أطراف الصراع الرئيسية في اليمن، كل منهم يُقاتل الآخر بحثاً عن موضع قدم في حكم اليمن، المخلوع والحوثي في صنعاء، والفريق علي محسن الأحمر، ومعه آل الأحمر مشائخ حاشد في الجهة الأخرى، هذه الأطراف لا زالت ذات الأطماع تراودهم، السيطرة مجدداً على حكم اليمن واستعادة نفوذ تحالفهم الذي تبعثر مع دخول الحوثيين صنعاء، ما بين شمال مضطرب، وجنوب خارج السيطرة. لا يهم كم ستطول الحرب، وما هو الثمن، الأهم هو أن تسير الحرب وفق مخططهم الساعي لعودتهم مُجدداً إلى صدارة الحكم.
كل حروب اليمن الحديثة هدفها الإنفراد بالحكم، والاستحواذ على مصادر الثروة والقوة، بدءاً بحرب (1994م) التي سعى فيها المخلوع إلى إقصاء شركاء الوحدة في الجنوب والاستحواذ على الحكم بالشراكة مع حلفاءه (علي محسن وآل الأحمر)، ثم اختلف الحلفاء بعد سعي المخلوع للاستفراد بالحكم بعيداً عن شركائه. وهذا ما دفع (علي محسن وآل الأحمر) لتغذية أزمة (2011م) الهادفة إلى إسقاط شريكهم الذي اِنقلب عليهم علي عبدالله صالح، وحينما تحقّق لهم إسقاطه، أرادوا الإنفراد بالحكم، مع تقييد هامش حرية الرئيس "عبدربه منصور هادي" في التصرّف كرئيس، خصوصاً مع سيطرتهم على الحكومة برئاسة باسندوه.
ولم يدم طويلاً ما سعوا له، بعد مساعي الرئيس هادي في تقليص نفوذهم ووجودهم، مستعيناً بدول الجوار التي رأت ضرورة كبح جماع الإخوان في حكم اليمن، ثم أعاد المخلوع الكرَّة مرة أخرى، لاستعادة السيطرة على الحكم بمعيّة حلفاءه الجُدد "الحوثيين"، ونشبت بسبب هذا حرباً تُشارف على إكمال عامها الثاني، دون أن يتحقق لانقلاب المخلوع والحوثي السيطرة على حكم كل اليمن، ودون أن يستعيد هادي شرعية رئاسته على كل اليمن!
وهكذا، اندلعت كل الحروب من أجل السيطرة على الحكم، حروب وقودها الشعب، وهدفها الحكم، فيما ظاهرها يتغنّى بشعارات خالية من أي مضمون فعلي، وأصبحت "الوحدة" هي الشمّاعة التي يُعلّق عليها كل طامع للحكم سبب حربه!
كلفة الصراعات اليمنية كبيرة جداً على الشعبين شمالاً وجنوباً، وزادت الحرب الأخيرة من فاتورة الدم، وجُل ضحاياها هُم من مؤيدي أطراف النفوذ المنتمية إلى الهضبة الزيدية، كون زعماء الحرب هناك يُسخّرون عوام الناس ويجعلونهم وقوداً لتحقيق أطماعهم وأهدافهم التي لا تنتهي.
من هذا كُلِّه، يتّضح أن شمّاعات الصراعات يجب أن تزول، وهذا مكمن الحل. فلا يمن مستقر بوحدة أصبحت كبقرة حلوب لأطراف النفود، ووحدة باسمها كل طرف يدّعي حب اليمن ويشن حروبه باسمها يجب فك رباطها، وعودة الحال إلى سابق عهده.
وعلى الشعب في الشمال أن يختار طريقه ومصلحته، بعيداً عن مصالح أصحاب النفوذ، وإلّا سيجعل من ذاته مجرّد فاتورة يدفع ثمنها من دمه لتحقيق أطماع الساعين للحكم، فاستمرار الوحدة لا تهمّه كشعب ولا يجني منها شيئاً، بقدر ما أن دفاعه عنها يعود بالفائدة على غيره من أصحاب النفوذ فقط. ونصيبه من الدفاع عنها تجرّعه مرارات الفُقر وسفك دماءه.
أتت العاصفة وبعثرت كل ما سعت له قوى النفوذ، والآن من خلال الحرب يُرِيدُون إعادة تشكيل مصالحهم. وطالما أن العاصفة سيفاً مسلّطاً على رقابهم فلن يتحقق لهم مرادهم.
شكراً للتحالف، فما بذلتموه من أموالكم ودمائكم لن يكون مطيّة لأحد، ولن تنتهي حربنا حتى يتحقق السبب الذي من أجله انطلقت العاصفة.