عرضت مجلة: "الرافد" الصادرة عن دائرة الثقافة والإعلام، حكومة الشارقة في عددها (202)، يونيو 2014 م..دراسة صادرة بالقاهرة عن: الهيئة المصرية العامة للكتاب، تحت عنوان:" العوربة في مقابل العولمة ...عناصر لنظرية جديدة"، لكلٍّ من : د.ناصر الأنصاري، مدير معهد العالم العربي في باريس، والباحث: محمد ناصر الأنصاري.. ولأهمية الدراسة وملامستها لواقع الأمة العربية والإسلامية وموقعها من التحديات العالمية التي تحكم قبضتها عليها سنحاول عرض العرض بإختزال غير مخل- كما نحسب- للفكرة... تعطي الدراسة فارقاً بين العروبة والعوربة..فالأولى: إنتماء للأمة العربية، والثانية: فهي فكرة قائمة على ضرورة الحركة من خلال أصولنا وثوابتنا العربية والإسلامية في مواجهة تيار العولمة مع انفتاحها في الوقت نفسه على العالم كله حتى لا تكون عوربة مغلقة ومتوحشة..
وتعرض الدراسة لثلاث عولمات في التأريخ: العولمة الأولى: تبدأ من الألف الأول للميلاد في عولمة الإمبراطورية الرومانية، حيث أخضعت مساحة واسعة من العالم تحت:" القانون الروماني" متكئة على الآلة العسكرية في توسعها ثم تحولت إلى هيمنة سياسية إلى أن وصلت بالمفهوم الحديث للعولمة وهو: الخضوع(الإقتصادي والتجاري). العولمة الثانية: وهي عولمة الدولة العربية والإسلامية وهي تأتي في نهاية الألف الأولى وبداية الألفية الثانية وفي طيات شروقها اندرجت في هذه الدولة مساحات كبيرة من العالم من : إندونسيا شرقاً إلى الأندلس غرباً، ومن البحر المتوسط شمالاً حتى إفريقيا السوداء جنوباً، وظلت بقايا الإمبراطورية الرومانية الشرقية في بيزنطة، والغربية في روما تناوئ العولمة الثانية وصارت للعولمة الثانية فضلاً للعالم كله من خلال: ترجمات بيت الحكمة في عهد هارون الرشيد ،والنظريات الفقهية العلمية في كافة المجالات....الخ.. من هنا كانت العولمة الأولى غربية والثانية شرقية، ثم تعود في طورها الثالث: غربية مرة أخرى بعد أن بدأت ارهاصاتها مع نهاية الألفية الثانية متمثلة في: الهيمنة العسكرية وتحت مسميات مختلفة من :استعمار، إحتلال، حماية، إنتداب، وإمبريالية ...مع هكذا أشكال هيمنة بدت فاتورة التكلفة مرهقة جداً على مراكز العولمة المسيطرة، فراحت تطرح البدائل المريحة ...تجملها الدراسة في : الحماية الاقتصادية بدلاً عن العسكرية والمدافع التجارية( ذات الدانات الناعمة) بدلاً عن الدانات المحرقة .. وذراً للرماد على العيون أنشأوا منظمة التجارة العالمية على أسس جديدة ؛ أي لا تعطي الحرية إلا للأقوياء. بعد ذاك تستعرض الدراسة مقومات نظرية العوربة التي تطرحها في مواجهة العولمة، وهي إجمالاً: 1- اللغة العربية. 2- الدين الإسلامي. 3- العلم والمعرفة. 4- القوة. بيد أن هذه المقومات تجسدت في الفلسفة الإسلامية إبان ازدهارها وأكدت عليها قولاً وعملاً... وأود أن أقف في هذه القراءة بإيجاز عند المقوم الأخير الذي ساء فهمة في الآونة الأخيرة فوظف لتشويه صورة الإسلام وتقديمة بلباس (الدمار والدماء) وكسر منظومة قيمه العالمية ..ومعه سوقت مراكز العولمة المسيطرة فكرة( الإرهاب) كمبرر للهيمنة على البلدان النامية والتي تعاطى معها بعض المراهقين- بدون وعي-وراحت تخبط في باطن النصوص المقدسة خبط عشواء... القوة كما تتناولها الدراسة، هي، قوة العصر ، هي: القوة العقلية ، وقوة العلم والمعرفة، والبحث والإبتكار، قوة مجتمع المعلومات...
(وإذا فتشنا عن قواعد اللعبة بتأني نستطيع الدخول بقوة ما سبق بسطه وما لم يبسط في عقل العولمة الغربية لإدراك أبعادها بعد أن تكشفت ؛ لإعادة صياغة موقف كفاحي عقلاني لعوربة عابرة للقارات شديدة الارتباط بالأصل والاتصال بالعصر..)
باسم منصور.. باحث في مركز البحوث والتطوير التربوي ،عدن..