* مدينتان وقفتا على أطراف اعصابهما تحسبا لما ستسفر عنه المواجهة الشاقة بين بنت البلد (هلاري كلينتون) ، والجدع المتشنج (دونالد ترامب) في سباق الوصول الى الكرسي المكهرب في البيت الأبيض ..! * احرق سكان مدينة (لوس انجلوس) كل التمائم وراحوا يبتهلون في آخر لحظات المخاض الانتخابي ، ويدعون من قلوبهم أن يخسر (ترامب) اللعبة الانتخابية ، حتى لا يتحول فوزه الى وباء ووبال يصيبان المدينة العريقة ..! * ووقفت (باريس) ترتل وتمني نفسها بخسارة (هلاري) الحيزبون المدللة ، متمنية فوز (ترامب) بالنقلة الشطرنجية الرهيبة (كش ملك)..! عاشت (باريس ) مدينة النور لحظات عصيبة قبل أن تتهلل اساريرها ، وتطلق العنان لفرح عارم اجتاح كل أوروبا ، على عكس كل عواصم العالم التي ترى في فوز (ترامب) خراب بيوت وتشتيت شمل الصبيان والبنات . ! * فاز (ترامب) وقدر لمدينة (لوس انجلوس) أن ترتدي ملابس الحداد ، فرمية (ترامب) كانت بمثابة رصاصة رحمة واسدال ستار على حلم تحول الى كابوس ، وكان فوز (ترامب) هدية من السماء للعاصمة الفرنسية (باريس ) ، فيحق لها الان أن تهنأ قبل يوم الهناء في (بيرو) ، وأن تنام قريرة العين بعد أن منحها فوز (ترامب) نقاطا سياسية في صراعها المرتقب مع ( لوس انجلوس)..! *على بعد أمتار من اختيار المدينة التي تنظم أولمبياد عام 2024 في (ليما) عاصمة (بيرو) ، تبدو كفة (باريس) هي الارجح للظفر بالتنظيم على حساب مدينتي (لوس انجلوس) الامريكية ، و (بودابست) المجرية ، وهذا التفوق النظري للمدينة الفرنسية عاصمة العطور والموضة ، ما كان له أن يبسط نفوذه على عقول المصوتين الأثنين والتسعين لولا أن فوز (ترامب) بالرئاسة الامريكية قلب كل المعطيات ، وقلل من حظوظ (لوس انجلوس) ورفع أسهم (باريس ) عاليا في بورصة اللجنة الأولمبية الدولية ..! * و (ترامب) رجل الاعمال الملياردير يأكل فلوس ويبول فلوس ، وينام على ضفاف مشاريع عقارية تسد عين الشمس عن (لوس انجلوس) ، وهو رجل مصادم بطبعه ، انفعالي ومن الصعب ترويض أفكاره ، لولا ذلك لما أرسله والده الى المدرسة العسكرية في سن الثالثة عشرة ، بعد أن لاحظ عدوانيته ومشاغباته التي لا تنتهي مع زملائه التلاميذ ..! * ربما لن يكترث (ترامب) كثيرا لما حل بمدينة (لوس انجلوس) نتاج فوزه ، وربما لن يشعر في قمة نشوة فوزه الدراماتيكي بأن مدينة امريكية ستخسر الرهان الأولمبي ، والسبب لسانه الطويل المشبع بلعاب وتوابل العنصرية ، وسياسة التعصب النوعي للعرق الأبيض اليميني المتطرف ، وكلها (مطبات) سياسية يحاول الأولمبياد طردها من المحيط الرياضي انتصارا لمبادئ (دي كوبرتان) الأب الروحي للأولمبياد الحديثة ..! * نعم ربما استخدم (ترامب) كل وسائل الرغبة المتوحشة ليخسف بغريمته (هلاري )الأرض الأولمبية ، لكنه لن يشعر بالاهانة الا بعد أن تخسر (لوس انجلوس) اللعبة الأولمبية أمام (باريس ) بالذات ، سيشعر عندها بالغيرة والرئيس الفرنسي (هولاند) يتسلم العلم الأولمبي ويرفعه عاليا في ساحة (الشانزلزية) فمدينة النور ستفرض نفسها محورا للكون طوال فترة ولاية (ترامب) التي قد لا تمتد لولاية ثانية ، في حال أن لم يضبط اعصابه ويتحكم في بوصلة و درجات انفعالاته ، ويضع لسانه في فمه تماشيا مع المثل (لسانك حصانك ، ان صنته صانك ، وان هنته هانك)..! * الأكيد أن (ترامب) سيغضب غضبة المغول ، وهو يبدأ ولايته الأولى بخسارة قاسية أمام (باريس) ، وسيصب جام وزبدة غضبه على (الديمقراطيين) الذين سيسخرون منه ، وهم يخرجون لسان الشماتة للرئيس الجديد الذي يتعامل مع السياسة بنفس تعامل (مستر بين ) مع الكوميديا الصامتة ..! * كان (ترامب) بعيدا عن الحصافة والوقار وهو يقلل من شأن النساء ، وتجاهل أن كيدهن عظيم ، فهناك في مجلس اللجنة الأولمبية الدولية 22 امرأة ، يحق لهن التصويت ، وحتى ما قبل فوز (ترامب) كانت نون النسوة يتمايلن مع الجميلة المدللة (لوس انجلوس) ، أما وقد وقعت الواقعة واحتل عدو المرأة كابينة القيادة ، فلا شك أن نساء الأولمبياد لن يصوتن للمدينة الامريكية وقت الجد، قد تذهب بعض أصواتهن للمدينة المجرية (بودابست) ، لكن الأكيد أنهن لن يصوتن لمدينة أمريكية يقودها رجل متقلب الأهواء والأمزجة مثل (ترامب) ..! * وبحسبة بسيطة فأن اللجنة الأولمبية تضم في مجلس قيادتها ستة أعضاء عرب ، وحتما لن يساندوا (لوس انجلوس)، ردا على موقف (ترامب) المعادي للعرب ، ومن الطبيعي أن تطير الأصوات العربية الى جيب (باريس) ، وهناك أصوات دول أمريكا الجنوبية التي ناصبها (ترامب ) العداء في رابعة النهار ، وهم لن يدخروا جهدا في توجيه لطمة للرئيس الجديد الذي قال فيهم ما لم يقله (كلنتون) في عشيقته (مونيكا لونسكي) ..! *ستحتاج (لوس انجلوس) الى معجزة ربما توازي معجزة فوز (ترامب) برئاسة امريكا لكي تقلل الفوارق مع (باريس) ، وتعدل من وضعها بحملة ترويج مبتكرة تصلح قليلا مما أفسده لسان (ترامب) في حملته الانتخابية ، لكن الواقع وكل الدلائل والمؤشرات تؤكد بالصوت والصورة أن حظوظ (لوس انجلوس) انكمشت وتضاءلت في ظل وصول (ترامب) الى سدة الحكم في البيت الأبيض ، وأن مسألة فوز (باريس) بشرف تنظيم دورة الألعاب الأولمبية بعد ثمان سنوات مجرد وقت ليس الا ، وهو ما يدفعني لتوجيه برقية تهنئة لعاصمة النور (باريس) ، وبرقية عزاء لمدينة (لوس انجلوس ) قبل التصويت النهائي في (بيرو)، فالكتاب الأولمبي يقرأ من عنوانه ، والعنوان هذه المرة فرضه (ترامب) من دون أن يدري أن فوزه قضى تماما على حلم (لوس انجلوس) ، وساهم بطريقة أو بأخرى في منح (باريس) مفاتيح الانتصار ومن اقصر الطرق ..!