرى بنائها لتحل مكان قوات الاحتلال، وما مدى جهوزيتها وتنظيمها، وهل يمكن القوات الجنوبية الجديدة حماية حدود الجنوب والصمود امام اي اعتداءات او محاولات لاجتياح الجنوب مرة اخرى؟ اي بمعنى ادق هل لدى الجنوبيين مواقع رادارات تعقب الطائرات المعادية والصواريخ وغيرها، وما مدى قوة الدفاع الجوي الذي جرى تأسيسه لصد اي الطيران والصواريخ المعادية؟. _ ما مدى جهوزية الانتشار الأمني في حالات الطوارئ وهل توجد خطط جديدة خاصة بالجنوبيين تضمن خطة انتشار وسيطرة أمنيتين في حال وجود اي طارىء يهدد بانقلاب داخلي يضعف جبهة الجنوب على الحدود مع الشمال؟. _ هل توجد بنية تحتية ولو قيد النشأة تؤسس لجيش جنوبي قادر على حماية المناطق المحررة والتصدي لأي اجتياح او اعتداء مستقبلي؟. ثانياً: المناطق شبه المحررة ومنها شبوة (حيث الثروة النفطية) لم تكن مسألة بقاء مديرية بيحانبشبوة تحت سيطرة الاحتلال اليمني حتى اليوم مسألة خطيرة جداً لكن هناك ما هو أهم ويتمثل في الآتي: _ المناطق التي خرج منها قوات الحوثي وصالح، هل أصبحت تحت سيطرة قوات جنوبية فعلية لا تخضع لأي أطراف يمنية وهل من يقود تلك القوات هم جنوبيين يؤمنون بضرورة استقلال الجنوب ومستقلون في القرار العسكري والسياسي وهل توجد لديهم اتصالات وعلاقات مع بقية القيادات في عدن والمناطق الجنوبية المحررة؟ _ هل القوات التي تسيطر وتهيمن على آبار النفط وميناء بلحاف والمناطق الهامة التي تتحكم بأنابيب النفط تقع تحت سيطرة قوات جنوبية تؤمن بالجنوب ولا تخضع للشمال ولا ترتبط بأي اتصالات او تربطها اي مصالح مع الشماليين شخصيات وأحزاب وغيرهم، وهل يمكن هذه القوات حماية وتأمين آبار وأنابيب وشركات النفط، وهل بمقدورها التصدي لأي تهديدات ارهابية او عصابات وما شابه ذلك من تهديدات قد تطال حقول النفط وطرق ووسائل النقل وكل ما يتعلق بالتصدير النفطي؟. ثالثا: القاعدة والتهديدات الإرهابية الاخرى.. _ في المناطق المحررة (عدن، ابين، شبوة، لحج، الضالع) هل تستطيع القوات الجنوبية الأمنية والعسكرية مواجهة عناصر القاعدة وتهديدها بدون مساعدة مباشرة او غير مباشرة من الإماراتيين وأي دول خارجية اخرى؟. رابعاً: حضرموت الجغرافيا المترامية الأطراف والموقع الاستراتيجي والثروة والحضارة.. الى حضرموت التي تشكل ثلثي مساحة الجنوب وثلثي ثروتها وتعد المرتكز القوي للدولة الجنوبية وتمثل محط تهافت أنظار العالم نحوها، علينا ان نتأكد من الآتي: _ هل نستطيع ان نقول ان حضرموت تحررت ومن يحكمها اليوم؟ _ ما حجم وقوة المقاومة الجنوبية في حضرموت، وما مدى سيطرتها الفعلية على الأرض وعلى مفاصل الدولة والأمن والمؤسسات الحكومية الاخرى؟ _ من يسيطر على آبار النفط وشركات النفط ومن يتحكم بكل ما يتعلق بالثروة النفطية في حضرموت؟. _ ما قوام الوحدات العسكرية التابعة للاحتلال اليمني، واين تتمركز وكيف يمكن للقوات الجنوبية مواجهتها بل هل يمكن مواجهتها وطردها من حضرموت؟. _ من هي الجماعات الإرهابية ومن الذي يوجهها ويتحكم بها وهل يستطيع الجنوبيين مواجهتها، ومن الذي يمكن مواجهته اولاً الإرهابيين ام الوحدات العسكرية التابعة للاحتلال اليمني؟. _ لأي قوة يخضع كل من ميناء المكلا ومطار الريان وبقية الموانىء البحرية الأخرى، وكذلك منفذ الوديعة البري؟. الكثير من الاستفسارات والفرضيات يجب طرحها بجدية والبحث في مضامينها بموضوعية ودقة عالية بعيداً عن العاطفة والتكهنات التي تحتمل اكثر من تأويل قاتل في حال ورود اي اخطاء او هفوات، مع الأخذ بعين الاعتبار النقاط الأكثر حساسية وهي: _ من الصعب التعاطي والبحث مع هكذا استفسارات وفرضيات وتصورات وغيرها الا متى ما وجد جهاز استخباراتي جنوبي قوي يصعب اختراقه بسهولة، هذا الجهاز الاستخباراتي يجب ان يعزز باجهزة استخباراتية اخرى اكثر دقة وفاعلية وسرية تعمل باستقلالية تامة وبمعزل عن الجهاز الرئيسي وتقوم بمهام دور المراقب لكل ما يتعلق بالجهاز الرئيسي، لضمان حمايته من التسرب والخطر والاختراقات وغيرها، هذه الأجهزة تكون درجة فاعليتها عالية جداً وترتبط بمنظومة اتصال وتواصل سرية ومستقلة جداً، وهذه الأجهزة الاستخباراتية بما فيها الجهاز الرئيسي يجب ان تتوفر لديها إمكانات كبيرة وتعمل وفق آفاق ووسائل متعددة ومتنوعة، _ من أولويات الجهاز الاستخباراتي تفكيك الأجهزة الاستخبارية السابقة التي استخدمها الاحتلال اليمني، تفكيكاً كلياً بأسلوب متمكن جداً مع ضمان عدم المساس بحياة وارواح أياً كان. عندها يمكن للجنوبيين المضي نحو تأسيس دولتهم الجديدة وتأسيس كيانهم السياسي الذي يستطيعون من خلاله اعلان دولتهم وفرضها على العالم. وما دون ذلك يصبح الطرح الذي يميل الى الحديث عن عدم جدوى وفاعلية الثورة الجنوبية السلمية اليوم ويطالبون بتوقف أنشطة الحراك الجنوبي يعتبر طرح عقيم لا يعني سوى الحفاظ على الجنوب لتسليمه بطبق من ذهب الى اليمن مرة أخرى، مع أننا لا نعتبر ما حصل تحرير كامل او صحيح، هذا في حين المشهد يزداد تعقيداً في ظل حالة التداخل الشائك ليس للمفاهيم فحسب بل لمن يمتلك ويتحكم بالقرار في الجنوب وماهية عمل وصلاحيات الحكومة الشرعية ولمن الغلبة فيها، وبماذا يؤمن الجنوبيين الموجودين داخلها؟.