عقب انقلاب ميليشيات الحوثي وعصابات صالح على الدولة في اليمن , تحركت هذه الميليشيات بسلاحها وعتادها العسكري لاحتلال المدن الواحدة تلو الأخرى تحت مبررات مذهبية خدمة لأطماع ومصالح إقليمية ودولية , وكان أن تم قتل الآلاف من اليمنيين في حرب لم تنتهِ بعد . وتعز التي تعد المحافظة الأكثر سكاناً في اليمن لم تكن استثناء من عدوان الانقلابين , بل كان لها النصيب الأبرز في الاستهداف الممنهج الذي طالها , حيث استهدفتها الميليشيات بعشرات الآلاف من القذائف , وقتلت الآلاف من الأبرياء وشردت مثلهم , وقطعت كل الخدمات العامة من كهرباء ومياه وصرف صحي , وأطبقت حصاراً خانقاً على المدينة منعت من خلاله دخول المواد الغذائية والمشتقات النفطية والأدوية والمواد الطبية بما في ذلك اسطوانات الأوكسجين ، وعاش ويعيش سكان مدينة تعز مأساة يبدو ان المستقبل يخفي جزء من تفاصيلها أيضا .
انتكاسة صحية
هذا الوضع الكارثي تسبب بإغلاق ما يقرب من 85 % من المستشفيات والمراكز الطبية المتواجدة في مدينة تعز بسبب عجزها عن تقديم الخدمات الطبية للمواطنين , ووصلت المدينة إلى إعلانها مدينة منكوبة تعاني من كارثة صحية لم تشهد المدينة لها مثيلاً من قبل ، في ظل تصاعد الأصوات المستنجدة , ومناشدات المستشفيات والمنظمات الإنسانية والحقوقية المدنية للمجتمع الدولي بسرعة التدخل لإنقاذ المدينة .
تفاعل الهلال الأحمر القطري
وفي ظل تلك المناشدات كان الهلال الأحمر القطري من الجهات التي تفاعلت مع الواجب الإنساني تجاه مدينة تعز ، ليدخل تعز كمساهم أساسي وفعال في تفعيل واستمرار الخدمات الطبية في مدينة تعز بشكل عام وفي هيئة مستشفى الثورة الذي يعد أكبر وأهم مستشفيات المدينة بشكل خاص , إلى جانب ذلك نفذ العديد من المشاريع هدفت إلى تنشيط المرافق الصحية و عمل على إعادة تفعيل بعض المراكز الصحية مثل مركز 22 مايو الصحي للأمومة والطفولة والذي يقع في منطقه مؤهلة في السكان وتفتقر للخدمات الحكومية كان هذا المشروع بجانب مشاريع أخرى أبرزها مشروع التدخل السريع لعلاج جرحى الحرب في تعز والذي شمل ايضا مستشفى الصفوة ومركز الطوارئ الجراحي بهيئة مستشفى الثورة .
كما عمل الهلال الأحمر القطري على دعم مراكز الغسيل الكلوي في مستشفى الجمهوري ومستشفى الثورة مما ساعد على استمرار هذه المراكز في تقديم جلسات الغسيل لمرضى الفشل الكلوي وتواصلت جهود الهلال القطري أيضا بدعم مستشفيات تعز بالأدوية والمستلزمات الطبية وكذلك بمادة الديزل اللازمة لتشغيل مولدات الكهرباء ، وساهم بذلك في إنقاذ المدينة من كارثة صحية .
الهلال الأحمر القطري ودعمه لهيئة مستشفى الثورة (نجاحات وأرقام)
ولقد كان للهلال الأحمر القطري الدور الرئيسي في المساهمة في تشغيل هيئة مستشفى الثورة بتعز ، المستشفى المركزي على مستوى المحافظة ، حيث وقع الاتفاقية الأولى للمرحلة الأولى التي افتتح بموجبها مركز الطوارئ الجراحي في 13سبتمبر 2015 وانتهت مع نهاية العام 2015 ليتم التمديد بعد ذلك باتفاقية ثانية انتهت بتاريخ 30 يناير 2016 ثم بدء الهلال الأحمر القطري بمرحلة ثانية ووقع اتفاقيتها الأولى لثلاثة أشهر بتاريخ 1مارس2016 وانتهت في 31مايو2016 وتم تمديدها باتفاقية ثانية من 2اغسطس 2016 وحتى 16/أكتوبر /2016 م وخلال تلك الفترة استقبل المركز 9676 حاله واجري أكثر من 4055 عملية - لم تشمل العمليات الصغرى - مع تقديم كل الخدمات الطبية المرافقة واستمرت هيئة مستشفى الثورة بتعز تقدم خدماتها الطبية مجانا ، مستندة على موازنتها في ظل حجز كثير من المخصصات ، وعلى مساهمة الجهات الداعمة وفي مقدمة تلك الجهات الهلال الأحمر القطري ، إلى جانب دعم منظمة أطباء بلا حدود ، وباقي المنظمات المهتمة بالشأن الصحي بالمحافظة. وقدمت الخدمات الطبية رغم الظروف الاستثنائية بأداء ناجح قارب المعايير العالمية ، حيث عمل في الهيئة كادر استشاري وأخصائي وتمريضي مشهود له .
