فيدل أليخاندرو كاسترو ولد في 13 أغسطس 1926 في منطقة بيران التابعة لمديرية ماياري في محافظة اولجين في شرق كوبا وتبعد عن هافانا مسافة 685 كيلو متر, توفي في العاصمة هافانا في الساعة العاشرة وتسعة وعشرون دقيقة من مساء يوم الجمعة 25 نوفبمر 2016 بتوقيت كوبا. فيديل كاسترو من قلائل القادة السياسيون في هذا العصر المتقلب والذين امتلكوا الحكمة وبعد النظر وتجنبو هيجان الثور الامريكي وعلى مسافة قريبة من كوبا، كما تميز كاسترو بأسلوب خاص في إلقاء الخطابات ,ليس غريبا على إجادته لفن الخطابة وبراعته في إختيار العبارات والكلمات ذات المدلول والمؤثر وخاصة وانه درس الحقوق في جامعة هافانا ذو ثقافة واسعة حيث نشأ في أسرة من الطبقة الوسطى واستطاع أن يتلقى العلم منذ الصغر وحتى لحظة تخرجه من جامعة هافانا في عام 1950,حضرت خطابة والتي القاها في مدينة الحرية والتي كانت القاعدة العسكرية تحمل اسم معكسر كولمبيا في الثامن من يناير عام 1989 من ضمن احتفالات الذكرى الثلاثون لدخول فيديل ورفاقه الى العاصمة هافانا في الثامن من يناير 1959،هذه الثكنة العسكرية تم تحويلها الى مدينة تعليمية تحمل اسم مدينة الحرية تتبع مديرية ماريناو في هافانا. خلال تواجدنا في كوبا للدراسة في فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين لم نشاهد مظاهر السلاح في الشوارع او الأماكن العامة ,فقد كان يعم الامن والأمان في كل أرجاء هذا البلد والذي يسوده نظام الحزب الواحد, معارضة الداخل المعتدلة تطالب بإصلاحات سياسية واقتصادية شاملة اما معارضة الخارج المتشددة وقاعدتها مدينة ميامي عاصمة ولاية فلوريداالأمريكية القريبة من كوبا اكثر من مليون مهاجر ,تطالب بالإضافة الى الانفتاح الديمقراطي عودة كوبا الى الحضن الامريكي مثل ما كان قبل ثورة الاول من يناير عام 1959،أي تغيير في كوبا لابد ان يتم عبر قنوات سلمية وبصورة منظمة تجنبا لتفكك النسيج الاجتماعي. فيديل كاسترو زار عدن في الفترة من 10 الى 12 مارس 1977 وكان له دور متميز في الدفع بعلاقات كوبا مع اليمن الديمقراطية في الفترة من عام 1972 الى عام 1990 واسهم في وضع اللبنات الأولى لإنشاء كلية طب عدن من خلال الدعم السخي التي قدمته كوبا لهذا الصرح العلمي الهام في مدينة عدن ودورة ايضا في فتح المدارس في جزيرة الشباب ووصول أول دفعة من طلاب موزمبيق في 11 سبتمبر 1977 تلتها دفعات اخرى من 37 جنسية منهم شباب اليمن الديمقراطية وتخرج من هذه المدارس الالاف من الطلاب . فيديل كان جزء من تاريخ عاصرناه وعايشناه اثناء تواجدنا في هذا البلد. كما ساند القضايا العادلة للشعوب من اجل الحرية والعدالة منها القضية الفلسطينية. في عهد الثورة الكوبية احتلت كوبا مكانة متميزة في التعليم والصحة على المستوى العالمي وخلال سنوات الأزمة الأقتصادية تأثر هذين القطاعين بشكل كبير وتدهورت ايضا مستوى معيشة الشعب الكوبي بشكل عام. بعد فوز دونالد جون ترامب والذي ينتمي للجناح المتشدد في الحزب الجمهوري المحافظ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي اقيمت في 8 نوفمبر 2016 ,تترقب كوبا بكل حذر توجهات هذه الشخصية المثيرة للجدل وسياسته تجاه هافانا بعد خطوات التطبيع والتي بدأت في عهد باراك اوباما ,امام ترامب خياران لاغيرهما او مواصلة التطبيع مع كوبا حماية للمصالح الاقتصادية للشركات الأمريكية او غلق الباب امام اي تفاهم وهذا يعني العودة الى مربع الصفر ,لذلك آجرت كوبا مناورات عسكرية في الفترة من 16 الى 18 نوفمبر لمواجهة أية ظرف طارئ. رحل قائد الثورة الكوبية فيديل كاسترو عن هذا العالم بعد عقود طويلة في السلطة استمر لاكثر من 49 عاما , سلم السلطة لأخيه راؤول كاسترو (3 يونيو 1931 -) في 26 يوليو 2006. فيديل عاصر الكثير من الأزمات والأحداث والتقلبات السياسية منها الحصار الاقتصادي على كوبا في اكتوبر 1960 رداً على تأميم كوبا لممتلكات مواطنين وشركات أمريكية وبالرغم من التقارب الكوبي المريكي في عهد باراك أوباما المنتهية ولايته فان مجلسي النواب والشيوخ لديهم القرار الاخير برفع هذا الحصار وفي ظل سيطرة الحزب الجمهوري على هذين المجلسين في الوقت من الصعب ان بحدث اي تغيير في هذا الجانب, غزو خليج الخنازير في أبريل 1961 لإسقاط حكم كاسترو بعد عامين من انتصار الثورة وكذلك أزمة الصواريخ السوفيتية في كوبا في أكتوبر 1962والتي كادت ان تؤدي الى نشوب حرب عالمية ثالثة. اجمع العالم على المكانة التاريخية لفيديل كاسترو في الخارطة السياسية العالمية ورفضه للهيمنة الأجنبية وحول كوبا الى جزيرة الحرية المستقلة بقرارها بالرغم من بعض إخفاقاته وهذه هي طبيعة الحكم. كوبا في حالة ترقب لما سيحدث في المستقبل القريب وخاصة وان الرئيس الحالي راؤول كاسترو عبر عن رغبته على التنحي عن السلطة في عام 2018, النظم السياسية ليست أبدية بل قابلة للتغيير ودوما الشعوب توّاقة الى مستقبل أفضل وامام كوبا تحديات جسيمة سياسيا واقتصاديا في صنع مستقبلها بنفسها من دون أملاءات أو وصاية من الخارج.