لطالما اعتقدنا أن أرض الجنوب هي ارض محررة، وبإمكان الحكومة أن تعود لممارسة أعمالها، خصوصا بعد دحر الانقلابيين والسيطرة على كل مدن ومناطق الجنوب، ونقل البنك المركزي إلى عدن وحصول الحكومة الشرعية على التأييد والدعم الأممي والإقليمي لبدء تجاوز الصعوبات، وتطبيع الحياة والانطلاق نحو إعادة إعمار المؤسسات الحكومية والتعليمية والأمنية وتعويض ما دمّرته حرب 2015م من المرافق والبنى التحتية. لكنه يُخال لي بأننا لا زلنا في قبضتهم؛ وأقصد هنا كل من له صلة بما يحدث في العاصمة عدن من اختلالات وملابسات وتضليل حكومي وعملي وإداري غير مسبوق.
صحيح أن عدن ومحافظات الجنوب محررة عسكريا، لكنها لا تزال تغرق في بحر احتلال وغزو آخر، هو أسوأ وأخطر من سابقه، وتترتب على خطورتها عواقب وخيمة إن حدثت فسوف تصبح المدينة على شفا حفرة من الانخراط في التدهور والتشتت الاقتصادي والأمني والاجتماعي..
فكما تلاحظون أن مدن الجنوب وبالأخص مدينة (عدن) لم تشهد أي تغيرات إيجابية منذ تحريرها، عدا متغيرات ضئيلة لا تشفع لوجود الحكومة فيها، ولا ترقى إلى مستوى المناصب التي يشغلها وزرائها؛ بل أُغرقت بالعديد من الأزمات المختلفة التي شهدتها وتشهدها مؤخرا.
إن عمليات الإضراب التي ينفذها موظفو المؤسسات الحكومية وعمال المصافي ردا واحتجاجا على تأخر صرف معاشاتهم ومستحقاتهم، ماهي إلا نتاج ذلك الغزو الذي يُحاك بخيوط المؤامرة على الجنوب وشعبه تحت غطاء الشرعية الشيطاني التي لم تكن يوما ما عند مستوى المسؤولية وحسن الظن.
إن إدانة رئيس الوزراء/ احمد عبيد بن دغر للتدخل المشروع الذي نفذه المحافظ الزبيدي ومدير الأمن اللواء/شلال علي شائع لفك إضراب عمال المصافي وتلافي الأوضاع -قبل أن تطرى كارثة جديدة لا طاقة لها حاليا- يؤكد تورط بن دغر وحكومته في كل الأزمات التي عانت منها عدن، وهو مؤشر لنواياهم الخبيثة تجاه عدن والجنوب وقبلهما الوطن الذي شبع من أعمالهم السرطانية، وهذه المحاولة هي واحدة من مئات المحاولات التي يقودونها لإغراق العاصمة عدن في أزمات متعددة لا يستطيع الشعب مقاومتها..، ولن أفتح في مقالي هذا ملفات وقضايا التعليم والكهرباء والمجاري وغيرها.. والتي لا يشكك عاقل أو مجنون في أنها من صنع الشرعية أعضاء ووزراء إلا من رحم منهم.
إذن هذا هو الغزو الجديد القديم المتجدد الذي غزونا به في السابق ويغزونا به الآن، وسيغزونا به مستقبليا إن لم نتدارك الأمر ونفتح عيوننا جيدا، ناهيك عن ما سبق من حرب عسكرية وإعلامية كانوا قد نفذوها لعرقلة مشروع النهوض بالمنطقة ومحاولة التمهيد لاستعادة مطالب شعب الجنوب.