نشاطات علمية
رافق العمل الطبي الجراحي نشاطات علمية في الهيئة , حيث تم افتتاح برنامج البورد العربي مساق جراحة عامة ، وتعد هيئة مستشفى الثورة حاليا مركزا لدراسة البورد العربي في مجال الجراحة العامة ، بإشراف نخبة من الاستشاريين والأخصائيين ، بالإضافة إلى استقبال الهيئة لطلاب كلية الطب بجامعة تعز إذ فتحت لهم قاعات للدراسة وبرنامج للتدريب بالتنسيق مع كلية الطب بالجامعة ، وتستقبل الهيئة أيضا طلاب كليات ومعاهد الطب الخاصة للتطبيق والتدريب ، اعتمادا على نشاطات المركز الجراحي وتعامله مع حالات الجراحة بمختلف تخصصاتها .
نجاحات أخرى للمركز الجراحي
استقبل المركز الجراحي المدعوم من دعم الهلال الأحمر القطري حالات جراحية معقدة قدمت لها الخدمة في مراكز طبية اخرى خارج الهيئة ولم يكتب لها النجاح حيث تم التعامل معها وتحسنت , إذ ساعد الدعم القطري على استقطاب الكوادر الطبية الجيدة والمؤهلة بمختلف التخصصات , وأضاف إلى السمعة الجيدة والطيبة التي تحظى بها هيئة مستشفى الثورة في ظل تقديم الخدمات الطبية المجانية بجودة ومعايير مقبولة .
مناشدات
اعتمدت هيئة مستشفى الثورة على الجزء المفرج من موازنتها ، وعلى دعم المنظمات الإنسانية المهتمة بالشأن الصحي في مدينة تعز ، ومنذ بدء الإحداث مع مطلع العام 2015 لم تعزز الهيئة بكل مخصصات بنود التشغيل ، حيث تم احتجاز كثير من مخصصات بنود التشغيل في كل ربع مالي ، ووصل نسبة الاحتجاز إلى 40 % من الموازنة ، وقد ظلت الهيئة تعمل خلال الرابع الأشهر الأولى من الحرب بكل إمكانياتها المتاحة ، لكنها كانت عاجزة عن تقديم الخدمات الجراحية بالشكل الذي يجب نتيجة لوقوعها في اطار المواجهات من جهة ولعدم وجود داعم من جهة أخرى ، وفي شهر سبتمبر 2015 تفاعل الهلال الأحمر القطري ليدخل كمساهم رئيسي مع الهيئة في افتتاح مركز طوارئ جراحي ، واستمر الهلال القطري بدعمه عبر توقيع اتفاقيتان مع ملحقات تمديد حتى تاريخ 16 أكتوبر 2016م ومنذ ذلك التاريخ توقف دعم الهلال الأحمر القطري ، وترافق مع قطع موازنة الهيئة للربع الرابع وعدم التعزيز بها بما في ذلك باب الرواتب ، الأمر الذي وضع الهيئة في وضع خطر الإغلاق ، وفي ذلك كان لنا مقابلة مع بعض المسئولين في الهيئة:
رئيس هيئة مستشفى الثورة د . احمد عبدالله انعم
تحدث رئيس الهيئة د. احمد عبدالله أنعم عن تأزم الوضع الصحي بالمحافظة قائلا : " في الوقت الذي تعيش فيه المحافظة ظرفا صحيا مترديا بسبب الحرب ومخلفاتها تواجه هيئة مستشفى الثورة وهي المؤسسة الصحية المركزية في المحافظة مشكلة مالية ماثلة حيث لم يتم تعزيز الهيئة بموازنة الربع الرابع من العام 2016 ، كما انتهت اتفاقية المساهمة في تشغيل المركز الجراحي الموقعة مع الهلال الأحمر القطري بتاريخ 16 أكتوبر 2016 ما يعني احتمال توقف الهيئة كليا عن تقديم الخدمة الطبية ، مالم تتجاوب الجهات الرسمية مع الهيئة لتجاوز هذه المشكلة " وناشد رئيس هيئة مستشفى الثورة الهلال الأحمر القطري واثني على دوره في المرحلة السابقة موجها هذا النداء :
(الإخوة الهلال الأحمر القطري مازالت بصمات دعمكم للهيئة في 4055 جريح ومريض تم إجراء عمليات لهم مع تقديم كافة الخدمات مجانا بمساهمتكم الإنسانية المقدرة ومطلوب منكم متابعة هذا الدور الإنساني والاستمرار في دعم الهيئة خدمة للإنسانية التي تنطلقون من مبادئها ، وثقتنا بكم منطلقها ما لمسناه منكم من حرص أنساني، وشكرنا وتقديرنا لكم على لسان كل أبناء المحافظة ) *من محمد الحكيمي