لم اجد في قراءاتي عبر التاريخ الحديث راية اخافت قوما مثلما فعلته راية دولت الجنوب ( راية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية سابقا ) بألوانها الثلاثة ( الاحمر والأبيض والأسود) و المثلث الازرق الذي تتوسطه النجمة الحمراء .. كانت وماتزال مصدر فزع يخيف رموز دولة الوحدة ونضامها القبلي الاستعماري القمعي حيثما كانوا ومثلما كانت مصدر يخيف ويقلق مضاجع الشماليين جميعا كانت بالنسبة لشعب الجنوب رمز الانتماء والتمسك بهويتهم ووجودهم ودولتهم التي حاول نظام صنعاء طمسها والغائها والتعدي حتى على تراث وتاريخ الجنوب الزاهر والمشرق في كل فصوله .. كان الا نتماء للوحدة – بالنسبة لأبناء الجنوب - مأساة بكل ماتحمله الكلمة من معنى فقد افصح الشماليون بكل مذاهبهم ومشاربهم عن نظرتهم ومفهومهم للوحدة – منذ اليوم الاول لإعلانها - باعتبارها الحاق وضم للجنوب الى معمعة الا دولة والا نظام الذي يعيشه مجتمع الشمال ومازال غارق فيه .. ومن هنا ظهرت بسرعة على السطح وبالعلن بعد اشهر قلائل من اعلان دولة الوحدة الخلافات بين الدولتين التي تم دمجهما بصورة قسرية بلا تعقل او دراسة واقعية او حتى عقلانية حتى كانت قمة الماساة باجتياح جحافل الجيش الشمالي ومليشياته السلفيه الجهادية والقبائل المسلحه للجنوب عام 94م بقوة السلاح والاستيلاء عليه وضمه والحاقه الى ( مخضرية ) الشمال التي لم ولن يستطيع احد تصنيفها وتعريفها حتى يوم الدين.. من هنا مورس ضدهم كل الوان القتل والإلغاء و التهميش والنفي حتى بات الجنوبي مواطن من الدرجة الثالثة وصار متهم بكل انواع التهم التي تفقده حتى حق المواطنة ناهيك عن سلبه حق الوطنية والانتماء للدين و للوطن .. شيوعيون بالقطرة يجب ذبحهم وتصفيتهم .. ثم انفصاليون يجب تهميشهم وحرمانهم من ابسط حقوق المواطنة .. ثم ارهابيين وتكفيريين يجب احراقهم ودفنهم .. وأخيرا صومال وهنود يجب نفيهم وطردهم من وطنهم وبلادهم وهم بذلك حاولوا الغاء كل خصوصيات وايجابيات وثقافة شعب الجنوب ومجتمعه المدني ودولته التي ترسخ فيها النظام والقانون وتواصلت فيها انوار الثقافة والإبداع لأجيال وعصور تم فيها بناء الانسان الجنوبي بدرجة رئيسية .. بل والغاء طموحات شعبنا بالبناء الحضاري والتقدم الاجتماعي والسياسي ومواكبة العصر وتطوراته تجاه كل هذا كان شعب الجنوب اكثر تمسكا وثباتا بهويته وانتمائه واكثر ما اخاف طغاة الشمال ان سياستهم التي مورست باتقان وتفنن لطمس هوية الجنوب وإنشاء جيل معزول عن تاريخه وماضيه .. جيل تابع لثقافتهم القبلية ومتمرس على سلوكياتهم المتخلفه فإذا بهم يرون هذا الجيل الذي تربى في حضن الوحدة ينهض بقوة فيقود ثورته السلمية التي امتلأت بهم الساحات وصدحت بهتافاتهم عنان السماء معلنا عن هويته الحقيقة مطالبا باستعادة دولته المسلوبة فهزت عروشهم واقلقت مضاجعهم واخيرا هزمتهم شر هزيمة في ساحات الحرب والدفاع عن الوطن والكرامة والانتماء .. وكانت راية الجنوب هي الرمز الذي استمسك به ابناء الجنوب قاطبة فرسموه على جدران منازلهم ورفعوه راية في سمائهم ونسجوه ثيابا على اجسادهم بل ونحتوه بالوانه الزاهية على قمم جبالهم .. كان ذلك تحديا عظيما افقد نظام صنعاء وزبانيته واذنابه صوابهم بل كان مصدر هلعهم الدائم – ومايزال- وسيبقى مخيفا لهم حتى بعد اعلان دولة الجنوب رسميا برفع رايته على سارية الاممالمتحدة والمنضمات الدولية في القريب العاجل ان شاء الله تعالى.. ولعنا هنا نذكر من يصطادون اليوم في الماء العكر محاولين ( تغيير لون الطلاء الذي يراد وضعه على الجدران المنهارة لوحدة 22 مايو 1990 بغرض تغطية عيوبها وإخفاء آثار كوارثها ونكباتها) سواءا بمحاولة فرض ( الاقلمه ) .. او من خلال نبش واذكاء الصراعات التي داس عليها ابناء الجنوب وتجاوزها شعبنا الواعي والقادر على تجاوز كل الصعاب في كل المراحل ومنها محاولة تمزيق النسيج الاجتماعي التي نرى البعض يحوم ويلوح به اليوم وهذا ما نرفضه رفضا قاطعا . فهاهي راية الجنوب الواحدة الموحده هي السبيل الاوحد والرؤيا الشامخة لبناء مستقبل دولته بنسيجها الاجتماعي الواحد ويكفينا ماجلبته علينا النضرات الضيقة والمشاريع العقيمة التي عشنا فصولها و سنعيش فصول قادمة اشد ماساوية وضياع ان لم نتعض ونتعلم من دروس الماضي وأخطائه فلننظوي جميعا تحت راية واحدة ..ووطن يضمنا جميعا اسمه ( الجنوب العربي )